تحقيقات وتقارير

ما المقصود بالتلميحات الإسرائيلية بتوسيع اجتياح غزة؟.. ولماذا لا يوقف ترامب الحرب؟

ما المقصود بالتلميحات الإسرائيلية بتوسيع اجتياح غزة؟.. ولماذا لا يوقف ترامب الحرب؟

الناصره /وديع عواودة

 طبقًا لتسريبات صحافية إسرائيلية، انتهى اجتماع الكابنيت الإسرائيلي المصغّر، الليلة الفائتة، دون قرار حول مستقبل الحرب على غزة، فيما ينوي رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو اقتراح ضمّ مناطق من القطاع، في محاولة لإبقاء سموتريتش في الحكومة، بعدما احتج وغضب على إدخال مساعدات إنسانية للقطاع.

وحسب الإذاعة العبرية العامة، صباح اليوم الثلاثاء، فقد قدّم مندوب جيش الاحتلال خلال اجتماع الكابنيت المذكور خطة للمستوى السياسي تقضي بالتوغّل في مناطق جديدة لم يدخلها من قبل، ودفع المزيد من القوات البرية، وهذا ما ألحّ عليه سموتريتش، في منشوره أمس، في محاولة لتعليل قراره بعدم مغادرته الائتلاف الحاكم، على خلفية إدخال مساعدات لغزة التي سبق، وهدد بالانسحاب من الحكومة بحال دخلت.

 بن درور يميني: كل ظهور إعلامي لنتنياهو هو ضرر دعائي ودبلوماسي.. لكن المشكلة الحقيقية ليست في الماكينة الدعائية، بل في الواقع النازف

وتقول الإذاعة العبرية إن الجيش أعد أكثر من خطة في اجتماع الكابنيت، لكن هذا الأخير لم يتخذ قرارًا، وطلب من الجيش طرح خطط عسكرية جديدة، وربما يجتمع الكابنيت غدًا أو بعد غد من جديد.

يُشار إلى أن صحيفة “هآرتس” كانت قد كشفت، أمس، عن مخطّط لتقطيع أوصال القطاع وضمّ مناطق منه.

وتساءلت الإذاعة العبرية: هل رغب نتنياهو في تهدئة بن غفير وسموتريتش، أم فعلاً هناك نيّة للبحث عن طريق عسكري جديد بعد فشل “عربات جدعون” حتى الآن، ولتوسيع الاجتياح البري، رغم أنه يراوح في المكان، والخسائر في صفوفه مستمرة، وتسونامي الانتقادات العالمية ضد إسرائيل يتصاعد؟

انتقادات خارجية وداخلية

وحاليًا، وأمام استمرار المذبحة وجرائم التجويع المستمرة داخل غزة، رغم الثرثرة حول إدخال معونات برًا وجوًا، تتفاقم الأزمة الدبلوماسية التي تكابدها إسرائيل بشكل غير مسبوق منذ قيامها غداة نكبة 1948.

وحتى الرئيس الأمريكي أقدم، أمس، على تكذيب نتنياهو بقوله إنه يرى صورًا لأطفال جوعى في القطاع لا يمكن تزييفها. جاء ذلك بعد إطلالات إعلامية بالإنكليزية لنتنياهو، في الأمس، نفى فيها وجود تجويع من جهة، وأعلن من جهة أخرى “مواصلة إسرائيل التعاون مع جهات دولية من أجل إدخال معونات إنسانية كبيرة للقطاع”، ما يدفع للتساؤل: إذا كانت المجاعة “مفبركة” بعد أربعة شهور من الحصار والحرمان، فلماذا تدخل حكومة الاحتلال هذه المعونات الآن؟

على خلفية الانتقادات الدولية المتفاقمة ضد إسرائيل، حمل رئيس المعارضة لبيد على حكومة الاحتلال، وقال إنها فشلت في الحرب وورّطت إسرائيل في طريق مسدود، داعيًا لوقف الحرب واستعادة كل المحتجزين.

وتبعه اليوم أيضًا عدد كبير من المراقبين والمحللين الإسرائيليين ممن صعّدوا الهجمة ضد نتنياهو وحكومته، فقال المعلق البارز في صحيفة “هآرتس”، نير حسون، إن 147 غزيًا قتلوا بالتجويع حتى الآن بسبب بلادة إحساس وغباء حكومة نتنياهو.

وقال محرر الشؤون الاقتصادية في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، نحاميا شطرسلر، إن نتنياهو هو رئيس الوزراء الأسوأ في التاريخ، وتساءل زميله المعلق السياسي في الصحيفة، بن درور يميني: ماذا حدث للعبقري؟

ويقول يميني إن كل ظهور إعلامي لنتنياهو هو ضرر دعائي ودبلوماسي. ويضيف: “الناطق بلسان إسرائيل الأكثر فصاحة مع الإعلام الدولي لا ينجح اليوم في مواجهة الحالة التي وصلنا إليها. لكن المشكلة الحقيقية ليست في الماكينة الدعائية، بل في الواقع النازف”.

احتمالات الصفقة

وفي التزامن، تنقل مصادر إعلامية عبرية عن مصادر في إسرائيل ولدى الوسطاء تفاؤلها بتحقيق صفقة جزئية على أساس مقترح يتم التوصل إليه قريبًا، لأن الفجوات بين الطرفين صغيرة. بيد أن هذا التفاؤل لا يوجد ما يبرّره على أرض الواقع، في ظل عناد نتنياهو وتصميمه على صفقة جزئية فقط، وعلى عدم إنهاء هذه الحرب على غزة.

نتنياهو غير معني بأي خطوة تنهي الحرب وتبقي “حماس” في الصورة، فهذا البقاء يعني بالنسبة له خسارة الحرب، ومثله مثل المقامر في الكازينو الذي خسر الكثير فيحاول إنقاذ وتعويض نفسه فيغرق أكثر فأكثر، وعلى الطريق تغرق غزة بدماء نسائها وأطفالها.

من جهتها، تواجه “حماس” خيارات صعبة في ظل حالة الخذلان والتواطؤ لدى معظم الدول العربية، وفي ظل المذبحة المستمرة ساعة بساعة، وتتعرض لضغوط داخلية هائلة لوقف النزيف والموت.

وفي المقابل، تبدو كابتلاع جرعة سم أن تقبل بهدنة دون ضمانات، تمكّن الاحتلال من معاودة الحرب حتى الإجهاز عليها.

وعن ذلك قال مسؤول ملف المفقودين والأسرى في الموساد سابقًا، رامي إرا، في حديث للقناة 12 العبرية قبل أيام، إن مثل إسرائيل و”حماس” وتهديد الأولى للثانية بالحرب والتدمير، مثله مثل بائع بيت لشخص آخر، فيقول له قبيل توقيع العقد: “حالما أسدد لك ثمن البيت، سأقتلك وأسرق النقود المدفوعة ثمن البيت”.

خطة نتنياهو

وهذه النوايا المبيتة تدفع محرر صحيفة “هآرتس”، ألوف بن، للقول، في مقال اليوم الثلاثاء، إن نتنياهو، وبخلاف المزاعم بأنه لا يملك إستراتيجية، فإنه يمتلك خطة تقضي ببناء حكم دكتاتوري دون كوابح من جهة، وتدمير وتهجير المجتمع الفلسطيني في غزة كعقاب على 7 أكتوبر.

ويضيف بن: “في الطريق، يستخدم نتنياهو سموتريتش وبن غفير غطاء، ولذا هناك عمليات تهجير في الضفة الغربية أيضًا، بالتزامن ووفقًا لذات الخطة”.

ويتفق معه محلل الشؤون الاستخباراتية في “يديعوت أحرونوت” وصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، رونين بيرغمان، الذي يقول، اليوم، ضمن مقاله، إن الفجوات في المفاوضات صغيرة، وكان بالإمكان إحراز اتفاق، لكن المشكلة أن “حماس” مشغولة بالخصومة مع دول عربية لا تسعف غزة حقًا، ولأن نتنياهو كعادته يبدو معنيًا بصفقة جزئية، لكنه غير معني بإنهاء الحرب.

الضغوط الأوروبية

وهنا يحضر السؤال: ماذا مع ترامب الذي كذّب نتنياهو كما ذُكر؟ ولماذا لا يفرمِله وهو معني بصفقة أكبر، إقليمية؟

نتنياهو مثل المقامر في الكازينو الذي خسر الكثير، فيحاول إنقاذ نفسه فيغرق أكثر فأكثر، وعلى الطريق تغرق غزة بدماء نسائها وأطفالها

عن ذلك تقول الصحافية الخبيرة بالعلاقات الإسرائيلية-الأمريكية في “يديعوت أحرونوت”، أورلي أزولاي، إن هناك جملة أسباب خلف لامبالاة وتردد ترامب، أولها عدم وجود ضغوط عربية عليه، إلى جانب حسابات المال والأعمال.

وتقول أزولاي: “لو رغب ترامب في دفع نتنياهو لإنهاء الحرب، واستعادة المخطوفين ووقف التدمير، لفعل ذلك بمجرد قوله “كفى”! … هذه لا مبالاة ترامب، والسبب عدم وجود ضغوط عليه، علاوة على ضغوط شركات السلاح الأمريكية وأثرياء الحرب أصدقاء ترامب. ترامب جيد لنتنياهو... وليس لإسرائيل ولا ليهود العالم”.

وتتقاطع معها رؤية المحلل السياسي للقناة 13 العبرية، رافيف دروكر، الذي قال إن الدول العربية المعنية لا تكترث بموضوع إنهاء الحرب، ولذا لا تمارس ضغوطًا على البيت الأبيض.

وتعليقًا على خطاب السيسي الذي حاول تبرير عدم تدخل مصر لفتح معبر رفح واستنكافه عن إدخال ماء ودواء لغزة، قال إن “خبايا العلاقات السرية بين إسرائيل ومصر مدهشة، وإن رئيسها عبد الفتاح السيسي يبدي مواقف غير معلنة تفاجئ حتى اليمين الصهيوني”، مرجحًا أنه ينطلق من كون “حماس” غصنًا من شجرة “الإخوان المسلمين”، العدوة الأولى بالنسبة له، وقبل إسرائيل.

أما الضغوط الأوروبية المتزايدة، فهي الأخرى تُقابل بلا مبالاة من جهة إسرائيل، ليس لأنها لا تتجاوز الأقوال في معظم الحالات فحسب، بل كونها مسكونة بنفسية “البنت المدللة” المستفيدة من عقدة الذنب ومن الدعم الأمريكي، وهو الأهم بالنسبة لها.

التصريحات الأوروبية المؤيدة لدولة فلسطينية ومؤتمر نيويورك الداعم لحل الدولتين، بمبادرة فرنسا والسعودية، وبمساندة 125 دولة أخرى، تضيّق الخناق على إسرائيل، وتلحق بها خسائر معنوية هامة، لكن هذه غير كافية لدرجة إلزامها بوقف حرب الإبادة في غزة.

– “القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب