مقالات
عبثية المساعدات الجوية بقلم الاستاذ الدكتور خضر توفيق خضر -استاذ جامعي -غزة –
بقلم الاستاذ الدكتور خضر توفيق خضر -استاذ جامعي -غزة -

عبثية المساعدات الجوية
بقلم الاستاذ الدكتور خضر توفيق خضر -استاذ جامعي -غزة –
ازْدَادَتْ خلال الأيام السابقة ، وبِشكلٍ غيرِ مسبُوقٍ، عمليَّاتُ الإِنزَالِ الجوِّيِّ للمساعَدَاتِ الإِنْسَانِيَّةِ Airdropping Aids على بعضِ أماكِنِ تجمُّعاتِ النَّازحينَ، وذلكَ بِمُشاركةِ العَديدِ من الدُّولِ العربيَّةِ والأُوروبِّيَّةِ، مع إقرارِهم مسبقًا أنَّ هذهِ الإنزالَاتِ ما هي إِلّا ذرٌّ للرَّمادِ في العيونِ، ولا تفي بحاجةِ المجوعينَ، ولا تَصلُ إلى غَالِبِيَّةِ السُّكَّانِ في قطاعِ غَزَّةَ.
تاريخيًّا، عُرفَ الإِنْزَالُ الجَوِّيُّ أَنَّهُ نَوعٌ من النَّقلِ الجَوِّيِّ، ظَهرَ خلالَ الحَربِ العالميَّةِ الثَّانيةِ بِهدفِ إِمدادِ القُوَّاتِ التي تقطَّعت بها السُّبلُ، وتعذَّرَ الوصولُ إليها. وعادةً ما كانت تُستَخدَمُ هذه العمليّاتُ في حلِّ قَضايَا الكوارثِ الإنسانيَّةِ لِلمناطقِ المنكُوبةِ التي يَصعبُ الوصولُ إليهَا، وكذلكَ للحيواناتِ البرِّيَّةِ المُهدَّدةِ بالانقراضِ – أَجَلَّكُمُ اللهُ.
الواقعُ والحالُ في غَزَّةَ مُختلفٌ تَمَامًا، كارثَةٌ إنْسَانِيَّةٌ، ارتكبهَا الِاحْتِلَالُ دون حسيبٍ أو رقِيبٍ، حيثُ يتمُّ تجويعُ النَّاسِ وبشكلٍ منظَّمٍ ومدروسٍ، إلى أنْ وَصلَ لنسبةِ السُّعُراتِ الحَرَارِيَّةِ calories، التي يحتاجُهَا الفَردُ الغَزَّاوِيُّ للبقاءِ حَيًّا على قَيدِ الحَيَاةِ، هزيلًا لا يَقوَى على مُمارسةِ أعمَالِهِ اليَومِيَّةِ.
عَمَلِيَّةُ إسقاطِ المساعداتِ الجَوِّيَّةِ مُكْلِفةٌ للغايةِ، ومَحفُوفةٌ بالمخاطرِ، وغيرُ كافيةٍ لسدِّ رمقِ الجوعى من النَّاسِ، ولا تَصِلُ إلى مُستَحِقِّيهَا من العامَّةِ، جُزءٌ يَلتقِفُهُ اللُّصوصُ looters، والجُزءُ الآخرُ يَنزِلُ دون تَقدِيرٍ للموقعِ، إمَّا في البحرِ، أو في الأماكنِ القريبةِ من جُنودِ الاحتلالِ.
نَاهِيكَ عمَّا تَحمِلُهُ من مخاطرَ جَمَّةٍ على حياة النَّاس، حين تسيرُها الرِّياحُ وينحرفُ المسارُ باتِّجَاهِ مُخيَّماتِ النُّزُوحِ، أو على ما تبقَّى من بُيوتٍ، وإيقاعِ خسائرَ فادحةٍ في الأَرواحِ.
وهذهِ مَشَاهِدَ استعراضيَّةً show scenes كإجراءٍ دعائِيٍّ مضلِّلٍ لِحرفِ البُوصلةِ عن سياسةِ التَّجويعِ المُمنهجةِ. ما يُريدُه المجتمع الغزيّ، وقفًا للحربِ، وفَتْحًا للمعابرِ وبشكلٍ رسميٍّ، ودون مُواربةٍ، والسَّماحَ بدُخُولِ عددٍ أكثرَ من الشَّاحناتِ وبشكلٍ طبيعيٍّ، لتلبيةِ حاجيَّاتِ العباد.
في النِّهَايَةِ، يبدُو أنَّ دول العالمِ العَرَبِيِّ والأُورُوبِّيِّ – قَليلَةُ حيلةٍ – أَمَامَ صلفِ الاحتلالِ، ففي سِياقٍ سياسِيٍّ وإنسانيٍّ، لا تُقدِّمُ شيئًا أكثرَ من المُتاحِ.
النَّاسُ هُنا بحاجةٍ إلى عدالةٍ في التَّوزيعِ عبرَ المُنَظَّمَاتِ الأُمَمِيَّةِ، وفي مُقدمتها الأُونرُوا UNRWA.
“رِيحَةُ البِرِّ ولا عَدَمُهُ.”
أ.د. خضر توفيق خضر
2/8/2025