«الأخبار» تنشر بنود الردّ الأميركي: صراع أولويات أمام الحكومة: ورقة لبنان أم ورقة برّاك؟

«الأخبار» تنشر بنود الردّ الأميركي: صراع أولويات أمام الحكومة: ورقة لبنان أم ورقة برّاك؟
يقف لبنان اليوم، أمام لحظة مفصلية في تاريخه السياسي. ويمكن اعتبار جلسة مجلس الوزراء اليوم، التي ستُعقد في بعبدا، أنها أكثر نقاط التحدّي حيال ملف السيادة الوطنية، خصوصاً أن أهل الحكم، أظهروا بشكل لا لبس فيه، خضوعهم التام لرغبات الوصاية الخارجية، الأميركية والسعودية، والتي لا تعمل إلا لتحقيق المصلحة الإسرائيلية. بينما تكثّفت الاتصالات محاوِلةً اجتراح صيغ توافقية إنقاذية لئلّا تنزلق البلاد إلى الفوضى الكاملة، مع بقاء الخلاف حول أيّهما أولاً: ورقة المبعوث الأميركي توماس برّاك أم ورقة لبنان؟
السؤال فرض نفسه على القوى السياسية، بعد أن تلقّى رئيس مجلس النواب نبيه برّي مساء الجمعة الماضي الردّ الأميركي الرسمي والنهائي على ردّ لبنان، وفقَ قاعدة أن «لا تعديل عليها ولا نقاش فيها، فإمّا الأخذ بها أو على لبنان تحمّل المسؤولية». وكشفت مصادر بارزة لـ«الأخبار» أن ورقة برّاك «تحمل نفس مبادئ الورقة اللبنانية ولكنها ترتّب البنود بالمقلوب. فهي أعطت بند نزع السلاح الأولوية على أيّ بند آخر»، وقدّمت أمرين: الأول، نزع السلاح واعتبار ذلك شرطاً ومدخلاً لأي أمر آخر، ثم البدء بمفاوضات مع العدو الإسرائيلي برعاية الدول الضامنة، لحل النقاط المُتنازع عليها وترسيم الحدود مع إسرائيل، وكذلك مع سوريا»، وبعدَ ذلك يأتي الكلام عن وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، وانسحاب العدو من النقاط التي يحتلها في الجنوب وإطلاق سراح الأسرى وإعادة الإعمار ومساعدة لبنان للخروج من أزمته الاقتصادية». وبإزاء تسليمِ برّاك هذه الورقة عشية جلسة الحكومة، وجد لبنان نفسه أمام سرديّتين: واحدة تحدّث عنها رئيس الجمهورية جوزيف عون في ذكرى عيد الجيش يقارب فيها البيان الوزاري، وأخرى يفرض فيها الجانب الأميركي التقيّد بجدول يراعي المصلحة الإسرائيلية من خارج الاتفاق الذي التزم به لبنان والتزمت به المقاومة. فما الجدول الذي ستناقشه الحكومة اليوم؟ أهو جدول لبنان أم الجدول الأميركي الذي ينسف كلّ الجهود؟
ورقة برّاك تضمّنت بنود الورقة اللبنانية لكن بالمقلوب
حتى مساء يوم أمس، لم تتوفّر أي إجابة على هذا الصعيد، لكنّ التواصل السياسي كانَ مفتوحاً في ظل جو إعلامي ضاغط وتهويلي، يتولاه الخارج وتحديداً المملكة العربية السعودية. وفي هذا السياق، قالَ مطّلعون إن «حزب الله وحركة أمل، ومن خلال لقاءات عُقدت بعيداً من الإعلام مع رئيس الجمهورية ومع رئيس الحكومة نواف سلام التقطا إشارات بعدم وجود توجّه لفرض مهل زمنية بل سيكون هناك تأكيد على ما تضمّنه البيان الوزاري لجهة التأكيد على حصرية السلاح في يد الدولة».
وقال هؤلاء إن «صيغاً عدة مطروحة على الطاولة، تستهدف خفض منسوب التوتّر في البلد من بينها نقل الملف إلى المجلس الأعلى للدفاع، لكنها صيغة حذّر البعض رئيس الجمهورية منها لعدة أسباب، منها أن هذا الأمر سيجعل المسؤولية تقع على عاتق عون وحده وتسحب هامش المناورة، خصوصاً أن الأمر سيكون في عهدة ضباط الجيش، ما يفقد لبنان ورقة ضغط لأن الملف سيفقد إطاره السياسي، أما الاقتراح الثاني فيتحدّث عن تأليف لجنة عسكرية تدرس الملف وتحدّد آلية تنفيذه مع تحديد المهل ومن ثم تعيده إلى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار، ويكون لبنان بذلك قد سحب فتيل التفجير وكسب مزيداً من الوقت.
وقد تركّزت الاتصالات في الساعات الأخيرة في اتجاهين، واحد بين الرؤساء الثلاثة لبلوغ صيغة وسطية تراعي جميع الأطراف، وآخر بين بعبدا وحارة حريك، وعلمت «الأخبار» أن مقرّبين من عون التقوا مسؤولين في الحزب وناقشوا معاً السيناريوات المطروحة، مع البحث في ما يُمكن أن تصل إليه النقاشات داخل الجلسة اليوم وعدم حصول ردات فعل تؤدّي إلى انسحاب الثنائي أو حتى من قبل الأطراف المناهضين لحزب الله في حال رفضوا أنصاف الحلول. وأشارت المعطيات المتوافرة إلى أن وزراء الثنائي سيحضرون الجلسة، باستثناء وزيري المال والعمل الموجوديْن خارج البلاد، علماً أن الاتصالات لم تبقَ محصورة في هذين الخطين، إنما النقاش توسّع ليطاول شخصيات سياسية ورؤساء حكومات سابقين من بينهم الرئيس نجيب ميقاتي، وكان هناك تأكيد على أن «اللغة فضفاضة ومن السهل التوصل الى صيغ تزاوج بين مقتضيات السيادة ومتطلّبات الأمن الوطني، فيما يستعد كل طرف لطرح وجهة نظره أمام طاولة مجلس الوزراء». مع ذلك، بقيت الهواجس قائمة من أن تكون الجلسة بحدّ ذاتها استدراجاً لفخ يأخذ الثنائي لاتخاذ قرار وفق توقيت ملزم تحت الضغط، ومن ثم يُستتبع ذلك بضغط أكبر لتنفيذه، خصوصاً أن حزبَي «القوات» و«الكتائب» يدعمان إقرار جدول زمني، فيما تقول مصادر وليد جنبلاط إنه «يلتزم بالخط الحواري مع الرؤساء مع التمسّك بمضمون خطاب القسم والبيان الوزاري».
الجنرال: أميركا تريد السيطرة على ساحلَي سوريا ولبنان
عشية الجلسة الحكومية المخصّصة للبحث في سلاح المقاومة، زار وفد من حزب الله، ضمّ النائبين علي فياض ورائد برو ومسؤول العلاقات المسيحية محمد الخنسا، الرئيس السابق العماد ميشال عون في منزله بالرابية، للتشاور معه في الأوضاع الراهنة وعرض وجهات النظر حيال المستجدات ولا سيما تطبيق مندرجات اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال مطّلعون على اللقاء إن «وفد الحزب أكّد الالتزام بالقرار 1701، وتنفيذ ما هو مطلوب منه، بينما لم يلتزم العدو الإسرائيلي بأي شيء». وأبلغ الوفد «الجنرال» أن «الفترة الماضية كرّست حقيقة أن الأطراف التي يقال عنها بأنها ضمانة لم تكن كذلك، وهي لم تلتزم بتقديم أي ضمانات مقابل طرح نزع السلاح فمن يضمن ما الذي سيفعله العدو في حال تسليم السلاح؟»، كما أكّد الوفد على «الثوابت التي وضعها رئيس الجمهورية الحالي جوزيف عون، لجهة الانسحاب الإسرائيلي وتحرير الأسرى ووقف العمليات العسكرية والسماح للبنان بإعادة الإعمار، أمّا نزع السلاح فهو شأن لبناني يحتاج إلى حوار واستراتيجية تحمي لبنان في ظل المخاطر المُحدِقة به، ليس فقط من حدوده الجنوبية، إنما أيضاً من الحدود الشرقية، والدليل ما جرى في مناطق سوريّة متعددة».
وأضاف المطّلعون أن «التطورات في سوريا وما حصل في السويداء، وامتداداتها في بعض المناطق اللبنانية ولا سيما في الشمال، كانَت كلها محط نقاش في اللقاء، وكان هناك توافق على أنها تشكّل قلقاً وهي غير مطمئنة»، حيث أكّد الرئيس عون، أن «موضوع السلاح شأن حزب الله وهو يعرف كيف سيتعامل مع هذا الأمر»، وتحدّث بشكل عام عن «طرف ظالم يمارس ظلمه في المنطقة كلها»، كما تحدّث عن أن «العدو الإسرائيلي يملك تفوّقاً جوياً وهو قد يلجأ إلى العدوان الجوي كبديل عن أي خيار آخر، لعلمه أن المقاومة متفوّقة في البر وهو ربّما لن يعطيها هذه الورقة»، كذلك لفت إلى معلومات لديه عن «سعي أميركي للسيطرة على الساحليْن اللبناني والسوري، ومنع أي وجود لطرف آخر وذلك للاستفادة من الثروات الموجودة في البحر».
الاخبار اللبنانية