فلسطين

انقسام إسرائيلي متعمّق حول الاحتلال | نتنياهو يناور: الحرب خياري

انقسام إسرائيلي متعمّق حول الاحتلال | نتنياهو يناور: الحرب خياري

يناور نتنياهو لتبرير توسيع الحرب واحتلال غزة وسط انقسام داخلي وضغوط دولية، متمسّكاً بخيار الحسم رغم تعثّر الأهداف وتفاقم الأزمة الإنسانية.

عقد رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، أمس، مؤتمرَيْن صحافيَّيْن، واحد لوسائل الإعلام الأجنبية، وآخر لتلك المحلية، في ظل ما وصفه بـ«تسونامي دبلوماسي غير مسبوق ضدّ إسرائيل» على خلفية قرار «الكابينت» توسيع الحرب على غزة، واحتلال كامل القطاع، وفي خضمّ تحركات دولية متسارعة للاعتراف بالدولة الفلسطينية في أيلول/ سبتمبر المقبل. وأظهر اعتناء نتنياهو بتوضيح مسائل جوهرية في مسار الحرب وما حقّقته وما هي مقبلة عليه، حجم الضغوط التي يعانيها وحكومته، وسط العجز عن إخضاع حركة «حماس»، وتحقيق «النصر الكامل».

وفي مستهلّ كلمته، زعم نتنياهو أن «حماس» ما زالت تحتفظ بآلاف المقاتلين في غزة، وتريد «تكرار أحداث 7 أكتوبر مراراً»، مدّعياً بأنها «تستعبد سكان القطاع وتنهب المساعدات وتطلق النار على من يحاول الانتقال إلى مناطق آمنة». وزعم أن هدفه «ليس احتلال القطاع بل تحريره»، مضيفاً أن الحرب يمكن أن تنتهي «غداً» إذا ألقت «حماس» سلاحها وأطلقت سراح الأسرى. ثم عرض ما عدّها مبادئ لإنهاء الحرب، أبرزها: نزع سلاح غزة، تحمّل إسرائيل مسؤولية الأمن في القطاع، إقامة مناطق عازلة على الحدود، وإقامة إدارة مدنية بديلة «تعيش بسلام مع إسرائيل» ولا تحرّض على ما سمّاه «الإرهاب» ولا تموّله، مشدّداً على أن هذه الإدارة لن تكون «حماس» ولا السلطة الفلسطينية.

وأضاف نتنياهو أنه «بما أن حماس ترفض نزع سلاحها، فلا خيار أمامنا سوى إتمام المهمة وتحقيق هزيمتها»، مشيراً إلى أن 75% من مساحة غزة باتت تحت سيطرة جيش الاحتلال، ولم يتبقَّ سوى معقلين: مدينة غزة والمخيمات الوسطى ومنطقة المواصي جنوباً. وأكّد أن الكابينت وجّه الجيش بـ«تحييد» هذين المعقلين، واعتبر ذلك «أفضل طريق لإنهاء الحرب بسرعة»، على الرغم من الانتقادات الموجّهة إلى خطته. كما حاول نتنياهو جاهداً نفي تهم التجويع عن إسرائيل، وادّعى بإدخال مليوني طن من المساعدات إلى غزة منذ بدء الحرب، قائلاً: «لا أعرف جيشاً آخر سمح بكمية كهذه في منطقة حرب».

وعن قرار ألمانيا وقف تزويد الكيان الإسرائيلي بذخائر يمكن استخدامها في غزة، قال إنه يحترم المستشار فريدريش مرتس، لكنه اعتبر أن الأخير «رضخ لضغوط إعلامية زائفة»، زاعماً أن إسرائيل ستنتصر «بدعم الآخرين أو من دونهم». وأضاف أن بعض القادة الأوروبيين «يوافقونه سراً، لكنهم يخشون مواجهة الرأي العام»، معترفاً بأن الكيان «لم يربح معركة الوعي» عالمياً بسبب «قوى إلكترونية وخوارزميات معادية».

وفي ختام المؤتمر، هاجم نتنياهو موجة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، متّهماً الفلسطينيين برفض كل العروض منذ عام 1947، واعتبر أن «حماس» ستكرر الهجوم على الكيان إذا لم تُهزم. وعلى إثر ذلك، أصدر «مقر عائلات المخطوفين» بياناً وصف فيه تصريحات نتنياهو بـ«الاستعراضية»، مطالباً بإعلان التزام واضح وصارم بإعادة جميع المخطوفين عبر صفقة شاملة وإنهاء الحرب. كما أشار إلى أن 80% من الإسرائيليين يؤيّدون هذا المسار، رافضاً ما وصفوه بـ«المماطلة السياسية» للحكومة.

اعتبرت «القناة 12» أن الحكومة أهدرت ثلاث فرص لإنهاء الحرب بشروط أفضل

وجاءت هذه التطورات في وقت عقد فيه مجلس الأمن الدولي جلسة خاصة لبحث قرار «الكابينت» توسيع القتال و«احتلال مدينة غزة». واعتبرت السفيرة الأميركية بالإنابة، دوروثي شيا، أن الجلسة «تقوّض جهود إطلاق الرهائن»، في حين كرّر السفير الإسرائيلي، دان دانون، موقف الاحتلال الرافض لوقف العمليات العسكرية قبل إعادة الأسرى.

وفي الكيان، أظهرت التحليلات انقساماً حاداً حول خطة الاحتلال الكامل لقطاع غزة؛ إذ كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الجيش يتبنّى تقدّماً بطيئاً لتفادي المساس بمناطق وجود الأسرى، وأن نتنياهو حدّد 7 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، موعداً نهائياً لإخلاء مدينة غزة قبل الهجوم، مشيرة إلى أن ذلك أثار شكوكاً في دوافع سياسية ودعائية لدى نتنياهو، وأن هذه المهلة قد تمنحه فرصة أخيرة للتوصل إلى صفقة تبادل توقف العملية. ولفت موقع «واللا»، من جهته، إلى أن تأجيل البدء بالهجوم يتيح إعادة تأهيل القوات والبنية التحتية العسكرية، ويخلق «ظروف تفاوض أفضل» قبل الحسم العسكري، وسط ضغوط أميركية وقطرية ومصرية متزايدة لمنع الاجتياح.

أما «القناة 12» فاعتبرت أن الحكومة أهدرت ثلاث فرص لإنهاء الحرب بشروط أفضل، بعد ما وصفتها بالإنجازات ضد «حزب الله» وإيران وفي ذروة عملية «مركبات جدعون»، مضيفة أن خيار «الانتصار الكامل» أبعد إسرائيل عن الحسم وأفقدها أوراق الضغط، في ظل الأزمة الإنسانية وموجة الاعتراف بالدولة الفلسطينية. ورأت أن «الاحتلال الكامل سيعقّد استعادة الأسرى ويحوّل القوات إلى هدف يومي، بينما تميل المؤسسة الأمنية إلى خيار الحصار والعمليات الموضعية بدل الغزو الشامل».

وعلى الرغم من تمسك نتنياهو بخطته تلك، إلا أن ذلك لا يبدو كفيلاً بإرضاء حلفائه من اليمين المتطرف؛ إذ نقلت «هيئة البث الإسرائيلية»، مساء أمس، عن وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، «(أنني) لن أكون في الحكومة إذا توقفت الحرب». وأضاف سموتريتش: «لا أضع إنذاراً نهائياً لنتنياهو، فهذه ليست طريقتي، لكن عليه تقديم أجوبة للجمهور».

كما نقلت الهيئة عن وزير «الأمن القومي»، إيتمار بن غفير، «(أنني) تحدثت مع نتنياهو عن خطة أكبر بكثير بشأن غزة، ثم نبدأ بتشجيع الهجرة»، وأنه «يجب مراقبة نتنياهو، فقد انقلب بعد أن وعد بالحسم في غزة، والحل بيد سموتريتش». أما المتحدث باسم الجيش فأقرّ بـ«(أننا) لم نفكك حماس بشكل كامل، والجيش سيفعل ما يؤمر به»، مشدداً على أنه «يجب بحث تداعيات احتلال غزة وعرضها على القيادة السياسية لاتخاذ القرار»، مشيراً إلى «(أننا) لم نخطط لحملة طويلة كالتي نخوضها في غزة، وقد اعتدنا على الحملات القصيرة».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب