معركة الوعي تبدأ بمقاطعة الإعلام الإبراهيمي

معركة الوعي تبدأ بمقاطعة الإعلام الإبراهيمي
أطلقت حركة «قاطع/ قاوم» حملةً جديدة تحت شعار «قاطعوا وسائل الإعلام العربية المتصهينة»، كدعوة صريحة لمواجهة القنوات والمنصات التي تحوّلت إلى أبواق دعائية للاحتلال الإسرائيلي

ترزح المنطقة منذ أشهر طويلة تحت وطأة ماكينة القتل الإسرائيلية، ولكنّ استهدافها الأخير لأنس الشريف وزملائه الصحافيين في قطاع غزة ـــ رغم أنّه ليس الأوّل ــــ يعدّ محطّةً جديدة تؤكّد محورية المعركة الإعلامية، التي لا تقلّ أهميّة عن الصمود الميداني.
على مدى حوالى ثمانين عاماً من إسكات القضية الفلسطينية، لم يكن الرصاص والقنابل يشكّلان الخطر الحقيقي على معركة الوعي وكسر إرادة لشعوب المنطقة الساعية نحو التحرّر، إنّما الحملة الواسعة لوسائل الإعلام العربية المتصهينة.
أبواق الاحتلال الدعائية
انطلاقاً من هنا، تتزايد دعوات الناشطين لمواكبة الحرب الوجودية التي تُشنّ ضد الشعوب المقاومة. وفي هذا الإطار، أطلقت حركة «قاطع/ قاوم» حملةً جديدة تحت شعار «قاطعوا وسائل الإعلام العربية المتصهينة»، كدعوة صريحة لمواجهة القنوات والمنصات التي تحوّلت إلى أبواق دعائية للاحتلال الإسرائيلي، أو إلى أدوات في تبرير جرائمه ضد الشعوب العربية، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني.
البيان دعا الجمهور العربي إلى خطوات عملية تبدأ بإلغاء الاشتراكات بهذه القنوات، وحذف تطبيقاتها، والتوقف عن متابعة صفحاتها على مواقع التواصل، وعدم التفاعل مع منشوراتها، ورفض الظهور على شاشاتها، وصولاً إلى الإسهام في خفض نسب مشاهدتها، بما يشكل ضغطاً اقتصادياً وسياسياً على هذه المنابر.
الترويج للفتن الأهلية وترسيخ التطبيع
من جهة أخرى، لفتت الحملة إلى أنّ انحياز هذه القنوات ليس وليد اليوم، بل هو مسار ممتد منذ سنوات، بدأ مع الترويج للمذهبية السياسية ونشر العداء بين أبناء البلد الواحد، مروراً بالتعتيم على الجرائم الإسرائيلية في فلسطين المحتلة، وصولاً إلى شيطنة قادة المقاومة، وتقديم السردية الإسرائيلية كمصدر وحيد للخبر.
هذه الوظيفة، كما يصفها البيان، كانت دائماً جزءاً من عملية «غسل أدمغة» ممنهجة، تمهيداً لخلق بيئة ثقافية تتقبل اتفاقات التطبيع واتفاقات أبراهام، وتعتاد الاستسلام أمام المشاريع الاستعمارية.
وبحسب بيان الحملة، لم تكتفِ بعض القنوات بهذا الخطاب فحسب، إنّما تجاوزته للتحوّل إلى شريك مباشر في صناعة الرواية الإسرائيلية. على سبيل المثال، قدّمت قناة «إم. بي. سي» السعودية أعمالاً درامية وإنتاجات فنية تروّج للصورة الإسرائيلية عبر اللغة العربية، بينما وقّعت منصتها «شاهد» اتفاقات تعاون مع محطات إسرائيلية.
لا لتبرير الاعتداء على غزة ولبنان وسوريا ولا لتجريم المقاومة أو مساواتها بالاحتلال
أما قناة «العربية»، فقد كشفت القناة 11 الإسرائيلية في أيلول (سبتمبر) 2024 عن تعاونها المباشر مع «جيش» الاحتلال، عبر تزويدها بالأخبار والمضامين.
هذه المنابر، كما يؤكد القائمون على الحملة، تكرّر الخطاب الإسرائيلي دون أي مسافة نقدية، وتعيد إنتاج رواياته عن «وجود أسلحة» في المستشفيات أو المدارس المستهدفة، لتبرير قتل المدنيين والأطفال والمسعفين، وهو أسلوب يصفه البيان بأنه «تبييض كامل» لجرائم الاحتلال.
الصوت الفلسطيني أكثر استهدافاً من أي وقت مضى
الحملة لم تنطلق في فراغ، وتأتي على وقع استشهاد عشرات الصحافيين في غزة، آخرهم مراسل «الجزيرة» أنس الشريف ورفاقه، في ظل منع الاحتلال دخول الصحافة الدولية إلى القطاع، ما جعل الصوت الفلسطيني أكثر استهدافاً من أي وقت مضى.
من هنا، تقول الحملة إن المقاطعة هي شكل من أشكال المقاومة، و«انتصار للشهداء الصحافيين» عبر عزل المنابر التي تسهم في طمس الحقيقة أو قلبها رأساً على عقب.
«لا لتجميل القصف، لا لتبرير الاعتداء على غزة ولبنان وسوريا، لا لقتل الحقيقة والتعمية على القاتل، لا لتجريم المقاومة أو مساواتها بالاحتلال»، بهذه العبارات يختتم البيان دعوته، مؤكداً أنّ المعركة على الكلمة لا تقل خطورةً عن المعركة على الأرض، وأن الجمهور العربي يملك سلاحاً فعّالاً في يده: المقاطعة الواعية.