فلسطين

عودة «بدعة» القوات العربية: من «سينظّف» وراء إسرائيل؟

عودة «بدعة» القوات العربية: من «سينظّف» وراء إسرائيل؟

يواجه إحياء طرح «القوات العربية» لحكم غزة رفضاً عربياً واسعاً، وسط تمسّك هذه الدول بعدم التواطؤ مع الاحتلال أو تحمّل تبعات تهجير الفلسطينيين.

في حديث مع شبكة «فوكس نيوز»، قبيل موافقة مجلس وزراء العدو على قرار احتلال كامل قطاع غزة، زعم بنيامين نتنياهو أن إسرائيل لا تريد «الاحتفاظ بغزة، بل تسليمها للقوى العربية التي ستحكمها بشكل صحيح، ومن دون تهديدنا». ومن بين جميع الأكاذيب التي دأبت إسرائيل على تكرارها منذ بداية الحرب، تبدو فكرة «القوات العربية» التي ستحكم غزة «ما بعد (حماس)»، مستغربة بشكل خاص، ولا سيما أنّ أيّاً من الدول التي من المفترض أن تشارك في مثل هذه الخطة، لم تعلن، منذ بداية الحرب، موافقتها على ذلك.

لا بل إنه مع استمرار الإبادة، ترفض تلك الدول، بشكل متزايد، الظهور في مظهر المتواطئ في احتلال غزة وتهجير سكانها، تخوفاً، على الأرجح، من الغضب الشعبي المتزايد داخلها، جنباً إلى جنب «الخطر الوجودي» الذي سيكون محدقاً بعدد منها، في حال نجحت إسرائيل في تحقيق أهدافها، ولا سيما أن حكومة نتنياهو، الذي أبلغ العالم، أمس فقط، أنّه يشعر «أنّه في مهمة تاريخية وروحانية، وهو مرتبط روحانياً برؤية إسرائيل الكبرى»، لم تخفِ، منذ اللحظة الأولى، نيّتها تهجير سكان القطاع بعد تحويله إلى بقعة غير صالحة للعيش، معلنةً، مراراً، رفضها منح السلطة الفلسطينية أي دور في غزة ما بعد الحرب، على غرار ما تنشده الدول العربية.

وفي أعقاب عودة الحديث عن القوات العربية، حاولت وسائل إعلام غربية، خلال الأيام الماضية، التواصل مع ممثلين عن دول مثل البحرين والمغرب ومصر والإمارات للاستفسار عن موقفها، من دون أن تلقى أي تجاوب، ما دفعها إلى الاستنتاج أنّ هذا «الصمت هو تذكير بمدى عدم جدوى اقتراح نتنياهو بالنسبة إلى المنطقة».

ومن بين وسائل الإعلام تلك، نشرت صحيفة «بوليتيكو» الأميركية تقريراً جاء فيه أن «أيّاً من شركاء إسرائيل العرب لا يريدون المخاطرة بأن يُنظر إليهم في المنطقة باعتبارهم شركاء محتملين في جهود نتنياهو الحربية، أو ما هو أسوأ من ذلك، أن يتحملوا عبء حكم غزة المدمرة»، لافتاً إلى أن «الدول العربية تشعر بالقلق أيضاً من أن الاحتلال الإسرائيلي قد يمهد الطريق لمزيد من نزوح الفلسطينيين في القطاع، وربما طرد الفلسطينيين من غزة».

وفي حديث إلى «بوليتيكو»، تؤكد منى يعقوبيان، مسؤولة «برنامج الشرق الأوسط» في «مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية» في واشنطن، أن «تصريح نتنياهو يبدو وكأنه حلم بعيد المنال، لا سيما في حال كان يعتقد أنه بعد الاحتلال والمزيد من النزوح واحتمال تعميق الظروف الشبيهة بالمجاعة، أن ثمة دولة عربية مستعدة للتدخل وتحمل مسؤولية ذلك»، لافتةً إلى أن الوضع حالياً «أصبح أكثر خطورة، نظراً إلى التدهور الكبير الذي شهدته الظروف على الأرض، ومدى قلة ثقة الزعماء العرب في نتنياهو ونواياه النهائية».

وتؤكد دانا سترول، التي شغلت منصب نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط خلال إدارة جو بايدن، من جهتها، أن الدول العربية «لن تتولى توفير العنصر الأمني أو وضع الأحذية على الأرض في غزة، في غياب أي التزام واضح من إسرائيل بأن أي نوع من القوة المؤقتة سيؤدي في النهاية إلى تشكيل حكومة فلسطينية في المنطقة»، فيما «لم يقدم نتنياهو أيّاً من تلك الضمانات».

وفي أول ردّ على تعليقات نتنياهو حول تسليم غزة للقوات العربية، كانت وكالة «رويترز» قد نقلت، الأسبوع الماضي، عن مسؤول أردني قوله إن العرب «لن يدعموا إلا ما يتفق عليه الفلسطينيون ويقررونه»، وإن «الأمن في غزة يجب أن يتم عبر المؤسسات الفلسطينية الشرعية». كما أكد المسؤول أن الدول العربية «لن توافق على سياسات نتنياهو ولن تنظف الفوضى التي أحدثها».

وبصورة أعم، اقتصر حديث الدول العربية، في القمم والتصريحات الرسمية، حول أي دور محتمل لها بعد الحرب، على وضع خطط لإعادة الإعمار والتمويل، أو التوصل إلى حل سياسي لإنهاء الحرب، من دون الحديث، ولو عبر القنوات الخلفية، عن نيتها نشر أي قوات في القطاع. ورغم إعلان دول من مثل مصر والأردن والسعودية، و«جامعة الدول العربية»، جنباً إلى جنب 12 دولة أخرى، أواخر الشهر الماضي، دعم «مهمة أمنية دولية»، تكون وظيفتها المساعدة، لاحقاً، في نقل المسؤولية الأمنية إلى السلطة الفلسطينية، فإن «اللغة الصارمة» التي اعتمدتها تلك الدول في إدانة المقاومة الفلسطينية، لم تكن كافية لإقناع إسرائيل بالطرح المشار إليه، في ضوء اشتراط الأخيرة إنهاء الحرب بإنشاء إدارة «لا تكون بيد (حماس) ولا السلطة الفلسطينية».

أما المقترح الأحدث الذي جرى إعداده بالتنسيق بين قطر ومصر والولايات المتحدة، فما يزال غامضاً، خصوصًا لناحية حديثه عن انسحاب إسرائيلي من غزة تحت إشراف عربي – أميركي مشترك، فيما لا يُعلم إلى الآن موقف إسرائيل منه. والواقع أن هذه المحاولة الهادفة إلى إحداث خرق في جدار المطالب الإسرائيلية، ليست الأولى من نوعها؛ إذ إنه في آذار الماضي، وافق رؤساء دول ومسؤولون كبار من «جامعة الدول العربية» على المقترح المصري لخطة إعادة إعمار تدريجية لقطاع غزة، من شأنها إبقاء الفلسطينيين في القطاع، مع إبعاد «حماس» عن أي دور في الحكم فيه، وإعادة السلطة الفلسطينية إليه، وهو ما كان يهدف، آنذاك، إلى مواجهة مقترح ترامب لإخراج الفلسطينيين من غزة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب