عربي دولي

بين ضغوط أنقرة ورغبات واشنطن: الشرع يناور في وجه «قسد»

بين ضغوط أنقرة ورغبات واشنطن: الشرع يناور في وجه «قسد»

تصريحات الشرع عن تفاهم قائم مع «قسد» تعكس محاولة دمشق كسب الوقت تحت ضغط تركي ـ أميركي، فيما تستمر التحضيرات الميدانية لاحتمال هجوم واسع على الرقة ودير الزور.

بعد سريان حديث عن قرب إطلاق عملية عسكرية سورية، بدعم تركي، ضدّ مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، أطلّ الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، ليؤكد أن «التفاهم مع قسد قائم»، لكنه «يحتاج إلى وقت لتطبيقه». وخلال جلسة حوارية عقدها مع عدد من الوجهاء والأكاديميين في محافظة إدلب، قال الشرع إنّه «لأول مرة منذ 10 سنوات، يتم عقد اتفاق بين الحكومة وقسد بتوافق أميركي – تركي»، لافتاً إلى أن «أي اتفاق بدعم وتوافق هذا الرباعي، فإنه سيحصل ويتحقّق»، مضيفاً: «(إننا) نخوض مفاوضات دائمة مع «قسد»، وهناك توافق في عدة أمور، مع النقاش حول بعض التفاصيل».

ورأى أن «قسد تعبّر عن استعدادها لتطبيق اتفاق 10 آذار، لكن أحياناً تظهر منها إشارات معاكسة لما تقوله في المفاوضات والإعلام»، مذكّراً بأن «هناك مدة زمنية للاتفاق، وهو يسير في هذا الإطار الزمني». وإذ لفت إلى أن «كل الأطراف الدولية تدفع نحو الحل السلمي»، فهو عبّر عن تفاؤله بأن «الملف خلال بضعة أشهر سيُحلّ بشكل سلمي»، مشدّداً على أن «سوريا لن تتنازل عن ذرة تراب واحدة، مع حفظ حقوق الجميع، المنصوص عليها في القانون والدستور».

وتزامن حديث الشرع مع ما نقلته صحيفة «ذا ناشيونال نيوز» الإماراتية عن مصادر أمنية، من أن «القوات الحكومية تخطّط لشن هجوم واسع بحلول تشرين الأول، بهدف السيطرة على محافظتي الرقة ودير الزور»، وأن «قوة هجومية سورية، قوامها 50 ألف جندي، يتمّ تجميعها بالقرب من مدينة تدمر الصحراوية، ستجتاح الشمال وتستولي على المحافظتين بدعم من سكانها القبليين العرب، وسيتحرك أيضاً الوكلاء الأتراك شرق نهر الفرات بالقرب من سد تشرين». وأضافت الصحيفة أن «الهجوم لن يمضي قدماً من دون ضوء أخضر أميركي»، لافتة إلى أن «هناك مفتاحاً آخر يتمثّل في ضمان عدم تدخل إسرائيل التي قصفت دمشق الشهر الماضي لصدّ هجوم حكومي على عاصمة المحافظة الجنوبية، السويداء».

على أن تصريحات الشرع تعكس توجّهاً حكومياً نحو تحمّل الضغوط التركية، مقابل مجاراة رغبة الأميركيين والفرنسيين في منح اتفاق 10 آذار الوقت الكافي حتى نهاية العام الجاري، وذلك في محاولة لاستيعاب الضغوط المسلّطة على دمشق بعد أحداث السويداء والساحل. ومما يعزز هذا التوجه، حقيقة أن «قسد» تحتفظ حتى الآن بعلاقات جيدة مع واشنطن وباريس ولندن (شركائها في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش).

مع هذا، تستشعر «قسد» مساراً تصاعدياً في التحركات الحكومية على خطوط التماس، وهو ما يتجلى في الدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة في اتجاه محافظات حلب والرقة ودير الزور. ودفع ذلك «قسد» إلى إرسال تعزيزات مماثلة في اتجاه خطوط التماس ذاتها، وخاصة في الرقة ودير الزور، في ظل وجود خط دفاعي سابق في سد تشرين في ريف حلب الشمالي الشرقي.

وفي هذا الإطار، يؤكد مصدر ميداني، في حديثه إلى «الأخبار»، أنّ «قسد لمست تصعيداً ميدانياً من حكومة دمشق ضدّها، برز في محيط دير حافر في ريف حلب الشرقي، ما استدعى منها إصدار بيانات تحذيرية»، لكنه، في الوقت نفسه، يصف تصريحات الشرع الأخيرة بأنها «إيجابية». ويتوقّع أن «تسير دمشق أكثر فب اتجاه الموقف الدولي الداعم لفكرة التوافق مع قسد عبر الحوار والدبلوماسية»، مرجّحاً أن «تواصل تركيا ضغطها على دمشق لدفعها نحو استعجال العملية العسكرية، وهو ما يجعل من احتمالات اندلاع المواجهة ممكنة في أيّ لحظة».

ويكشف المصدر نفسه أن «قسد تستعدّ لتنظيم مؤتمر مماثل لمؤتمر المكوّنات في الحسكة، وذلك في محافظة الرقة، بهدف إعلان مبادئ دستورية بمشاركة مكوّنات سورية من الساحل والسويداء والمحافظات الأخرى»، لافتاً إلى أن هذا المسار يهدف إلى «الضغط على دمشق للنظر في مطالب إعادة النظر في الإعلان الدستوري، وطريقة تنفيذ انتخابات مجلس الشعب، وأهمية التخلي عن سياسة اللون الواحد، وتمثيل جميع المكوّنات في مختلف المحافل المحلية».

ويرى المصدر أن «إمكانية التوافق الوطني على آلية لإدارة البلاد بمشاركة مختلف أبنائها، لا تزال موجودة»، معتبراً أن «عقد مؤتمر للحوار الوطني بمشاركة مكوّنات سوريا وبرعاية أممية ودولية، يشكّل بداية لمسار وطني جامع يمكن البناء عليه في بناء سوريا جديدة وقوية».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب