الصحافه

حكومة نتنياهو تهاجمهم وأبواق الإعلام تقلل من تأثيرهم.. والمتظاهرون: هي البداية

حكومة نتنياهو تهاجمهم وأبواق الإعلام تقلل من تأثيرهم.. والمتظاهرون: هي البداية

لم يكن هذا يوم الاحتجاج الأكبر منذ اندلاع الحرب، لكنه كان من الأيام الإبداعية. أمس، خلق المتظاهرون خليطاً من العروض والأغاني والبيانات لوسائل الإعلام والتشويشات، وجروا خلفهم الجمهور، أما النقاشات في فستتواصل في مجموعات الاحتجاج على الفائدة مقابل المس بالجمهور. لكن كان لهذا اليوم هدف واحد رئيسي، وهو دعم العائلات كي نظهر لها بأن هناك غطاء خلف الدعوة الثابتة في المظاهرات، “نحن معكم، لستم وحدكم”. ثلاث أمهات – فيكي كوهين وعنات انغرست وليشي ميران لافي، دعون الجمهور للخروج من البيوت وجررن مصالح تجارية ومؤسسات وأكاديميين ونقابات عمال.
افتتح المتظاهرون الصباح أمام منازل الوزراء وأعضاء الائتلاف، وكانت الدعوة للصحوة واضحة تماماً في رد فعل السياسيين في الساعات التي تلت ذلك. سيغال منصوري، والدة رافيا ونورال، اللذين قتلا في نقطة الموت الدفاعية عندما هربا من حفلة “نوفا”، وصلت مع مئات المتظاهرين إلى بيت الوزير يوآف كيش، وزير التعليم الذي لا يحب التظاهر أمام منزله، تعود إسماع المتظاهرين موسيقى بصوت مرتفع. حاولت منصوري إلقاء كلمات على الجمهور على خلفية أغنية “على هذا كله”، لكن كان يصعب سماع أقوالها. “صباح الخير لوزير التعليم، ليتك تسمعني”، قالت. “أقف هذا الصباح لأزعجك. كنت أفضل البقاء في السرير وأحلم ببناتي الحبيبات”. على صوت الموسيقى العالية التي انطلقت من الساحة، حاولت منصوري مخاطبة قلب الوزير، جارها، وتذكيره ببناتها وبأيام الحداد عليهن، التي كلف نفسه خلالها عناء زيارتها.
اتضح بسرعة أن الاحتجاج يشغل الحكومة وأعضاء الحكومة أكثر من إعادة المخطوفين إلى البيت. وعند بداية إغلاق الشوارع في الصباح الباكر، نشر وزراء الحكومة سيلاً من الشتائم وقرروا بشكل حازم – قبل الساعة العاشرة – أن يوم الاحتجاج قد فشل. “الحملة، لم تتعالَ، والحمد لله”، كتب الوزير سموتريتش. أما عضو الكنيست المتهم بالاغتصاب حانوخ ملفتسكي فكتب: “إزعاج يدعم حماس”. الوزير عميحاي إلياهو، الذي صوت ضد صفقات التبادل، كتب أن “كل دعوة منهم لوقف القتال هي وجبة أوكسجين لحماس في الأنفاق”. عضو الكنيست أريئيل كلينر ذهب خطوة إلى الأمام، وغرد: “لم يسبق أن كان عدد كبير من أعضاء حماس مدانين بهذا القدر لهذا العدد القليل من الناس”.
تغريدات أعضاء الائتلاف المليئة بالسم، رافقت صور إغلاق الشوارع التي انتشرت مصباحاً في أرجاء البلاد. إلى جانب عشرات مفترقات الطرق التي امتلأت بالاحتجاجات المحلية، أغلق المتظاهرون أيضاً شرايين الحركة الرئيسية. خلال اليوم، عاد المتظاهرون إلى إغلاق مفترقات الطرق. وفي معظم أرجاء البلاد، خلافاً للسابق، لم تمارس الشرطة قوة كبيرة لإخلائهم. وفي “نتفيه أيالون” حاول رجال الشرطة الحفاظ على حركة متواصلة وعدم السماح بالإغلاق. ولكن لم ينجحوا في مواجهة تصميم المتظاهرين الذين أغلقوا هذا الشارع ست مرات على الأقل. في أحد الحواجز، أطولها، سار مئات المتظاهرون من روكح نحو طريق السلام، ونزلوا إلى الشارع بمجموعات تتكون من عشرات أو مئات الأشخاص. حاول معظم المتظاهرون طوال اليوم التملص من مواجهة القوات والحفاظ على جوهر الاحتجاج – مظاهرة تضامن ودعم للعائلات.
تم تكبير صور المخطوفين. مؤشر الاحتجاج الواضح، الذي -حسب الناجين من الأسر في غزة- لم يرتدِ الوجه الضاحك والجميل للمخطوفين، وظهر بدلاً منها صور من داخل أفلام حماس. وجه لروم بارسلفسكي الذي بدا مذعوراً، ونظرة لمتان سانغاوكر الباهتة، وعيون عمري ميران اليائسة، كلها باللون الأسود والأبيض، حملتها جموع المتظاهرين الذين ساروا في الجو الحار. فقاعات صغيرة ناتجة عن إلصاق الصورة على القبعة تظهر وكأنها تشبه العرق على جبين الرهائن. وبينما كان المتظاهرون يسيرون تحت أشعة الشمس على طرق الأسفلت، مستغلين كل بقعة ظل للاختباء تحتها، كان يصعب التفكير في كيفية تأقلم الرهائن مع حرارة آب في تلك اللحظة.
المتظاهرون تعرقوا في الحواجز على الشارع، لكن رئيس الحكومة نتنياهو تصبب عرقاً أيضاً. خلافاً لعادته الثابتة في إلقاء كلمات أمام المتظاهرين ومن خلالهم إلى القاعدة، ففي مساء يوم الاحتجاج، في الساعة الواحدة والنصف ظهراً، انضم نتنياهو للوزراء وأدان المتظاهرين. “الذين يطالبون الآن بإنهاء الحرب بدون هزيمة حماس”، أو بالعبرية البسيطة “اليساريون الانهزاميون” – “يجعلون حماس تتصلب في موقفها ويبعدون تحرير المخطوفين”، قال في بداية جلسة الحكومة. أمهات المخطوفين اللواتي دعون الجمهور إلى الخروج إلى الشوارع والانضمام إلى صرختهن، رددن على نتنياهو على الفور: “بيان رئيس الحكومة مثل لكمة في البطن”، قالت ياعيل آدار والدة تمير، الذي جثته محتجزة في غزة. “خلافاً للشعب الذي خرج اليوم من البيت وصرخ كفى”.
وكتبت عيناف سانغاوكر بعد نشر أقوال نتنياهو بأن “أقواله المسممة والمقطوعة عن الواقع تثبت مدى الضغط الذي تسببه له هذه المظاهرات. المتظاهرون هم الوزن المضاد لسموتريتش وبن غفير”. وليس كعادتها، لم تلعب سانغاوكر دوراً جوهرياً في يوم الاحتجاج، باستثناء المشاركة في حفل زفاف مؤلم، الذي نظمته العروس الكنة المستقبلية لايلانا غريتسفسكي، زوجة متان. في هذا اليوم، عندما ظهر أن كل الدولة تحولت إلى عيناف سانغاوكر، فمن لطبيعي ألا تكون رأس الحربة.
في المساء، بدأ الاحتجاج يتسع، والجمهور ملأ ميدان المخطوفين ومحيطه بالمظاهرة الأكبر من أيلول الماضي. هذه المظاهرة الكبيرة لم تكن لتحدث بدون استيقاظ الجمهور في الأسابيع الثلاثة الأخيرة. منذ تفجر المفاوضات للتوصل إلى صفقة تبادل، مروراً بكشف أفلام افيتار دافيد وروم بيرلفسكي وحتى قرار الكابنيت احتلال مدينة غزة، وقفت منظمات احتجاج مثل “مجلس أكتوبر” و”هيئة عائلات المخطوفين” إلى جانب العائلات وساعدتها في إعداد الجمهور لهذا اليوم.
ما الذي لم يجرب مؤيدو نتنياهو فعله للتنكيل بعائلات المخطوفين واحتجاجهم: تقسيمها، تلوينها بلون سياسي، محاولة السيطرة على هيئتها، وبالأساس إغراقها بحملة غير منقطعة من السم، حتى الآن نجحت في إخراج جمهور واسع خلال يوم كامل عندما كانت كل الرهانات ضدها. في الظهيرة، سارعت أبواق وسائل الإعلام إلى تقزيم الاحتجاج والاستهزاء منه. ولكن الجمهور الذي أغرق شوارع تل أبيب مساء، أثبت أنه استنتاج مبكر جداً.
أمام عشرات آلاف المتظاهرين، أكدت العائلات أن عددهم في هذه المرة غير كاف. فبدون الاستمرارية لن يغير عدد المتظاهرين الذين خرجوا أمس إلى الشوارع أي شيء. وكررت أربيل يهود، الناجية من الأسر والتي لا يزال شريكها أريئيل كونيو مخطوفاً، هذا الأمر في خطابها بعد الظهر مراراً وتكراراً. ويهودا كوهين، والد نمرود، دعا الجمهور من فوق المنصة إلى “التوقف عن العمل وشل الحياة إلى حين عودتهم”. وطرح كوهين طلباً آخر بقي طي الكتمان في الأشهر الأخيرة، وهو إنهاء الحرب. “لن تعود إلى البلاد طبيعتها حتى ينهي نتنياهو الحرب ويعيد كل المخطوفين”.
تأمل العائلات أن يدل يوم الاحتجاج هذا ويشير إلى بداية انتهاء الحرب، وبدء موجة احتجاج واسعة. في المستقبل، سنعرف إذا ما تحققت التوقعات بالفعل. لكن يمكن القول بثقة الآن أن الضجة وصوت الطبول اخترقت الجدران التي أقامها أعضاء الحكومة حولهم لإخفاء صوت توسل العائلات إليهم، ومحاولاتهم اليائسة لإلغاء حجم الاحتجاج، وتظهر الحجم الذي يحتله في رؤوسهم.
بار بيلغ
هآرتس 18/8/2025

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب