دراساتمقالات

ترامب بين المؤامرة والتواطؤ بقلم الدكتور وليد عبد الحي

بقلم الدكتور وليد عبد الحي

ترامب بين المؤامرة والتواطؤ
بقلم الدكتور وليد عبد الحي
ملاحظة:
تعتمد هذه المقالة على جزء من دراسة لي نشرتها في مركز الزيتونة-بيروت قبل عدة اشهر،وفي موقع الزيتونة تجدون التوثيق العلمي للمراجع المعتمدة لكل معلومة واردة في هذه الدراسة .
*********
تشكل نظرية المؤامرة موضع نقاش واسع وتاريخي بين الباحثين والتيارات السياسية، ويعرف مايكل باركون(Michael Barkun” المؤامرة بأنها خطة سرية يضعها عدد محدود من الافراد لتغيير واقع معين، وقد تكون الخطة متعلقة بحدث معين( كالاغتيال) او بنيوية( كتغيير عميق لنظام سياسي او اجتماعي أو اقتصادي ) او ذات طابع ميتافيزيقي( اي ان قوى غيبية تتدخل في إحداث التغيير)، وتمثل فكرة العمل الاستخباراتي القائمة على تجنيد شخص ما لاداء مهمة كبرى في دولة معينة ابرز اشكال المؤامرات السياسية.
وعند النظر في توجهات اصحاب نظرية المؤامرة بخصوص التحول الامريكي في العلاقة مع روسيا نجد توجهين هما:
1- من يرى في ترامب أصلا أو ذخرا لروسيا(Asset) .
2- من يعتبر ترامب عميلا لروسيا(Agent)
ويميز القانون الفدرالي الامريكي بين الذخر او الاصل(Asset) وبين العميل(Agent) ، فالاول هو تطبيق لنظرية التواطؤ( ((Collusion)والذي يعني استغلال دولة معينة ” لنفوذ ومكانة شخص ما ” في دولة اخرى للوصول لأهداف محددة من خلال ذلك الفرد ، بينما العميل يمثل تجسيدا لنظرية المؤامرة(Conspiracy)، فهو شخص يدرك بانه يقدم معلومات حساسة او سرية أو يتخذ مواقف غير مألوفة حول قضايا معينة استجابة لطلب من طرف آخر مقابل منافع معينة .
وتتداخل المعطيات المتوفرة حول علاقة ترامب بروسيا الى حد صعوبة تحديد الخط الفاصل بين دور الذخر وبين دور العميل ، إذ تميل بعض الدراسات والتقارير – كما سنوضح- الى أن هناك علاقة لترامب بالأجهزة الامنية الروسية وأنها ذات طبيعة “فردية” حسب تصنيفات باركون السابقة، أي ان ترامب” يعمل ومنذ فترة طويلة مع المخابرات الروسية ” ، وان الروس تمكنوا من تجنيده مستغلين تضافر مؤشرات عدة هي :
أ‌- شخصيته التي يكشفها التقرير الذي وضعه 37 خبيرا نفسيا امريكيا، إذ تبرز في شخصيته سمات عدة أهمها:
1- ان لديه ثمانية سمات من مجموع 9 سمات ” لمرض ” النرجسية .
2- جنون العظمة(Paranoia)
3- ارتفاع نسبة الكذب لديه.
4- لا يولي القيم والاخلاق اية أهمية، فهو لا يرى الحياة الا “صفقات”.
ب‌- استغلال العلاقات المالية له ولأعوانه مع الروس لتحقيق اهداف سياسية.
ت‌- تعدد القضايا القانونية المرفوعة ضده خلال فترته الاولى وما بعدها، فهو الرئيس الامريكي الوحيد الذي يتعرض للمساءلة القضائية(Impeachment) مرتين حول موضوعات لها علاقة بالانتخابات الرئاسية الامريكية ودور روسيا المباشر او غير المباشر فيها ، وهو ما يعزز احتمال وقوعه في الشرك السوفييتي ثم توريث تلك العلاقة لروسيا.
ويمكن تحديد نظرية المؤامرة في حالة ترامب طبقا للتتابع التالي الذي سندلل على كل خطوة فيه :
أ‌- في لحظات تعثر ترامب ماليا عملت جهات روسية لانقاذه من التعثر.
ب‌- ان الكثير ممن ساعدوا ترامب في تعثره هم من “المافيات الروسية”
ت‌- أن المافيات استخدمت مشاريع ترامب كقناة “لغسيل الاموال”.
ث‌- ان نسبة كبيرة من رجال المافيات الروسية هم على صلة بجهات روسية اهمها :الرئيس بوتين من ناحية واجهزة الاستخبارات الروسية من ناحية ثانية.
ونظرا للتداخل الشديد بين أبعاد الموضوع(الامني والتجاري) واطرافه( دول وافراد وشركات) فإننا سنورد الوقائع التي يستند لها اصحاب فرضية المؤامرة او التواطؤ ، فهم يرون أن العلاقة هي بين دولتين أولهما روسيا التي يقودها رئيس- بوتين- الذي نشأ في جهاز امني” الكي جي بي- KGB” وعمل فيه لفترة طويلة ، وهو ما يجعله ميالا لتوظيف خبرته في هذا الجانب ، يقابله رئيس امريكي تسيطر عليه نزعته المالية الصرفة الى جانب نرجسية مفرطة تجعله هدفا استخباريا ، ويبدو ان هذه الثنائية هي التي دفعت هيلاري كلينتون لوصف ترامب بانه ” ألعوبة بيد بوتين”
ويستند اصحاب هذه الفرضية-طبقا للمصادر والتقارير المشار لها اعلاه- الى مسألة منطقية وهي أن توجهات الرئيس الامريكي دونالد ترامب تجاه دول العالم كله بما فيه حلفاء بلاده لا تتسق مع توجهات ادارته مع روسيا ، وهو ما بدأ يقود الى تصدع حاد في علاقات امريكا و اوروبا وصلت آثاره الى حلف الناتو، ثم يريد اقتطاع غرينلاند من الدنمارك ويستولي على قناة بنما ويريد ضم كندا ، ويهدد حتى حلفاءه في الشرق الاوسط بالتلميح الى ضرورة قبولهم آجلا او عاجلا بخطته لتهجير سكان قطاع غزة ، كما ان موقفه من الصين يصل الى حد المواجهة التامة خلافا لموقفه من روسيا ، وقد دفعت مواقف ترامب الى استهجان قادة دول أوروبية وازنة كبريطانيا وفرنسا والمانيا لهذه السياسة بخاصة عند المقارنة مع موقفه الودي من روسيا ،بل وسعيه لجر حلفائه نحو المساومة مع روسيا في أوكرانيا، وبكيفية توحي ان جوهر ما يدعو له هو الاذعان الاوروبي لروسيا، وهو ما يتضح في تعليقه بيع السلاح لاوكرانيا و الطلب من وزارة الخارجية الامريكية والخزانة الامريكية قائمة الافراد والكيانات الروسية الخاضعة للعقوبات لرفعها من القائمة ،اضافة الى ما ذُكر عن ان وزير الدفاع الامريكي طلب من الهيئات السبرانية( Cybernetics ) الامريكية وقف عملياتها الهجومية والدفاعية ضد روسيا ، رغم ان هذه الهيئات كانت مصدرا للمعلومات عن علاقة ترامب بروسيا كما سنوضح .
فإذا اضفنا لكل ما سبق الملاحقات القانونية التي لاحقت ترامب منذ بروزه على الساحة السياسية ، وكان ابرزها ملاحقات خاصة بمزاعم عن “صلات مشبوهة مع روسيا” وادوار روسيا في نجاحه في المرة الاولى في الانتخابات الأمريكية ، فان الامر يصبح شأنا يستحق متابعته من خلال عشرات المراجع والكتب والتقارير الصحفية.
واستنادا للمصادر التي اشرنا لها والخاصة باصحاب فرضية المؤامرة نورد الشواهد التالية:
أولا: ترامب والاستخبارات الروسية :
يورد الكاتب كريغ أونغر(Craig Unger) في كتابه تحت عنوان” American Kompromat” والذي يقع في 352 صفحة والصادر عام 2017 ، تفاصيل هامة عن علاقات ترامب بروسيا وصلاته مع رجل اعمال مريب هو جيفري إبستين(Jeffrey Epstein) الذي كان ” تاجر جنس وممن أوصل بعض النساء الى ترامب ” ويستند ” أونغر” بشكل واضح في ابرز موضوعاته على شهادات يوري شفيتس(Yuri Shvets ) ، الذي أرسله الاتحاد السوفييتي إلى واشنطن في الثمانينيات من القرن الماضي ، وقد كان شفيتس ضابطا كبيرا في الاستخبارات السوفييتية، وكان يعمل تحت غطاء مراسل صحفي لوكالة الانباء الروسية “تاس” خلال الثمانينيات من القرن الماضي، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة بشكل دائم في عام 1993 وحصل على الجنسية الأمريكية ، ثم عمل محققاً في أمن الشركات وكان شريكاً لألكسندر ليتفينينكو(Alexander Litvinenko )، الذي كان ضابطا سابقا في الامن الاتحادي الروسي، ثم فر الى بريطانيا واغتيل في لندن عام 2006.
وطبقا لكتاب أونغر ، فقد ذكر عميل المخابرات الروسية السابق يوري شفيتس، بان دونالد ترامب كان بمثابة أصل( Asset ) او ذُخر روسي على مدار 40 عامًا، وبأنه تكرار لمشهد حلقة التجسس البريطانية التي نقلت الأسرار إلى موسكو خلال الحرب العالمية الثانية وأوائل الحرب الباردة.
وتكشف بعض التقارير كيف ارتبط ترامب بالروس في عام 1977 من خلال علاقة مع عارضة أزياء تشيكية كان لوالدها علاقات مع جهاز المخابرات التشيكي(زمن السوفييت) واسمها إيفانا زيلنيكوفا (Ivana Zelnickova) والتي اصبحت زوجة ترامب الاولى وانجبت له ثلاثة ابناء ، وفي تلك الفترة تم التنسيق بين المخابرات التشيكية والسوفييتية لاستثمار ترامب في نشاطاتهما ، وما يثير الشكوك في علاقة ترامب بالروس هو سرعة انتقال ترامب لعالم الثراء خلال 3 سنوات الى حد افتتاح أول مشروع عقاري كبير له وهو فندق جراند حياة نيويورك بالقرب من محطة جراند سنترال ، وتشير التقارير الى ان زوجة ترامب –ايفانا- تعرضت لاحقا-في فترة التسعينات من القرن الماضي- لاستجوابات من جهاز الإف بي آي (FBI ) عن علاقاتها باجهزة الامن التشيكية .
ومع أن العديد من الدراسات الأخرى عن علاقة ترامب بروسيا تشير الى أن الاتصال الأول لترامب بجهات رسمية روسية تم خلال زيارة قام بها السفير السوفييتي لدى الأمم المتحدة آنذاك يوري دوبينين(Yury Dubinin ) إلى برج ترامب في عام 1986، ،فإن كتاب أونجر – من خلال شهادة شفيتس – يذكر أن الارتباط بدأ في الواقع قبل ست سنوات عندما اشترى ترامب 200 جهاز تلفزيون من سيميون كيسلين(Semyon Kislin) ، المهاجر السوفييتي الذي شارك في ملكية شركة إلكترونيات جوي لود Joy-Lud Electronics وهي شركة ذات صلة بالمخابرات الروسية ، ووفقًا لشفيتس، كان كيسلين في الواقع عميلًا لجهاز المخابرات السوفييتي.
وتبدا مرحلة تعميق العلاقة بين ترامب والروس في عام 1987، عندما زار ترامب وزوجته التشيكية كلا من موسكو وسان بطرسبرج، وخلال هذه الفترة تحول اتجاه رجال المخابرات الروسية الى توجه جديد وهو محاولة زرع فكرة “الدخول الى عالم السياسة ” في عقل ترامب بعد دراسة شخصيته القابلة للنفاذ فيها من خلال جوانب ضعفها ، وبخاصة صفات ثلاثة شكلت المدخل لتجنيده وهي: الضعف الفكري، الخلل النفسي، تلذذه المفرط بالإطراء عليه.( وهي صفات تتطابق مع جوهر تقرير الخبراء في العلوم النفسية والاجتماعية الامريكيين الذين اشرنا له اعلاه حول حالة ترامب النفسية ) ، وانصب التركيز لرجال المخابرات السوفييتية بشكل اساسي على نقطة محددة هي زرع فكرة- تُشبع جنون العظمة لدي ترامب- هي ” انه يجب ان يكون رئيسا للولايات المتحدة، فمثله هم القادة المؤهلون لقيادة العالم ” وهو ما دغدغ نرجسيته المرضية بشكل كبير، فبدأ ترامب يسعى لتعميق علاقاته بالحزب الجمهوري،وبدأ بعقد لقاءات وتجمعات انتخابية اضافة لنشر اعلانات انتخابية في اهم الصحف الامريكية وبخاصة نيويورك تايمز، وتضمنت اعلاناته التشكيك بجدوى حلف الناتو وبالعلاقة مع اليابان “، وبقي التواصل مع روسيا الى ان جاءت انتخابات 2016 والتي فاز فيها ترامب وتحقق التخطيط الروسي واصبح ترامب رئيسا للولايات المتحدة .
وبعد فوزه الذي سارعت روسيا للترحيب به، بدأت موجة عاتية من الاتهامات المباشرة والضمنية لاحتمال علاقة مشبوهة بين روسيا وترامب، ، وأورد تقرير لمركز صندوق العمل للتقدم الأمريكي الذي وقف وراء اثارة مبادرة مشروع موسكو، أن فريق حملة ترامب كان لديهم اتصالات مع الروس (قدرت بحوالي 272 اتصالاً) وانهم عقدوا اجتماعات مع عملاء روس(قدرت ب 38 اجتماعًا ). وتشير تقارير الصندوق الى بعض المؤشرات مثل:
أ‌- مساعدة روسيا لترامب ماليا خلال فترة ارتفاع الديون على مشروعاته الاستثمارية المختلفة ، وكانت قناة تقديم المساعدات هي افراد من الطبقة الاوليجاركية الروسية ذات الصلات الوثيقة بالكريملين من ناحية وبسوق العقارات التي هي الميدان المفضل لترامب من ناحية أخرى.
ب‌- فتح المجال امام اعوان ترامب للتواصل مع الشركات الروسية المملوكة للدولة او الشركات الروسية المختلطة( القطاع العام والخاص) او مع سفراء روسيا في واشنطن او مع بوتين نفسه.
ت‌- يضاف لما سبق وبقدر يتسق مع ما ورد في تقارير الصندوق ،تكرار ترامب للاشادة بالرئيس الروسي بوتين، لقد نظر السيد ترامب إلى السيد بوتن منذ فترة طويلة باعتباره ” مواطنا صالحا ، ولاعبا قويا و”ذكيا للغاية” الى الحد الذي كانت جهوده – طبقا لترامب- فيها عبقرية ارهبت أوكرانيا وأجبرتها على تقديم تنازلات إقليمية ، كما ان ترامب اعتبر بوتين شخصاً يستحق الإعجاب والاحترام، على عكس زعماء حلفاء الولايات المتحدة التقليديين أو زعماء ألمانيا أو كندا أو فرنسا، الذين يُظهر لهم ترامب ازدراءه”.
ويشير تقرير صندوق العمل للتقدم الامريكي الى 12 مؤشرا من مؤشرات الاستجابة من الرئيس ترامب لأهداف الرئيس الروسي بوتين وهي : اضعاف التحالف الغربي ، مساندة الحركات الاوروبية ذات العلاقة الجيدة مع روسيا، اضعاف العلاقات التجارية الامريكية مع العالم من خلال القيود الجمركية والعقوبات الاقتصادية ، تقليص الثقة باتساق واستقرار السياسة الخارجية الامريكية ،تخفيض العقوبات على الاقتصاد الروسي،المدح المستمر للرئيس بوتين بقدرٍ ادى لاضعاف التشكيك بشرعية النظام الروسي، اعتبار جزيرة القرم اراض روسية، التغاضي عن التدخل الروسي في الانتخابات في اوروبا وامريكا، إضعاف التيار الاكثر تشددا في الحزب الجمهوري ضد روسيا، خلق بعض الاضطراب في الاستقرار الداخلي الامريكي، تحسين صورة روسيا عالميا،وأخيرا اضعاف الدعوات الامريكية لموضوعات حقوق الانسان والقانون الدولي.
ثانيا: التدخل الروسي في الانتخابات الامريكية:
يشكل تقرير مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي سابقًا روبرت مولر(Robert S. Mueller) الصادر في مارس عام 2019 ،والذي يقع في جزئين من 448 صفحة ، تحت عنوان (Report On The Investigation Into Russian Interference In The 2016 Presidential Election)، المرجع الأهم لموضوع التدخل الروسي في الانتخابات الامريكية، ويتكون التقرير من مجلدين ، يركز المجلد الاول على النتائج الواقعية لتحقيق المستشار الخاص في تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية لعام 2016 وتفاعلاتها مع حملة ترامب، وتم تقسيم هذا المجلد الى خمسة اقسام يصف القسم الأول نطاق التحقيق في الموضوع ، بينما يصف القسمان الثاني والثالث الطرق الرئيسية التي تدخلت بها روسيا في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، في حين يحاول القسم الرابع تحديد الروابط بين اعضاء في الحكومة الامريكية والأفراد المرتبطين بحملة ترامب، وحدد القسم الخامس قرارات الاتهام التي توصل لها المستشار الخاص روبرت مولر.
أما المجلد الثاني من التقرير، فتركز مضمونه على تصرفات الرئيس ترامب تجاه مكتب التحقيقات الفيدرالي ، الى جانب عرض تصرفات الرئيس تجاه تحقيق المستشار الخاص، مع عرضه الاعتبارات التي وجهت التحقيق في الاتهامات.
ويكشف التقرير طبيعة الجهات المدعية ضد ترامب ، فهي جهات ذات وزن في المجتمع والدولة، ففي يونيو/حزيران 2016، أعلنت اللجنة الوطنية الديمقراطية وفريق الاستجابة السيبرانية التابع لها علنًا أن قراصنة روس اخترقوا شبكة الكمبيوتر الخاصة بها. وبدأت عمليات إصدار المواد المخترقة التي سرعان ما نسبتها التقارير العامة إلى الحكومة الروسية في نفس الشهر.
وتبع ذلك- حسب التقرير- إصدارات إضافية عن الاختراقات من خلال ويكيليكس في الشهور يوليو/تموز ، وأكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني. ويشير التقرير الى انه في أواخر يوليو/تموز 2016، وبعد وقت قصير من إصدار ويكيليكس الأول للوثائق الخاصة بالموضوع، اتصلت ” حكومة أجنبية ” بمكتب التحقيقات الفيدرالي وابلغته بشأن لقاء في مايو/أيار 2016 مع مستشار السياسة الخارجية لحملة ترامب المدعو جورج بابادوبولوس((George Papadopoulos، وأن بابادوبولوس أبلغ ممثل تلك الحكومة الأجنبية(لم يذكرها التقرير ) بأن حملة ترامب تلقت مؤشرات من الحكومة الروسية بأنها يمكن أن تساعد الحملة من خلال نشر معلومات تضر بالمرشحة الرئاسية الديمقراطية هيلاري كلينتون. وقد دفعت هذه المعلومات مكتب التحقيقات الفيدرالي في 31 يوليو/تموز 2016 إلى فتح تحقيق في ما إذا كان الأفراد المرتبطون بحملة ترامب ينسقون مع الحكومة الروسية في أنشطتها التدخلية، بعد ذلك أعلنت وكالتان فيدراليتان بشكل مشترك أن الحكومة الروسية ” تقف وراء الاختراقات الأخيرة لرسائل البريد الإلكتروني لأشخاص ومؤسسات أمريكية ، بما في ذلك المنظمات السياسية الأمريكية” بهدف التاثير على نتائج عملية الانتخابات الأمريكية”. وبعد الانتخابات، في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2016، ناقشت الحكومة الامريكية موضوع فرض عقوبات على روسيا لتدخلها في الانتخابات، وبحلول أوائل عام 2017، كانت العديد من اللجان في الكونجرس تفحص تدخل روسيا في الانتخابات، كما أن السلطة التنفيذية، استنادا لما سبق اتخذت قرارا في مايو 2017 بفرض عقوبات على روسيا بسبب تدخلها في الانتخابات. ورغم ان التقرير المنشور على شبكة الانترنت يحتوي على صفحات عديدة تم طمس محتوياتها باللون الاسود( يبدو انها تشتمل على معلومات خطيرة وسرية)، إلا أنه يكشف عن 140 من اللقاءات والاتصالات بين فريق ترامب بخاصة كوشنر وغيره وبين اطراف روسية او وكلاء لهم او مع ويكيليكس((WikiLeaks، واللافت للنظر أن التقرير يميز بين معالجة الموضوع على اساس المؤامرة(Conspiracy) لا على اساس التواطؤ(Collusion)- طبقا للتمييز في القانون الفيدرالي الامريكي- ، ولذلك انتهى التحقيق الى أنه لم يثبت أن الاتصالات الموصوفة في المجلد الأول- القسم الرابع كانت بمثابة اتفاق على ارتكاب أي انتهاك جوهري للقانون الجنائي الفيدرالي – بما في ذلك قوانين النفوذ الأجنبي وتمويل الحملات، وبالتالي، لم يتهم المكتب أي فرد مرتبط بحملة ترامب “بالتآمر ” لارتكاب جريمة فيدرالية أو أي جريمة أخرى، وينتهي التقرير للقول” “وبناء على الوقائع والمعايير القانونية المعمول بها، فإننا غير قادرين على التوصل إلى هذا الحكم، وعليه، ففي حين أن هذا التقرير لا يخلص إلى أن الرئيس ارتكب جريمة ، فإنه لا يبرئه أيضاً “، رغم ان العديد من الفقهاء الامريكيين يرون ان في الامر مؤامرة.
وفي أغسطس/آب 2019، قدم مسؤول في وكالة الاستخبارات المركزية، شكوى إلى المفتش العام للاستخبارات الأمريكية، مايكل أتكينسون (Michael Atkinson ) ، زاعما أنه في مكالمة هاتفية في 25 يوليو/تموز مع الرئيس الأوكراني المنتخب حديثا، فولوديمير زيلينسكي، حاول ترامب ابتزاز وعد من زيلينسكي بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020 نيابة عن ترامب. وعلى وجه التحديد، وفقا للشكوى، ألمح ترامب بقوة إلى أنه لن يتم تقديم حوالي 400 مليون دولار من المساعدات الأمنية التي فرضها الكونجرس لأوكرانيا ما لم ينفذ زيلينسكي طلبين، قدمهما ترامب قائلا: “أود منك أن تفعل لنا معروفا رغم ذلك …”. كان الطلب الأول هو أن يبحث زيلينسكي عن خادم كمبيوتر تستخدمه اللجنة الوطنية الديمقراطية والذي يُفترض أنه تم إخفاؤه في أوكرانيا بعد أن حددت شركة أمن الإنترنت CrowdStrike في عام 2016 أنه تم اختراقه من قبل قراصنة مقرهم في روسيا. وبحسب نظرية مؤامرة كراود سترايك، التي نشأت كحملة تضليل شنتها روسيا، فإن الخادم المفقود يحتوي على أدلة على أن المتسللين كانوا في الواقع من أوكرانيا وأن الديمقراطيين وشركة كراود سترايك تآمروا لإلقاء اللوم زورا على روسيا بشأن التدخل في الانتخابات الرئاسية لعام 2016. ، وبسبب موقف مايكل أتكينسون الذي تابع موضوع التدخل الروسي اتخذ ترامب قرارا بعزله لأنه ” غير موثوق” حسب وصف ترامب ، وبعد ذلك، نشر موقع ويكيليكس مجموعة من رسائل البريد الإلكتروني التي خلصت التحقيقات اللاحقة منها إلى أن قراصنة روس سرقوا هذه الرسائل من حساب جون بوديستا(John Podesta)، مدير حملة هيلاري كلينتون. وفي اليوم نفسه، أعلن مجتمع الاستخبارات الأميركي علناً عن تقييمه بأن الحكومة الروسية وجهت جهود القراصنة لسرقة ونشر رسائل البريد الإلكتروني الحساسة للحزب الديمقراطي وغيرها من المعلومات من أجل تعزيز حملة ترامب وإضعاف الثقة العامة في المؤسسات الديمقراطية الأميركية، بما في ذلك وسائل الإعلام الإخبارية. وردا على ذلك، هاجم ترامب كفاءة ودوافع وكالات الاستخبارات الأميركية وأصر على أن لا أحد يعرف حقا من قد يكون وراء القرصنة. كما خلص تقرير سري لوكالة المخابرات المركزية مقدم إلى الكونجرس في ديسمبر/كانون الأول وتم نشره في يناير/كانون الثاني 2017 إلى أن الروس تدخلوا في الانتخابات من خلال سرقة ونشر رسائل البريد الإلكتروني للحزب الديمقراطي ومن خلال حملة واسعة النطاق للتأثير العام وتم استخدام حسابات وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر معلومات مضللة وخلق الخلاف بين الأميركيين.
من جانب آخر، وجدت السمات الشخصية لترامب والتي اشرنا لها هوى لدى قطاع من مجتمعه البراغماتي ، وهو امر لم يغب عن خبراء خصوم الولايات المتحدة لاستثماره ، ويبدو –طبقا للمراجع المختلفة – أن الرئيس الروسي بوتين وجد ضالته في ترامب ، بخاصة ان بوتين رجل استخبارات محترف تلصص لفترة طويلة على خبايا اوروبا كلها وان كان تركيزه على الناتو بشكل اكبر، فكما جاء في مقال لمايكل موريل- نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق- في نيويورك تايمز 2016 ما نصه ” لقد غذت التطورات في سياسات ترامب خلال فترته الاولى نظرية بين كبار الشخصيات السابقة في الاستخبارات الأميركية مفادها أن بوتن زرع ترامب ويستخدم خبرته كجاسوس للتأثير على الرئيس الأميركي المستقبلي، واضاف موريل ” كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ضابط استخبارات محترفا، مدربا على تحديد نقاط الضعف في الفرد واستغلالها. وهذا هو بالضبط ما فعله في وقت مبكر من الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في عام 2016، فقد استغل بوتن نقاط ضعف ترامب من خلال مجاملته، وجاءت استجابته طبقا لحسابات بوتين تماما”. ويشير تقرير استخباري زمن الاتحاد السوفييتي الى كيفية قيام المخابرات السوفييتية في عام 1985 بتحديث استبيان شخصي سري تم توزيعه بين ضباطها، ويوضح التقرير وبشكل مفصل خطوات تحديد وتجنيد الشخصيات الغربية،مع تركيز الوثيقة على استهداف “شخصيات بارزة في الغرب” بهدف “استدراجهم إلى شكل من أشكال التعاون معها … كعميل، أو عبر اتصال سري أو خاص أو غير رسمي “
ومن المؤكد –طبقا للمراجع – ان الأمر لم يكن جهدا فرديا لبوتين بمقدار ما هو شبكة منظمة تديرها الكي جي بي السوفييتية(الروسية لاحقا) و يساهم كل طرف فيها بدوره ، وهو ما يتضح من مقال نشرته صحيفة كييف اليومية الاوكرانية وكتبه ” النور موساييف “(Alnur Mussayev) الذي كان يعمل سابقا في موسكو في المديرية السادسة لجهاز المخابرات السوفييتي ، حيث ذكر ” أن أهم نشاط للوحدة التي كان يعمل فيها هو تجنيد رجال أعمال من الدول الرأسمالية.” واضاف نصا ” لقد جندت هذه الوحدة دونالد ترامب، الذي كان آنذاك رجل أعمال يبلغ من العمر 40 عامًا، ومنحته الوحدة اسما مستعارا هو “كراسنوف “.(Krasnov). ، وتعزز روايات اخرى هذه الهواجس، فبعد انهيار الاتحاد السوفييتي تولى موساييف رئاسة الاستخبارات ورئيس لجنة الامن القومي الكازخستاني خلال فترتين منفصلتين (1997-1998 و1999-2001) في عهد الرئيس الكازاخي نور سلطان نزارباييف ، واشار في أقواله الى “إن دونالد ترامب وقع في فخ جهاز الأمن الفيدرالي الروسي وهو يبتلع الطعم بشكل أعمق وأعمق. ويتضح هذا من خلال العديد من الحقائق غير المباشرة المنشورة في وسائل الإعلام”، واضاف ” أن ترامب ينتمي إلى فئة “الأشخاص الذين يمكن تجنيدهم بشكل مثالي، لا سيما ان موسكو لديها مواد للمساومة والابتزاز مع ترامب” .
وفي عام 2017، نشر ضابط الاستخبارات الخارجية السابق كريستوفر ستيل( وهو من مؤسسي شركة أوربيس بيزنس إنتليجنس) تقريراً تضمن مزاعم مفادها أنه أثناء إقامة ترامب في موسكو لحضور احد العروض ، تم تصويره وهو في اوضاع جنسية فاضحة مع نساء روسيات ، وتم ابتزازه بهذا الملف الى جانب الغوايات المالية والتجارية ، وفي يناير/كانون الثاني 2017، عندما تولى ترامب منصبه لأول مرة، اشار تقرير استخباري رفعت عنه السرية من قبل وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الأمن القومي أن بوتن “أمر بحملة تأثير … لتقويض الثقة العامة في العملية الديمقراطية الأمريكية” وإلحاق الضرر بمصداقية هيلاري كلينتون التي نافست ترامب على الرئاسة، لكن هذه الشهادة التي قدمها ستيل لاثنين من عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي كجزء من تحقيق المستشار الخاص روبرت مولر في مؤامرة مزعومة بين حملة ترامب لعام 2016 وروسيا، لم تعط النتائج المرجوة ،وهو ما اتضح في أن مولر خلص من تحقيقاته في عام 2019 إلى عدم وجود دليل على وجود مؤامرة إجرامية بين حملة ترامب لعام 2016 وروسيا.(وتعززت عملية التعمية للرقابة الامريكية من خلال اقدام ترامب على التغيير الواسع للمدعين العامين بشكل قل نظيره.)
ومع ذلك، أثار بعض المسؤولين الأميركيين مخاوف متكررة بشأن العلاقة الوثيقة والملتبسة بين ترامب وبوتين، وخاصة خلال فترة ولايته الأولى في منصبه، وهو ما عبر عنه أنتوني سكاراموتشي، الذي شغل لفترة وجيزة منصب مدير الاتصالات في البيت الأبيض لترامب في عام 2017، حيث اشار إلى المؤامرة خلال حلقة حديثة من بودكاست The Rest Is Politics: US، فقد اشار إلى أن احترام ترامب لبوتن حير العديد من كبار مسؤوليه السابقين واضاف “أعتقد أن هناك” سيطرة “غامضة على الرئيس”. ولم يوضح سكاراموتشي ماهية هذه “السيطرة” لكنه اقترح أن العديد من المسؤولين السابقين في إدارة ترامب، مثل إتش آر ماكماستر وجيمس ماتيس وجون كيلي – واجهوا أيضًا صعوبة في فهم تقارب ترامب مع بوتن. وقال: “لا أعرف لماذا الأمر على هذا النحو. لم يستطع ماكماستر او ماتيس أو كيلي معرفة ذلك، لكن موساييف يؤكد ان بوتين أوكل ملف متابعة ترامب لاحد اهم المقربين لبوتين دون ان يذكر اسمه.
فإذا اضفنا الى كل ما سبق الجهات الاخرى التي تدعم فكرة العلاقة بين ترامب وروسيا ، مثل ملف كريستوفر ستيلي، والتقارير الصحفية بخاصة ما نشرته نيويورك تايمز او واشنطن بوست عام 2017، وتقارير مختلفة من ال FBI او بعض تقارير لجان االكونجرس او شخصيات مناصرة لترامب او من رجال الاعمال الذين لهم صلة به، يتضح لنا اسباب تعلق بعض الباحثين بنظرية المؤامرة، كما ينسب كتاب أونجر الى مدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق مايكل موريل وصفه لترامب بأنه “عميل غير متعمد”(unwitting) للروس؛ ووصفه مدير الأمن القومي السابق جيمس كلابر بأنه “أصل استخباراتي فعليًا”؛ وقال مدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق جون برينان إن ترامب “في جيب بوتن بالكامل”. لذا فإن اتهام شفيتس ليس مفاجئًا حقًا.
ثالثا:- علاقات ترامب بدوائر مالية وتجارية في روسيا:
تشير المصادر المتوفرة الى قضية ذات دلالة وهي متابعة الصلات بين جمعية أوبس داي(Opus Dei) الكاثوليكية وبين شخصيات هامة في إدارة ترامب لها صلات بملفات الفساد المرتبطة بشخصيات مثل جيفري إبستين وجيسلين ماكسويل”، وتتمثل خطورة هذه الجمعية في أن العديد من المرشحين للعمل في إدارة الرئيس دونالد ترامب هم من الكاثوليك، وبعضهم من قادة اليمين الكاثوليكي الناشئ، فنائب الرئيس جيه دي فانس(J.D. Vance) ، تحول إلى الكاثوليكية في عام 2019، وتبنى سياسات الكاثوليك المحافظين ومن ذوي النزعات الفاشية ، كما سعى العاملون السياسيون في اليمين الكاثوليكي الناشئ إلى الاستفادة من الحماسة التقليدية بشأن إصلاحات الكنيسة التي تهدف إلى بناء تحالف أوسع للقضايا القائمة على السياسة المحافظة ، واللافت في هذا الجانب هو تطور العلاقة بين هذه الجمعية التي يغلب على نشاطاتها السرية مع روسيا من ناحية ومع فريق ترامب من ناحية اخرى وهو ما نبهت له المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس(Kamala Harris) خلال الحملة الانتخابية الاخيرة .
وطبقا للتقارير الغربية، فان ترامب لا يعمل لوحده مع الروس، فقد تواترت الاخبار عن علاقات بين شخصيات امريكية وازنة ممن يرتبطون بترامب مع روسيا وممن يلعبون دورا في غسيل الاموال للمافيات الروسية ، وقد تم تقسيم هذه الارتباطات الى ثلاثة أشكال:
1- ارتباط مباشر مع بوتين او عبر السفير الروسي في واشنطن
2- ارتباط بشخصيات تشابكت مصالحها مع شركات وبنوك حكومية روسية
3- ارتباط ب شخصيات ارتبطت بمصالح القطاع الخاص الروسي ولكن ضمن دائرة نفوذ بوتين او اجهزته.
ويمكن التعرف على طبيعة العلاقة المالية بين ترامب وموظفيه وبين روسيا من خلال النماذج التالية :
1- دونالد ترامب: سافر ترامب إلى روسيا ، وأجرى أعمالاً ربطته بمصالح روسية. على سبيل المثال، في عام 2008، جرى بيع عقارات للملياردير الروسي دميتري ريبولوفليف. واشترى ترامب قصرًا في بالم بيتش مقابل 41 مليون دولار، وبعد أقل من أربع سنوات ودون أن يستخدم القصر باي شكل ، باع ترامب القصر إلى ريبولوفليف مقابل 95 مليون دولار(أي كسب من هذه الصفقة المصنوعة حوالي 54 مليون دولار)، وفي اجتماع عُقد في مايو 2017 في المكتب البيضاوي، قيل انه كشف عن معلومات سرية للغاية للسفير الروسي سيرجي كيسلياك ووزير الخارجية سيرجي لافروف، ومُنعت وسائل الإعلام الأمريكية من حضور هذا الاجتماع، ولكن سُمح لمصور روسي بحضور الجلسة، ونشرت هذه الصور لاحقًا على وكالة الأنباء المملوكة للدولة الروسية.
2- مايكل فلين( Michael Flynn): طُلب من فلين، مستشار الأمن القومي السابق للرئيس ترامب، الاستقالة بعد أسابيع فقط من أدائه اليمين الدستورية. جاءت استقالته بعد أن تسربت أنباء عن تضليله لنائب الرئيس مايك بنس بشأن اتصالاته مع المسؤولين الروس، وتحديدًا السفير الروسي لدى الولايات المتحدة سيرجي كيسلياك، قبل تنصيب الرئيس ترامب. في هذه الاتصالات، ناقش فلين العقوبات التي فرضتها إدارة أوباما على روسيا – بينما كان الرئيس أوباما لا يزال في منصبه. وفي وقت سابق على ذلك ، صرح بأن الولايات المتحدة بحاجة إلى احترام حقيقة مفادها أن “روسيا لديها استراتيجيتها الخاصة للأمن القومي، وعلينا أن نحاول معرفة كيف نجمع بين استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة واستراتيجية الأمن القومي لروسيا”، مما أثار أسئلة مقلقة. واللافت ايضا انه في عام 2015، ألقى فلين تصريحات في حفل أقيم في موسكو لتكريم RT، الذراع الدعائية الروسية، حيث جلس بجوار بوتن. وقد قبل فلين مبلغ 33750 دولارا مقابل هذا الخطاب الذي ألقاه على قناة روسيا اليوم، ولم يبلغ بشكل صحيح عن المبلغ، وبالتالي أخفى تلقيه مبلغا من حكومة أجنبية، وربما انتهك القانون في الوقت نفسه. واستمر فلين في الظهور على قناة روسيا اليوم كمحلل للسياسة الخارجية. وفي المجمل، تلقى فلين أكثر من 67 ألف دولار من شركات روسية قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2016.
3- جيف سيشنز((Jeff Sessions : أجرى سيشنز، المدعي العام للرئيس ترمب، محادثتين مع السفير كيسلياك خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2016. ومع ذلك، خلال جلسات تأكيد لاحقة، ادعى أنه “لم يجر اتصالات مع الروس” عندما طلب منه السناتور آل فرانكن توضيح هذا الامر، وبمجرد ظهور تقارير عن اجتماعاته مع كيسلياك، تنحى سيشنز عن مهمة التحقيق في تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، مما جعل العديد من المسؤولين يطالبون باستقالته من منصبه كمدعي عام .
4- ريكس تيلرسون(Rex Tillerson): عمل تيلرسون، وزيرا للخارجية مع الرئيس ترامب، وسبق ان عمل في مشاريع الطاقة في روسيا لمدة عقدين من الزمن أثناء عمله في شركة إكسون. وقد وصف علنًا “علاقته الوثيقة للغاية” بالرئيس بوتن وحصل على وسام الصداقة الروسي في عام 2013، وهو أعلى وسام دولة يمكن أن يُمنح لأجنبي.
5- جاريد كوشنير((Jared Kushner وعلاقاته مع سيرجي كوركوف (مدير بنك التنمية الروسي الحكومي) تمثل نموذجا آخر من هذه العلاقات المثيرة للريبة.
6- علاقة ابن ترامب(Donald Trump Jr) مع الملياردير الروسي إيمين أغالاروف والذي زود ابن ترامب بوثائق لادانة هيلاري كلينتون خلال التنافس بينها وبين والده.
7- بول مانفورت (Paul Manafort):مدير حملة ترامب الاولى والذي اتهم بتلقي اكثر من 12 مليون دولار من الرئيس الاوكراني السابق( فيكتور يانوكوفيتش) المؤيد لروسيا، ، اضافة الى انه كان على صلة بضابط استخبارات روسي اسمه قنسطنطين كيليمنيك(Konstantin Kilimnik) ، كما ارتبط بصفقات مع شركة الومونيوم روسية وهي الشركة التي يوليها بوتين عناية خاصة.وهو ما جعل قاضيا فدراليا يتهم مانفورت بالعمل ضد مصالح الولايات المتحدة.
8- علاقة كارتر بيج(Carter Page): وهو احد المرتبطين بمصالح واسعة مع شركة غازبروم الروسية، وعمل مستشارا لحملة ترامب الاولى.
9- علاقة المجموعة العقارية الروسية تيفيك أريف(Tevfik Arif) بمشاريع متعددة مع نشاطات تجارية لترامب.
10-علاقة وولبير روس((Wilbur Ross: وزير تجارة ترامب الذي ارتبط ببنك قبرصي تُشكل الودائع الروسية فيه مركز الثقل في نشاطات البنك.
واللافت للنظر ان الاف بي آي( FBI) الامريكية رفضت في فبراير 2017 طلبا من البيت الابيض ” بنفي ” ما يروج في العالم عن علاقات روسية مع رجال ترامب ، وهو ما يعزز فكرة ان ترامب يتدخل وبطرق مختلفة ومتعددة وبشكل واضح في مسار القضاء والتحقيقات لتعطيل الاجراءات الخاصة بعلاقاته المريبة مع الروس. ، وقد اكد رئيس السي آي ايه(CIA ) السابق جون برينان هذه المسالة في عدة مناسبات لا سيما ان برينان نفسه كان من ضمن الذين اطاح بهم ترامب بعد ملاحظات ناقدة لبرينان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب