فلسطين

الجدار في طولكرم: إعادة هندسة الجغرافيا وإمكانية الضم الزاحف

أرفق خريطة من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) بعنوان “West Bank Access Restrictions Map – يوليو 2025”. تُظهر بوضوح مسار الجدار (بما في ذلك الجدران الخرسانية، الحواجز، الفواصل، وسياج الأسلاك الشائكة)، بالإضافة إلى البوابات الزراعية ومسارات الوصول المحدودة، في محافظة طولكرم والمناطق المحيطة بها .

واليكم نص التقرير الذي أعده قسم التحرير في صحيفة صوت العروبة عن =

الجدار في طولكرم: إعادة هندسة الجغرافيا وإمكانية الضم الزاحف

يمتد مسار الجدار العازل في محافظة طولكرم من النقطة الشمالية عند بلدة قفين، متتبعًا نحو الجنوب عبر دير الغصون، عتيل، زيتا، الجاروشية، مدينة طولكرم، ارتاح، وصولاً إلى المحاور المالية بالجنوب الشرقي، وبشكل متعرج يشمل أكثر من مجرد عزل فني — بل هو خريطة جديدة لإعادة هندسة جغرافية تخدم الاستيطان. فبلدة قفين تحولت إلى نموذج صارخ للعزل الزماني والمكاني، إذ يُمنع المزارعون من الوصول إلى أراضيهم إلا عبر تصاريح موسمية وداخل أوقات محدودة بواسطة بوابات زراعية. تُرى خطوط الجدار واضحة في الخريطة، عازلةً آلاف الدونمات الزراعية في الخلف، ما يعزل المزارعين عن قدراتهم الإنتاجية. في الجنوب من القفيّن، يعزل الجدار مساحات شاسعة في دير الغصون، عتيل، زيتا، مستحدثًا شبكة حركة جديدة تُقيد الوصول لمدينة طولكرم وتعيد تشكيل الطرق، ما جعل قرى مثل الجاروشية أشبه بزجاجة عنقها ضيقة بسبب الحواجز الدائمة. مدينة طولكرم نفسها باتت محاصرة إلى حد شديد، حيث يفصلها الجدار عن أراضيها الغربية والتجمعات السكنية، مما أحدث انهياراً في فرص العمل والتجارة وخلق سردابًا اقتصاديًا جديدًا في قلبها. جنوبًا عند ارتاح، أُقيم معبر تحكمي للعمال بات يخضع بشكل كامل لقرارات عسكرية من الاحتلال، ما يعزز من طبيعة الجدار كأداة تحكم وليس مجرد حاجز أمني. وباتت منطقتا شوفة وكفر اللبد في الجنوب الشرقي محور علاقاتي معنوي، إذ ترتبطان بـ100% من مسارات طرق المستوطنين، والبوابات الزراعية باتت تُمنع القرى الفلسطينية من استخدام طرق مثل 557 بحرية، في حين وضعت مسارات التفافيّة للمستوطنات مثل أڤني حيفتس وعيناف على حساب حرية التحرك للفلسطينيين. بلدة برقة شرق المدينة تأثرت عبر نظام الحواجز المتواتر وأسلوب الإغلاق الظرفي — محور تجاري بات مغلقًا إلا عبر سلسلة من نقاط التفتيش المتقطعة. وعلى نطاق أوسع، تبرز يعبد كمثال لبعد الجدار عن بعض القرى ليس بشكل مباشر، لكنه يعيد تشكيلها من خلال شبكة الطرق الالتفافية (585، 60) التي تربط المستوطنات الشمالية بالمناطق الإسرائيلية دون احتكاك يذكر مع التجمعات الفلسطينية.
الإطار القانوني
هذه المناطق تقع في ما يُعرف بـ**”منطقة التماس”**، وهي محكومة بوضع قانوني احتلالي يقيد الحركة ويحول دون استمرار العلاقة الاقتصادية والاجتماعية مع الأراضي. وفقًا لقرار محكمة العدل الدولية (يوليو 2004)، فإن الجدار داخل الأراضي المحتلة غير شرعي، ويمثل انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان (حق التنقل، العمل، الملكية). وعلى الرغم من ذلك، يستمر البناء والتحديث (من سياج إلى جدار خرساني)، الأمر الذي يدعم بشكل متزايد مشروع الضم الزاحف للمنطقة.
السيناريوهات المستقبلية
1. ترسيخ الأمر الواقع: استمرار الجدار والتحكم الكامل بالبوابات، ما يشرعن العزل النهائي ويحول طولكرم إلى جيب مغلق.
2. الضم الزاحف: تحويل المسار الجديد إلى حدود فعلية يُضم عبرها غرب المحافظة فعليًا إلى إسرائيل، مع ربطها بشبكة طرق آمنة للمستوطنين.
3. أزمة اجتماعية واقتصادية: انهيار مصادر العيش للمزارعين والسكان، وتصاعد الاحتجاجات وفوضى بشرية في ظل انعدام موارد الحياة.
4. تدخل دولي مصطنع: التخفيفات الشكلية (مثل زيادة ساعات فتح البوابات)، دون المساس بالمسار أو جذوره، ما يُبقي على الوضع بخلفية تغطي العدالة الإنسانية بصمت.
الخريطه المرفقة تمثّل وثيقة بصرية حاسمة لمسار الجدار والبوابات الزراعية، وتدل على الإطار المكاني الواقعي لهذه التغييرات — من قفين شمالًا إلى ارتاح جنوبًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب