الصحافه

يتعمد اتهام العالم بـ”معاداة السامية” ويتلاعب بالمعارضة: سنترك الدولة لنتنياهو وللأغبياء أمثاله

يتعمد اتهام العالم بـ”معاداة السامية” ويتلاعب بالمعارضة: سنترك الدولة لنتنياهو وللأغبياء أمثاله

كارولينا ليندسمان

معاداة السامية ليست عدوة لنتنياهو، هي حليفة مخلصة له وسلاحه السري. محرر “هآرتس” ألوف بن، صدق القول بأن “الأنظمة الدكتاتورية والمسيحانية لا تفزع من الضغط الخارجي، بل تبنى منه” (هآرتس 19.8). ولكن خلافاً لما كتب، فإن مغادرة المثقفين والليبراليين، والتي تسارعت في السنتين الأخيرتين، ليست “ربحاً صافياً” من ناحية نتنياهو.

سبب ذلك أن إسرائيل ليست إيران ولا روسيا، بل دولة صغيرة محوطة بأعداء، ولا تقدر على فقر. لا تسمح لنفسها بالعيش من دون المثقفين والليبراليين. هي بحاجة إلى تفوق تكنولوجي. هي بحاجة للحفاظ على مكانة خاصة في العالم لتحافظ على تحالفاتها وتوسيعها.

هنا تدخل إلى الصورة اللاسامية. في رده على دومينو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، أرسل نتنياهو هذا الأسبوع رسائل شديدة اللهجة للرئيس الفرنسي ماكرون، ولرئيس حكومة أستراليا أنتوني ألبانيزي. لقد اتهم ألبانيزي بأنه لا يعرف كيف يعامل مع “وباء اللاسامية المتعاظم في فترة ولايته”، واتهم ماكرون بأنه “أشعل نار اللاسامية”. أي تلاعب هذا!

يريد نتنياهو تشبيه أي احتجاج ضد إسرائيل بمعاداة السامية. في رسالة لماكرون، أشار إلى أنه تم رش شعارات من قبيل “ال عال – شركة طيران جينوسايدية” على مكاتب شركة “ال عال” في باريس، و”يجب تحرير فلسطين”. كان هذا احتجاجاً سياسياً مباشراً ضد شركة الطيران الوطنية لدولة يعتبر العالم أفعالها في غزة أعمال إبادة جماعية. هل هذا لاسامية؟ نتنياهو حول المقارنة ما بين إسرائيل واليهودية إلى حجر أساس في استراتيجيته.

هذا التشخيص ليس بريئاً، بل محسوب. خلافاً لما قاله، فنتنياهو غير معني بقمع اندلاع معاداة السامية بل بإذكائها. أجل، يجب أن نقرأ هذا عدة مرات كي نستوعب هذه الأقوال تقال بجدية عن رئيس حكومة إسرائيل.

اللاسامية ستسجن الأقلية الليبرالية داخل الغيتو النووي الذي هندسه نتنياهو لنا. ستضمن أن الأموال ستظل في إسرائيل، وسيستمر تدفقها؛ وسيشتري اليهود الفرنسيون والأستراليون شققاً في إسرائيل للأيام العصيبة، وسيظل الاقتصاد الإسرائيلي مستقراً مهما ساءت الأحوال في البلاد. والهجرة إليها ستظل في ازدياد، وستظل ملاذاً ضريبياً، وملاذاً نووياً.

أراد رفول أن يظل العرب مثل صراصير مسممة داخل زجاجة، ويريد نتنياهو الشيء نفسه لـ “الكبلانيين” (اسم مشفر) أما الزجاجة فهي دولة إسرائيل. إنهم متشوقون للذهاب من هنا؛ لأن العفن تفشى في كل شيء، ويكبحون أنفسهم بالاعتراف الستوكهولمي (الذي يعاني من المتلازمة) بـ “الحقيقة البسيطة والحاسمة، وهي أنه لا مكان لنا للذهاب إليه” (ديفيد افيدان). هكذا يحب نتنياهو “يسارييه”؛ عالقين في صراع داخلي – وهو المنبع السري للاستسلام، ويتنقلون ما بين كابلان والسرب.

ماذا؟ ألا يوجد مكان للذهاب إليه؟ حسناً، لا يوجد ما دام الأمر يتعمد على نتنياهو. ولشديد الدهشة، منذ سنوات وهذا يتعلق بنتنياهو. فخطوة الكماشة لا تصدق: من جهة، فقد دمر كل ما كانت عليه إسرائيل، وفي الوقت نفسه تدمرت إمكانية العيش خارجها. يصدر لاسامية ويستورد اليهود. ماذا يفعل هذا الشرير. اللاسامية هي ملاذ الشرير نتنياهو.

هو يعظ رؤساء حكوماتهم بأنه لا يجب السقوط في تلاعباته. عليهم أن يذكروه بأنه وحده رئيس حكومة إسرائيل، وليس البابا اليهودي، وعليه أن يعفيهم من المواعظ عن كيف يهتمون بمواطنيهم، وعليه أن يهتم بمواطنيه – والذي هو مستعد للتضحية بهم وتركهم يموتون حتى لا يعرض حكمه المتعفن للخطر.

إلى أن يحرر الإسرائيليون من أسر حماس، فعليه أن يعثر على أشخاص أغبياء آخرين ليلقي عليهم مواعظه الأخلاقية.

 هآرتس 22/8/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب