اقتـحام رام الله: أهداف استراتيجية ودلالات سياسية قبل إعلان فلسطين دولة تحت الاحتلال

اقتـحام رام الله: أهداف استراتيجية ودلالات سياسية قبل إعلان فلسطين دولة تحت الاحتلال
بقلم: المحامي علي أبو حبلة
شهدت مدينة رام الله والقرى المحيطة مثل المغير، اقتحامات متكررة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، ترافقها اعتقالات واسعة، استخدام القوة المفرطة، وفرض حصار على المؤسسات الاقتصادية والمرافق العامة. تأتي هذه العمليات في سياق استراتيجي متقدم يسبق الإعلان عن فلسطين كدولة تحت الاحتلال، ويعكس محاولات الاحتلال لفرض شروط سياسية على الأرض قبل أي تحول دبلوماسي دولي.
أولاً: أهداف الاقتحام المباشرة
- إضعاف الرمزية السياسية للسلطة الفلسطينية: رام الله تمثل مركز القرار الفلسطيني، واستهدافها رسالة واضحة بأن الاحتلال قادر على الوصول إلى أي مركز سياسي وإداري مهما كانت أهميته الرمزية.
- فرض واقع ميداني قبل الإعلان الدولي: تزامن هذه الاقتحامات مع النقاش الدولي حول اعتراف فلسطين كدولة تحت الاحتلال، يهدف إلى خلق ضغط ميداني ونفسي على السلطة والشعب قبل أي خطوات دبلوماسية محتملة.
- تخريب الحياة الاقتصادية والمجتمعية: مصادرة الأموال، إغلاق محلات الصرافة، واستهداف المرافق العامة يهدف إلى خلق حالة من الضعف المالي والاجتماعي، تجعل السلطة أقل قدرة على توظيف الموارد في تعزيز موقعها القانوني والدبلوماسي.
- ردع النشاط الشعبي والمقاومة المدنية: مهاجمة الوقفات السلمية والتجمعات الشعبية يشكل محاولة لترهيب المواطنين وكسر أي شكل من أشكال التعبير الوطني، قبل أي إعلان رسمي للدولة.
ثانياً: الدلالات السياسية والاستراتيجية
إرسال رسالة للمجتمع الدولي: التصعيد الميداني قبل إعلان فلسطين كدولة تحت الاحتلال يهدف إلى التأثير على الموقف الدولي، وإظهار قدرة الاحتلال على فرض قواعد اللعبة على الأرض قبل أي اعتراف دولي.
استعراض القوة والهيمنة: الاقتحام يُظهر قدرة الاحتلال على السيطرة العسكرية على المدن والقرى الحيوية، ويعمل كأداة سياسية لفرض التوازنات الإقليمية وفق مصالحه.
إضعاف موقف فلسطين التفاوضي: من خلال الضغط النفسي والميداني على السلطة والشعب، يسعى الاحتلال إلى تقليص مساحة التحرك السياسي الفلسطيني قبل أي خطوة دبلوماسية أو إعلان دولي.
ثالثاً: التداعيات المتوقعة
تصاعد التوتر الشعبي: الإصابات والاعتقالات ستؤدي إلى موجة غضب شعبي في رام الله والقرى المجاورة مثل المغير، ما يزيد من حدة المواجهات ويعقد المشهد الأمني.
تحدي شرعية السلطة الفلسطينية: الاقتحامات المتكررة للمراكز الإدارية تجعل السلطة تبدو عاجزة عن حماية سكانها، وتضعف موقفها القانوني والدبلوماسي أمام المجتمع الدولي.
ضغط على المجتمع الدولي: استعراض الانتهاكات القانونية والاعتداء على المدنيين العزل يعزز الحجة الفلسطينية أمام الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية لتسريع الاعتراف بالدولة الفلسطينية تحت الاحتلال.
رابعاً: البعد القانوني والدبلوماسي
تشكل عمليات الاقتحام انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، وخصوصاً اتفاقيات جنيف المتعلقة بحماية المدنيين والممتلكات تحت الاحتلال. كما أن استهداف المؤسسات الاقتصادية والمرافق العامة يعد خرقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ويعزز الدعوة إلى مساءلة الاحتلال أمام المحافل الدولية، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية.
خامساً: الصمود الفلسطيني ورسالة المستقبل
رغم تصاعد الاقتحامات والاعتداءات اليومية، يظل الشعب الفلسطيني متجذراً في أرضه وثابتاً في صموده السياسي والمدني. كما أكدت محافظ رام الله والبيرة، ليلى غنام، أن هذه العمليات تمثل “إرهاب دولة منظم”، لكنها لن تهز جذور الشعب الفلسطيني أو تضعف طموحه في إقامة دولة مستقلة تحت الاحتلال.
خلاصة:
اقتـحام رام الله والقرى المجاورة هو جزء من سياسة احتلال ممنهجة، تستهدف التأثير على مسار الإعلان الدولي عن دولة فلسطين تحت الاحتلال. بينما يسعى الاحتلال لإضعاف الواقع الميداني والسياسي، يظل الصمود الفلسطيني والجهود القانونية والدبلوماسية المستمرة عامل ضغط دولي مهم لدعم الاعتراف بالدولة الفلسطينية واستمرار المقاومة السلمية.