عربي دولي

عودة مفتّشي الوكالة الدُّولية: أوروبا تقود حملة الضغط على إيران

عودة مفتّشي الوكالة الدُّولية: أوروبا تقود حملة الضغط على إيران

يمنح إعلان عودة مفتّشي الوكالة إلى إيران الأوروبيين ورقة ضغط جديدة، فيما تراهن طهران على موسكو وبكين لمنع تفعيل «آلية الزناد».

محمد خواجوئي

طهران | يعَدّ إعلان المدير العام لـ«الوكالة الدُّولية للطاقة الذرّية»، رافائيل غروسي، عودة مفتّشي الوكالة إلى إيران، تطوّراً لافتاً يمكن أن يسهم في التخفيف من حدّة التوتر الذي ساد، في أثناء الأشهر الأخيرة، بين الجانبَين، وربّما يؤثّر في مسار المفاوضات المتعثّرة بين طهران والترويكا الأوروبية أيضاً، ويعطّل تالياً إعادة فرض العقوبات الأمميّة عليها. وفي الموازاة، برز تقديم روسيا مشروع قرار يقضي بتمديد القرار 2231، باعتباره فرصة تتيح مجالاً أوسع للديبلوماسية، بهدف احتواء التوتّر السائد في شأن الملف النووي الإيراني.

وبعد مضيّ شهرین على توقیع الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، مشروع قانون يمنع مفتّشي الوكالة الدُّولية من دخول البلاد لتفقّد المواقع النووية، أعلن غروسي أنّ الفريق الأول من المفتّشين عاد إلى إيران. ولفت، في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز»، أمس، إلى أنّ مفتّشي الوكالة سيستأنفون قريباً عمليات تفتيش المنشآت النووية. وتأتي هذه العودة بعد محادثات عقدها الجانبان، في الأسابيع الماضية، لبلورة إطار جديد للتعاون. ويبدو أنّ طهران، ورغم تشكيكها في تعاون المفتّشين مع أجهزة الاستخبارات الغربية، وعدم رضاها عن تقارير غروسي حول برنامجها النووي، تريد الحفاظ على علاقتها مع الوكالة.

في الوقت ذاته، تشير مصادر مقرّبة من «منظمة الطاقة الذرّية الإيرانية» إلى أنّ نشاط المفتّشين سيكون تدريجيّاً؛ إذ ونظراً إلى قلق إيران حيال تسريب معلومات حول حجم الأضرار التي لحقت بمنشآتها، وحالة احتياطيّاتها من اليورانيوم المخصّب، فإنّ المسؤولين الأمنيّين الإيرانيّين غير مستعدّين للسماح للمفتّشين بتفتيش المنشآت التي تعرّضت للهجوم من قِبل الولايات المتحدة، في هذه المرحلة.

وفي هذا السیاق، أكّد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أنّ «وصول مفتّشي الوكالة الدُّولية إلى إيران تمّ بناءً على قرار المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، ومن أجل استبدال وقود محطّة بوشهر للطاقة». وقال عراقجي، في تصريح إلى وكالة «خانه ملت» التابعة للبرلمان الإيراني، أمس: «لم يتمّ، حتى الآن، اعتماد أيّ نصّ اتفاق في شأن إطار التعاون الجديد بين إيران والوكالة الدُّولية بشكل نهائي».

وفي السياق نفسه، أكّد الناطق باسم «منظمة الطاقة الذرّية الإيرانية»، بهروز كمالوندي، أنّ «أيّ عملية تفتيش ستتمّ، بعد اتفاق إيران والوكالة، وعلى أساس إطار ترتيبات التعاون الثنائي وموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي». كذلك، لفت رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، إلى أنّ وجود المفتّشين في إيران لا يتعارض مع قانون البرلمان.

دخلت روسيا على خطّ الأزمة، مقدّمةً اقتراحاً بتمديد العمل بالقرار 2231 كحلٍّ وسط

وجاء الإعلان عن عودة المفتّشين بعد ساعات من جولة المحادثات الثانية بين إيران والترويكا (بریطانیا وفرنسا وألمانیا) في جنيف، للنقاش حول تفعيل «آلية الزناد» (إعادة فرض عقوبات دُولية على إيران قبل رفعها نهائياً في منتصف تشرين الأول)، والتي انتهت من دون التوصّل إلى نتائج محدّدة، وإن لم يتحدّث أي من الجانبين لم يتحدّثا عن «فشلها»، فيما قال الجانب الإيراني إنها ستستمرّ في الأيام المقبلة؛ علماً أنه لم يتبقَّ فيه سوى ثلاثة أيام فقط على انتهاء المهلة التي حدّدتها الدول الأوروبية لإيران. وكانت هدّدت هذه الدول بأنه، في حال لم تستأنف طهران مفاوضاتها مع واشنطن للتوصّل إلى اتفاق نووي، ولم تسمح بعودة مفتّشي الوكالة الدُّولية إلى أراضيها، ولم تقدّم توضيحات في شأن وضع مخزونها من اليورانيوم المخصّب، فإنها ستتّجه نحو تفعيل «آلية الزناد».

وفي حين أنّ إيران لم تستوفِ أيّاً من الشروط الأوروبية، باستثناء قضيّة عودة المفتّشين، فإنه من غير الواضح ما إذا كانت الدول الأوروبية ستتحرّك في اتّجاه إعادة فرض العقوبات عليها، أو أنها ستمتنع عن ذلك لمنح الديبلوماسية فرصة أخرى. وفي هذا الإطار، نقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن أربعة ديبلوماسيّين غربيّين، قولهم، أمس، إنّ الترويكا الأوروبية ستبدأ على الأرجح عملية تفعيل «آلية الزناد» يوم الخميس.

وأضافت المصادر أنّ الدول الثلاث تأمل في أن تقدّم طهران التزامات في شأن برنامجها النووي في أثناء الـ30 يوماً المقبلة لمنع التنفيذ العملي للقرار. وكانت القوى الأوروبية اقترحت، في أثناء اجتماعها السابق مع إيران، في تموز الماضي، تمديد مهلة تفعيل الآلية، في حال التزمت طهران بالاشتراطات التي وضعتها، فيما اعتبرت إيران أنه لا يحقّ للأوروبيين تمديد المهلة، وإنها ستتعاون مع حليفتَيها الصين وروسيا لمنع إعادة فرض العقوبات.

وفي هذه الأجواء، دخلت روسيا على خطّ الأزمة، مقدّمةً اقتراحاً بتمديد العمل بالقرار 2231 كحلٍّ وسط يهدف إلى تجنّب مزيد من التصعيد. وقال نائب مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، دميتري بوليانتسكي: «لا يتعلّق الأمر بتخفيف العقوبات لمدّة ستّة أشهر، ولكن بتمديد عمل القرار 2231. وفي الواقع، تريد روسيا والصين، كطرفين مسؤولَين في خطّة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، منح مساحة أكبر للديبلوماسية لحلّ هذه المشكلة». وكان الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، أفاد سابقاً بأنّ طهران تدرس مشروع القرار، في حين أكّد وزير الخارجية، أنّ «قراراً في هذا الشأن سيتّخذه أعضاء مجلس الأمن الدُّولي».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب