مقالات

 ” دور مايكروسوفت وأخواتها في الإبادة الإسرائيلية” بقلم الدكتور وائل الريماوي

بقلم الدكتور وائل الريماوي

 ” دور مايكروسوفت وأخواتها في الإبادة الإسرائيلية”
بقلم الدكتور وائل الريماوي 
كان لافتا، قبل فترة قصيرة، أن شركات الذكاء الصُنعي التابعة لعملاق التكنولوجيا إيلون ماسك، علّقت خدمة روبوت الدردشة «غورك» بعد إعطائه جوابا لسؤال يقول إن إسرائيل والولايات المتحدة تشاركان في ارتكاب إبادة جماعية في القطاع، مستندا إلى نتائج منظمات مثل محكمة العدل الدولية والأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية.
لا يقارن هذا بما حصل حين اعتقلت الشرطة الأمريكية، أول أمس الثلاثاء، محتجين اقتحموا مكتب رئيس شركة مايكروسوفت براد سميث، داخل المقر الرئيسي للشركة في مدينة ريدموند بولاية واشنطن، وذلك ضمن فعاليات متواصلة للاحتجاج على علاقة الشركة بالجيش الإسرائيلي، وكانت الشرطة قد اعتقلت الأسبوع الماضي 18 شخصا في احتجاج مماثل في ساحة المقر الرئيسي للشركة، وسبق للشركة فصل موظف قاطع كلمة رئيسها التنفيذي ساتيا ناديلا، وكذلك فصل موظفين آخرين احتجوا خلال احتفال الذكرى 50 لتأسيسها.
حسب تحقيق استقصائي شاركت فيه صحيفة «الغارديان» البريطانية وموقع «لوكال كول» ومجلة «972+» فإن شركة التكنولوجيا العملاقة طوّرت نسخة مخصصة من Azure (منصة تقدم خدمات واسعة من الحوسبة واتصالات الشبكات والتحليل والتخزين والذكاء الصُنعي) لصالح «الوحدة 8200» الإسرائيلية التي تحتفظ بملفات صوتية لملايين المكالمات الهاتفية التي أجراها فلسطينيون في غزة والضفة الغربية، وتستخدم وحدة الحرب السيبرانية النخبوية في الجيش الإسرائيلي الخوادم السحابية للشركة لتخزين كميات هائلة من المعلومات الاستخبارية عن الفلسطينيين، وهي معلومات تم استخدامها للتخطيط لغارات جوية قاتلة في صياغة العمليات العسكرية.
يتحدّث التقرير عن حضور للشركة الأمريكية في جميع البنى التحتية العسكرية الإسرائيلية، وأن لقاء مباشرا عُقد في مقر الشركة في مدينة سياتل أواخر العام 2021 بين رئيس «الوحدة 8200» في ذلك الحين، يوسي سريئيل، وناديلا، المدير التنفيذي لمايكروسوفت، لتطوير المساحة المخصصة داخل المنصة لتمكين الجيش الإسرائيلي من تنفيذ مشروعه الضخم للمراقبة الجماعية، لأن قدرة الخوادم العسكرية الإسرائيلية على تخزين كل تلك المعلومات عن ملايين الفلسطينيين في غزة والضفة مستحيلة. سمح ذلك باستطاعة لـ«تخزين مليون مكالمة في الساعة الواحدة»، وأدى هذا التعاون إلى تفعيل ما يمكن اعتباره إحدى أكبر وأشد مجموعات بيانات المراقبة تدخلا في شؤون مجموعة سكانية واحدة على مستوى العالم. تشير تقارير أخرى عن تزويد شركات تكنولوجية كبرى إسرائيل بوسائل استعملت في ارتكاب جرائم، وحسب صحيفة «واشنطن بوست» فإن شركة غوغل ساعدت الجيش الإسرائيلي بشكل مباشر في حربه على غزة، وتظهر وثائق أن تل أبيب وسعت استخدامها لأدوات الذكاء الصُنعي لتحديد الأهداف المطلوبة ورصدها وتدميرها، وقد فصلت الشركة 49 من موظفيها بعد احتجاجات لموظفيها على عقد الحوسبة السحابية الذي أبرمته مع الحكومة الإسرائيلية في نيسان/إبريل 2021 ضمن مشروع «نيمبوس»، وهو عقد شاركت فيه أيضا شركة «أمازون».
أحد أشكال التعاون الأخرى، كما هو حال شركة «ميتا» (مالكة «فيسبوك» و«واتساب» و«إنستغرام») كشف عنه تقرير لموقع «غراي زون» الأمريكي والذي ذكر أن أكثر من 100 جاسوس وجندي سابق في الجيش الإسرائيلي يعملون في الشركة، وأن كثيرين منهم خدموا في برنامج «جارين تسابار» المخصص لليهود غير الإسرائيليين، وأن العديد منهم تورطوا في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، ويشغل أحد هؤلاء، منصب رئيس سياسة الذكاء الصنعي في «ميتا». حسب الموقع فإن الوحدة الاستخبارية الإسرائيلية اخترقت مجموعات «واتساب» ووضعت أسماء جميع الأعضاء في قوائم استهداف إذا كان أحد الأعضاء يُشتبه بانتمائه لحركة «حماس»، بغض النظر عن حجم المجموعة أو محتواها!
من أوائل هذه العمليات التي تظهر طريقة هذا التعاون مع شركات التكنولوجيا الأمريكية كانت حين أعطى دمج التقنيات العسكرية بالذكاء الصنعي في «الوحدة 8200» موقعا تقريبيا لمكان إجراء مكالمة هاتفية لإبراهيم البياري، القيادي في «حماس»، فشنت إسرائيل غارات جوية استهدفت عدة مبان في 31 تشرين أول/ أكتوبر 2023 مما أسفر عن مقتل أكثر من 125 مدنيا في الهجوم.
يتجنّب أشهر تطبيقات الذكاء الصُنعي، «تشات جي بي تي»، ما حصل مع «غورك»، حين يتعلّق الأمر بالإبادة والتطهير العرقي للفلسطينيين، لكنّه يستفيض حين تسأله عن «القمع في الصين». شركات التكنولوجيا الكبرى لا تكتفي إذن بدعم الإبادة الإسرائيلية بل تقمع الرواية الفلسطينية، فتقتل ثم تزوّر
على صفحات جريدة القدس العربي الصادره في لندن زاوية راي القدس..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب