جولة في (أجزاء من) الوطن: الشرع يستعرض «إنجازاته»

جولة في (أجزاء من) الوطن: الشرع يستعرض «إنجازاته»
أجرى الشرع جولة استعراضية في حمص وحماة وإدلب لتعويم سلطته وترويج مشاريع مليارية مثيرة للجدل، وسط انهيار اقتصادي واتهامات بالاحتيال.

ضمن جولة استعراضية تعقب إعلانات سابقة عن تفاهمات اقتصادية مليارية، ومشاريع أثارت جدلاً واسعاً في ظلّ عدم موثوقية الجهات التي تمّ توقيع الاتفاقات معها بخصوصها، وفي ظلّ عدم وجود أرضية قانونية وأمنية واستثمارية حقيقية، أجرى الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، جولة على مدن عدّة، استمرّت ليومين. وترافقت الجولة مع عملية «تحشيد» شعبية وتكثيف إعلامي واضح، هدف بمحصّلته إلى تعويم الشرع وإظهار أكبر قدر من التأييد له في الشارع، بموازاة استمراره في القبض على مفاصل الدولة، ومحاولته بناء نظام شديد المركزية.
وتخلّل الجولة التي شملت حمص وحماة وإدلب، وضع الشرع حجر أساس لمشروع عمراني واستثماري في حمص، يحمل اسم «دار السلام»، ويتضمّن تشييد مجمّعات سكنية وتأهيل البنية التحتية الأساسية مثل الطرق وشبكات المياه والكهرباء، وإقامة مناطق تجارية وصناعية، في المحافظة التي تعرّضت مناطق عديدة منها لدمار كبير في أثناء سنوات الحرب. إلا أنّ المشروع الذي وُصِف بأنه كبير، أثار الشكوك حول مدى القدرة على تنفيذه وصوابيّته، في ظلّ الانهيار الكبير في الاقتصاد، والذي يحتاج إلى تأهيل أعمدته الرئيسة (بما فيها الزراعة والصناعة) قبل الانتقال إلى تنفيذ مشاريع من هذا النوع.
وجاءت الزيارة التي تخلّلتها إطلالة للشرع على «الجماهير المحتشدة»، وفق مسؤولين في حمص، بهدف «دحض ما يُقال حول وهميّة المشاريع التي جرى الاتفاق عليها». وهي ترافقت مع وعود بأن تؤمّن تلك المشاريع نحو 10 آلاف فرصة عمل، بالإضافة إلى «إحداث نقلة نوعية» في المحافظة، التي شهدت أخيراً احتجاجات شعبية من قبل سكان حي القرابيص، بعد أن فوجئوا بوجود حيّهم ضمن المخطّطات الاستثمارية المعلن عنها (بوليفارد النصر)، وهو ما دفع لاحقاً إلى استثناء هذا الحي من المخطّطات.
كُشِف عن وجود حال «احتيال» كبيرة في مذكّرة تفاهم حول إقامة مشاريع صيانة للبنى التّحتية في حلب
وبعد زيارته حمص، تنقّل الشرع في حماة، التي زار فيها جبل زين العابدين، الذي كان يمثّل خطّ الدفاع الأبرز في المنطقة الوسطى بالنسبة إلى النظام السابق، حيث استعرض من على قمّة الجبل نجاحه في إسقاط النظام. وعقب ذلك، توجّه إلى إدلب، وزار عدداً من المناطق، بينها سراقب ومعرة النعمان، ومعبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، الذي يتضمّن مقرّاً خاصّاً بالشرع كان ينشط عبره إبّان سنوات سيطرته على إدلب، بدعم تركي.
وتأتي زيارة إدلب، بعد الجدل الواسع الذي تسبّب به نشر الرئاسة مجريات لقاء بين الشرع ووفد من المحافظة، قابل فيه الرئيس الانتقالي مطالب الوفد بالحديث عن الأوضاع الراهنة وصعوبة تلبية جميع الاحتياجات، بالإضافة إلى حديثه عن مشاريع مستقبلية مليارية، الأمر الذي تسبّب بردود فعل متفاوتة في إدلب تحديداً، وسط حديث عن «إهمال متعمّد» للمحافظة التي احتضنت الشرع ومشروعه طيلة السنوات الماضية.
وتزامن التركيز الإعلامي الكبير على جولة الشرع، وما تضمّنته من مظاهر استقبال جماهيري، مع حال استعصاء كبيرة في ملفَّي السويداء جنوبي البلاد و«الإدارة الذاتية» في الشمال الشرقي، حيث فشلت محاولة السيطرة بالقوة على المحافظة الجنوبية من جهة، وتعمّق من جهة أخرى الخلاف بين السلطات الانتقالية و«قوات سوريا الديموقراطية» حول جملة من المبادئ الأساسية لتحقيق الاندماج، أبرزها المحافظة على كينونة «الإدارة الذاتية» وإنشاء نظام لامركزي. ويأتي هذا على عكس رغبة الشرع، الذي بات يقبض فعلياً على معظم مفاصل الدولة عبر «الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية» التي تدير قطاعات واسعة فوق وزارية، من بينها قطاع الطيران، والإدارة المالية للبلاد، علماً أنّ هذه الأمانة يترأّسها ماهر الشرع، شقيق الرئيس الانتقالي.
في غضون ذلك، كشفت عمليات تدقيق في بعض المشاريع المعلن عنها وجود حال «احتيال» كبيرة في مذكّرة تفاهم تمّ توقيعها حول إقامة مشاريع صيانة للبنى التحتية في حلب، تضمّ طرقاً رئيسة، بتكلفة تصل إلى نحو 10 ملايين دولار، لتضاف هذه الحالة إلى عدد كبير من الحالات المشابهة، بعضها يضم تفاهمات حول مشاريع بمليارات الدولارات.
وتخصّ القضية الجديدة تفاهماً تمّ توقيعه في حلب مع ما يُسمّى «المنظمة الدُّولية لحقوق الإنسان وشؤون اللاجئين» (IOHR)، بحضور المحافظ المهندس عزام غريب، جرى الإعلان عنه عبر قناة «الإخبارية السورية» الرسمية، الأربعاء الماضي، باعتباره «إنجازاً دُولياً»، قبل أن يتمّ الكشف عن عدم وجود أي أساس للمنظمة التي جرى التوقيع معها. ويحيل هذا الأمر إلى عملية تلاعب كبيرة بهدف الترويج لاستثمارات ضخمة، وتمرير اتفاقات محدّدة مع جهات تتبع للسلطات الانتقالية بشكل مباشر، لضمان القبض على جميع موارد البلاد.