السعودية وتركيا لـ«حماس»: اقبلوا بشروط إسرائيل

السعودية وتركيا لـ«حماس»: اقبلوا بشروط إسرائيل
السعودية وتركيا تضغطان على «حماس» للقبول بشروط إسرائيل، في موقف يعكس انسجاماً مع الضغوط الغربية وتجاهلاً لجوهر العدوان على غزة.
على رغم سيل التصريحات الصادرة عن السعودية وتركيا، والمندّدة بحرب الإبادة المتواصلة في قطاع غزة، لكنّ ما لا يقال علناً يخفي موقفاً متناغماً مع الموقف الإسرائيلي. ومع أن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، يكرّر تصريحاته الرافضة للسلوك الإسرائيلي في غزة، وهو قرّر، على خلفية ذلك، قطع علاقات بلاده التجارية مع إسرائيل، التي منع أيضاً طيرانها من التحليق في الأجواء التركية، لكنّ العلاقات بين الجانبَين لا تزال مستمرّة.
وفيما كان إردوغان أوفد مبعوثاً شخصيّاً ليطلب إلى رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، الشهيد إسماعيل هنية، في اللحظات الأولى لاندلاع «طوفان الأقصى»، مغادرة البلاد، بزعم «قيادة مشهد الحرب من خارجها»، فهو بدا حريصاً على تجديد الدعوة إلى تحييد بلاده عن أيّ فعل من شأنه أن يقود إلى التصادم مع إسرائيل.
وتكشف مصادر مقرّبة من «حماس»، لـ»الأخبار»، أنه في الوقت الذي تتأهّب فيه موانئ دولية وعربية عدّة لانطلاق أسطول عالمي لنصرة غزة، كان لتركيا رأي آخر، إذ دعت إلى تحييد موانئها من أيّ نشاط مماثل، ومنعت وجود مواطنيها على متن هذه الأساطيل، خشية «تكرار نموذج أسطول مرمرة»، كما تزعم. ومردّ الرفض التركي، إلى أن القضية الفلسطينية لا تشكّل أولوية في السياسة الخارجية لتركيا، التي يأتي الملفّ السوري في مقدّمة أولوياتها، وفقاً للمصادر نفسها، الذي أكّدت أن أنقرة تحفّظت أيضاً على استقبال أسرى محرَّرين في الصفقات الأخيرة، واكتفت باستقبال أسرى القدس المُبعدين.
على أن السلوك التركي ليس مستجدّاً، بل يعود إلى عام 2017، مع تولّي دونالد ترامب فترته الرئاسية الأولى، وإعلانه عن «صفقة القرن»، وما حملته من مشاريع تصفية كاملة للقضيّة الفلسطينية. وقتذاك، أميط اللثام عن عرض أميركي سخيّ للمقاومة الفلسطينية، يقضي بإنشاء كيان في غزة تحت إدارة «حماس»، على أن يتمّ إنشاء ميناء ومطار تحت عنوان «الكيانية السياسية»، وبتمويل أميركي بنحو 15 مليار دولار.
والمفارقة أن العرض الذي كشف عنه هنية وقتها، وأكّد أن الحركة رفضته، خصوصاً لكونه ترافق مع شروط خاصة بـ»تخزين السلاح، والتوقف عن دعم المقاومة في الضفة والقدس، ودفعها إلى الانكفاء، والاهتمام بهموم المواطنين في غزة فقط»، جاء مباشرة من الرئيس التركي، الذي نقله إلى قيادة المقاومة وقتها، بحسب المصادر.
القضية الفلسطينية لا تشكّل أولوية في السياسة الخارجية لتركيا
على أيّ حال، ليس الموقف التركي بعيداً من ذلك السعودي، وإن بدا إردوغان أكثر تفاعلاً ونشاطاً في التعليق الإعلامي على الأحداث في غزة. ووفقاً للمصادر، فإنّ المملكة وضعت «شروطاً صادمة»، قبل أن تبدأ حراكها الداعي إلى وقف العدوان في غزة، علماً أن هذا الحراك ارتبط، في الأشهر الماضية، حصراً بالجهود الفرنسية التي هدفت إلى إعادة تنشيط ملف «حلّ الدولتَين».
وممّا تكشفه المصادر، دعوة الرياض، «حماس»، إلى الموافقة على «شروط الرباعية الدولية»، وفي مقدّمها الاعتراف بـ»دولة إسرائيل»، لقاء تحرُّكها لوقف الإبادة، أو بعبارة أدقّ «محاولة العمل مع الأصدقاء في أميركا ودول غربية لأجل الضغط على نتنياهو لوقف مسار العدوان، والبدء بمسار سياسي يفضي إلى مشروع قد يقيم دولة»، تقع على حدود المناطق الفلسطينية خارج القدس، وكانتونات في الضفة.
وهكذا، نسفت الشروط السعودية اتصالات بادرت إليها أطراف وسيطة لدى حركة «حماس»، التي كانت بدأت حملة اتصالات واسعة مع جهات عربية ودولية متعدّدة، من أجل وقف حرب الإبادة ضدّ القطاع، خاصة مع بروز ملف تهجير مدينة غزة. ونادت أطراف أخرى ضمناً بإيجاد طرق لتنفيذ الشروط الإسرائيلية التي يصرّ عليها نتنياهو لوقف الحرب، وتتمثّل في «تسليم خرائط الأنفاق، وتسليم مواقع المقاومة ومخازنها، وإبعاد قادتها ومجموعة من مقاتليها، والانسحاب الكامل من القطاع، ضمن خطوات إعلامية تعلن فيها القيادة السياسية للمقاومة بشكل واضح حلّ الأجنحة العسكرية التابعة لها».
هذه الشروط التي تلقّفتها المقاومة بين السطور في اتصالاتها مع أطراف مختلفة، كما تقول مصادر عليمة لـ»الأخبار»، هي جوهر الابتزاز السياسي للتحرّك من أجل وقف تهجير سكان غزة، فيما بدت تلك الأطراف صامتة تماماً عن مشروع ضمّ الضفة التي لا يوجد فيها مخزن سلاح واحد.
الاخبار اللبنانية