انتقادات حادة داخل لجنة العلاقات في الأمم المتحدة مع البلد المضيف بسبب منع التأشيرات عن الوفد الفلسطيني

انتقادات حادة داخل لجنة العلاقات في الأمم المتحدة مع البلد المضيف بسبب منع التأشيرات عن الوفد الفلسطيني
عبد الحميد صيام
الأمم المتحدة-
أكدت مصادر دبلوماسية لـ”القدس العربي” طلبت عدم الإفصاح عن هويتها، أن عددا من الوفود التي حضرت اجتماعا مغلقا يوم الجمعة في مقر الأمم المتحدة للجنة العلاقات مع البلد المضيف، انتقدت بشدة الولايات المتحدة لرفضها منح تأشيرات للمسؤولين الفلسطينيين، مؤكدةً أن ذلك ينتهك اتفاقية مقر الأمم المتحدة والقانون الدولي، ويحول دون المشاركة الكاملة والمتساوية في أعمال الأمم المتحدة.
ودعت الوفود الدولةَ المضيفة إلى ضمان حرية الوصول والتنقل دون عوائق لجميع الوفود، والتمسك بمبادئ التعددية ونزاهة الأمم المتحدة. وسلط الاجتماع الضوء على أهمية الامتثال للمعايير الدبلوماسية والمشاركة البناءة لضمان فعالية الأمم المتحدة وشموليتها.
وقد شارك في الاجتماع بالإضافة إلى أعضاء اللجنة الـ19 برئاسة قبرص، الولايات المتحدة ودولة فلسطين المراقب، والاتحاد الأوروبي وعدد آخر من الدول.
وقد تكلم في البداية رئيس اللجنة، الممثل الدائم لقبرص، وأعلن عن افتتاح الاجتماع باعتماد جدول الأعمال، والموافقة على طلبات المشاركة بصفة مراقب، والإشارة إلى رسالة مُعمّمة من فلسطين بشأن مسائل التأشيرات.
ثم قدّمت المستشارة القانونية للأمم المتحدة، إليانور هامرهولد، إحاطة للجنة، مؤكدةً أنه بموجب اتفاقية مقر الأمم المتحدة، يجب على الدولة المضيفة عدم عرقلة دخول الممثلين المدعوين. وسلطت الضوء على قرار الولايات المتحدة برفض منح تأشيرات لوفد فلسطين باعتباره مصدر قلق بالغ، مؤكدةً على أن القانون المحلي لا يمكن أن يُلغي الالتزامات الدولية. وحثّت على اتخاذ قرار قبل المناقشة العامة لتجنب تقويض عمل الأمم المتحدة، وأكدت على استمرار التواصل مع السلطات الأمريكية وتقديم آخر المستجدات إلى الأمين العام.
ثم تكلم السفير الفلسطيني رياض منصور، وأدان في بداية كلمته قرار الولايات المتحدة برفض وإلغاء تأشيرات المسؤولين الفلسطينيين، باعتباره انتهاكًا لاتفاقية مقر الأمم المتحدة. وحذّر منصور من أن استخدام التأشيرات لعرقلة المشاركة في الأمم المتحدة يُشكّل “سابقة خطيرة وغير مقبولة” ودعا إلى التراجع عن القرار؛ وشدّد على حق فلسطين في المشاركة الكاملة في مناقشات الجمعية العامة. كما حثّ السفير الفلسطيني على الالتزام بالبنود 11-13 من الاتفاقية؛ وقال إن الوفد الفلسطيني منفتح على الحوار مع الاحتفاظ بحقّ التحرك في حال استمرار الاستبعاد. وأضاف منصور في ختام مداخلته: “لا يُمكن تحقيق السلام في منطقتنا إلا من خلال حلّ عادل للقضية الفلسطينية.. حلّ مع فلسطين، لا بدونها”.
وتكلم المندوب العراقي نيابة عن المجموعة العربية مطالبا بضرورة وفاء الولايات المتحدة بالتزاماتها بموجب اتفاقية مقر الأمم المتحدة، وخاصة المادة 11 منها، التي تضمن حق فلسطين في المشاركة والبقاء في الأمم المتحدة حتى إتمام واجباتها. وأكد المندوب العراقي على المساواة بين فلسطين وجميع الوفود. وقال إن المجموعة العربية تطالب بضرورة السماح لوفد دولة فلسطين، برئاسة الرئيس محمود عباس، بمواصلة عمله دون أي عرقلة أو استثناء.
موقف الولايات المتحدة
خاطب المندوب الأمريكي اللجنة قائلا: “تعزيزا لمصالح الأمن القومي للولايات المتحدة، رفض وزير الخارجية، ماركو روبيو، وألغى تأشيرات من أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية ومسؤولي السلطة الفلسطينية قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة المقبلة. وقد أشار وزير الخارجية إلى أن إلغاء أو رفض تأشيرات مسؤولي منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية جاء بسبب دوافع الأمن القومي وضرورة نبذ الإرهاب، والتقاضي أمام المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، وحملات الاعتراف الأحادية الجانب؛ معربا عن استعداد بلاده لإعادة التواصل إذا اتُخذت خطوات ملموسة نحو السلام والتعايش مع إسرائيل. وقال إن العمل الآن يجري لمعالجة طلبات التأشيرات؛ قد تحدث تأخيرات في حال تقديمها قبل أقل من 10 أيام عمل. وقد مُنحت بعض التأشيرات لموظفي المراقبين الفلسطينيين.
وقال: “تلتزم الولايات المتحدة بالتزامات الدولة المضيفة، لكنها تحتفظ بالحق في تنظيم السفر بموجب قانون البعثات الأجنبية. وقد تُطبق قيود سفر على وفود أخرى بموجب القانون الأمريكي؛ وتُعالج كل حالة على حدة”.
وقد استمعت اللجنة إلى مداخلات من الاتحاد الأوروبي والنرويج والسنغال وجنوب أفريقيا والبرازيل وكندا وفنزويلا وهولندا وتركيا ونيكاراغوا وماليزيا وفرنسا وبوليفيا وإسبانيا والمكسيك والمملكة المتحدة وبلغاريا وكوبا وإيران وسويسرا. وقد أجمع المتحدثون على حق الوفد الفلسطيني بالحصول على التأشيرات ودخول المنظمة الدولية لإلقاء كلمة فلسطين، وناشدوا الدولة المضيفة أن تعيد النظر في قراراتها، وطالبوا المندوب الأمريكي بأن يلتزم بنصوص معاهدة عام 1947 حول العلاقات بين الأمم المتحدة والبلد المضيف.
وقد ذهبت ممثلة جنوب أفريقيا إلى أبعد من ذلك، حيث أعربت عن قلقها إزاء الإجراءات الأمريكية الأوسع نطاقًا، بما في ذلك فرض عقوبات على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية وفرض قيود على المقررة الخاصة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيزي.
وحثّت جنوب أفريقيا لجنة الأمم المتحدة للعلاقات بالبلد المضيف، على الدخول في محادثات مع البلد المضيف لضمان مشاركة جميع الوفود، بما فيها فلسطين، ومشاركة كاملة في دورات الأمم المتحدة المستقبلية. وقالت: “ينبغي إدانة رفض منح تأشيرات للوفد الفلسطيني وإلغائها. هذه الخطوة لا تقوّض التعددية فحسب، بل تتعارض أيضًا مع اتفاقية المقر، التي تضمن مشاركة الدول في أعمال الأمم المتحدة”.
“القدس العربي”: