وسْم فصائل المقاومة بـ«الإرهاب»: واشنطن تشدّد ضغوطها على بغداد

وسْم فصائل المقاومة بـ«الإرهاب»: واشنطن تشدّد ضغوطها على بغداد
واشنطن تعيد إدراج فصائل عراقية على لائحة الإرهاب في إطار سياسة الضغط الأقصى، فيما تؤكد الفصائل أنّ سلاحها باقٍ والعقوبات لا تغيّر شيئاً في المعادلة.

بغداد | أدرجت وزارة الخارجية الأميركية، أمس، 4 فصائل عراقية مسلّحة على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية، هي: «حركة النجباء»، «كتائب سيّد الشهداء»، «حركة أنصار الله الأوفياء»، و«كتائب الإمام علي»، وذلك بعدما كانت وضعت هذه المجموعات ضمن قائمة «الإرهابيين العالميين المصنَّفين بشكل خاص». وتتيح هذه الخطوة توسيع نطاق العقوبات على الفصائل وتجميد الأصول المالية التابعة لها وملاحقة أي جهة تتعامل معها.
وبرّرت الخارجية الأميركية، في بيان، القرار بأنّ الفصائل الأربعة «تتلقّى دعماً مباشراً من إيران، الدولة الراعية الأولى للإرهاب عالمياً، يمكّنها من التخطيط لهجمات أو تنفيذها ضدّ المصالح الأميركية وقوات التحالف في العراق»، مشيرة إلى أنّ هذه الجماعات «نفّذت مراراً هجمات على السفارة الأميركية في بغداد وعلى قواعد عسكرية تستضيف قوات أميركية وأخرى تابعة للتحالف الدولي، وغالباً ما استخدمت أسماء وهميّة أو واجهات تنظيمية لإخفاء تورّطها المباشر».
وتندرج الخطوة الأميركية الجديدة في سياق سياسة «الضغط الأقصى» المنبثقة من مذكّرة الأمن القومي الرئاسية رقم (2)، التي أصدرها الرئيس دونالد ترامب، وهدفت إلى محاصرة طهران وحلفائها الإقليميين عبر العقوبات المالية والعسكرية. ومع أنّ واشنطن تواصل ترديد الخطاب ذاته منذ سنوات، إلا أنّ توقيت الإعلان يثير أسئلة بشأن أبعاده السياسية والأمنية، وخصوصاً مع تصاعد التوتّر في الإقليم، والحديث عن إعادة تنظيم وجود القوات الأميركية في العراق.
«الفصائل باقية وسلاحها باقٍ، وهذه العقوبات لا تغيّر شيئاً في المعادلة الداخلية»
في المقابل، سارع قادة الفصائل المشمولة بالتصنيف إلى التهوين من شأن القرار. وقال مصدر قيادي في إحداها، لـ«الأخبار»، إنّ «الإدراج الجديد لا قيمة معنوية له، بل يهدف فقط إلى ممارسة الضغط على محور المقاومة»، مضيفاً أنّ «أي اعتداء أميركي أو إسرائيلي على العراق أو على مقارّ الفصائل سيقابَل بردّ حتمي، لكننا حالياً نترك المجال أمام الحكومة العراقية لمواصلة جولاتها التفاوضية مع واشنطن». وأشار المصدر إلى أنّ «المشروع الأميركي – الإسرائيلي لتفكيك الفصائل أو نزع سلاحها معروف بالنسبة إلينا، ولدينا معلومات كاملة عنه»، معتبراً أنّ «غياب السيادة الوطنية هو ما يتيح للولايات المتحدة التصرّف بهذا الشكل من دون رادع».
من جهته، أكّد المتحدّث باسم «كتائب سيّد الشهداء»، كاظم الفرطوسي، لـ«الأخبار»، أنّ «ورقة وضعنا على قوائم الإرهاب ليست جديدة، لكنّ واشنطن تعيد التلويح بها اليوم كجزء من سياسة الضغط القصوى». وأضاف أنّ «الفصائل باقية وسلاحها باقٍ، وهذه العقوبات لا تغيّر شيئاً في المعادلة الداخلية»، معتبراً أنّ «التصنيفات الأميركية ما هي إلا أدوات لتصفية الخصوم تحت شعار مكافحة الإرهاب».
ولفت الفرطوسي إلى أنّ «هذه الفصائل تعمل في إطار الدفاع عن العراق، ولم يكن لها أي نشاط خارجي كما تدّعي الولايات المتحدة»، متابعاً أنّ «مجرد إدراجنا على هذه القوائم هو اعتراف غير مباشر من العدو بقوّتنا وتأثيرنا». وختم بالقول إنّ «العراق يعيش أزمة سيادة تجعل استهدافه متكرّراً، سواء عبر الغارات أو عبر العقوبات، فيما يُتقن الأميركيون والإسرائيليون اختلاق الذرائع لشرعنة هذه السياسات».
وفي قراءة تحليلية، يوضح الخبير الأمني العراقي، العميد المتقاعد أحمد السامرائي، لـ«الأخبار»، أنّ «تجديد إدراج هذه الفصائل على لائحة الإرهاب لا يحمل بُعداً قانونياً جديداً بقدر ما يوجّه رسالة سياسية متعدّدة الأوجه». وبرأيه، فإنّ «الولايات المتحدة تسعى عبر هذا الإجراء إلى تقييد حركة هذه المجموعات مالياً وإعلامياً، وفي الوقت نفسه تمهيد الساحة لأي ترتيبات أمنيّة تتعلّق بوجود قواتها في العراق».
ويرى أنّ «القرار يهدف إلى ردع الفصائل وإحراج الحكومة العراقية عبر تحميلها مسؤولية التعامل مع جماعات مصنّفة إرهابية، ما يزيد من الضغوط عليها في ملف السلاح». ويضيف أنّ «المخاطر تكمن في أن يُفهم التصنيف كتمهيد لاستهداف مباشر، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام تصعيد عسكري ينعكس على الوضع الداخلي والإقليمي معاً».