كيف تغيّر ميكروبات الأمعاء صحتك ومزاجك؟

كيف تغيّر ميكروبات الأمعاء صحتك ومزاجك؟
ميكروبات الأمعاء تؤثر في المناعة والمزاج والوزن. تعرّف كيف تغذيها بالأطعمة الغنية بالألياف، وتجنب ما يضعف توازنها ويؤذي صحتك.
في كل مرة تتناول فيها وجبة، فأنت تستضيف مأدبة عشاء داخل جسدك — وضيوفك هم التريليونات من الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في أمعائك. هذه الميكروبات، المعروفة باسم «ميكروبيوم الأمعاء»، تلعب دوراً محورياً في صحتك العامة، إيجاباً أو سلباً، تبعاً لما تختار أن تطعمها إياه.
تناول الأطعمة الصحية يعني أن ميكروباتك ستنتج مركّبات تحميك وتحافظ على توازنك، بينما الأطعمة غير المناسبة قد تسبب التهابات وتزيد من خطر الأمراض المزمنة.
توضح كارين كوربن، الباحثة في معهد «أدفنت هيلث» للأبحاث الانتقالية في علم الأيض والسكري في أورلاندو، أن العناية بهذه الميكروبات تشبه تماماً العناية بأي كائن حي يعتمد عليك:
«إذا اعتنيت بميكروبات أمعائك، فستعتني هي بك. لكن إن تركتها جائعة، فستبدأ بأكل الطبقة المخاطية التي تحمي الأمعاء وتنتج مركبات ضارة بالصحة».
غذاء الميكروبيوم: الألياف أولاً
تعشق ميكروبات الأمعاء الألياف، خاصة نوعاً منها يُعرف بـ«النشا المقاوم»، والمتوافر في أطعمة مثل:
* الفاصولياء والبازلاء والعدس
* الموز الأخضر والتفاح والإجاص
* الحبوب الكاملة مثل الشعير، الأرز البني، والشوفان
توصي الهيئات الصحية بتناول نحو 28 غراماً من الألياف يومياً، ولكن معظم الناس يستهلكون أقل من ذلك بكثير.
تقول كوربن إن التغيير لا يتطلب ثورة غذائية، بل ترقية بسيطة:
«استبدل الخبز الأبيض بالخبز الأسمر، واسأل نفسك يومياً: هل أطعمت ميكروبات أمعائي اليوم؟ إذا كانت الإجابة لا، فابحث عن عنصر يمكنك تحسينه في وجبتك».
لماذا تحتاج الألياف؟
تعيش معظم الميكروبات المفيدة في القولون، وهي تعتمد على الألياف التي لا يستطيع جسم الإنسان هضمها.
عندما تتغذى الميكروبات على الألياف، تنتج أحماضاً دهنية قصيرة السلسلة (SCFAs) تقلل الالتهاب وتزيد إفراز هرمون GLP-1، الذي يساعد على كبح الشهية — وهو نفسه الذي تحاكيه أدوية مثل Ozempic وWegovy.
من أبرز هذه الأحماض «البيوتيرات» (Butyrate)، الذي يحمي جدار الأمعاء ويعزز توازنها الحيوي.
وتقول كوربن: «الميكروبات في القولون تحوّل الألياف إلى جزيئات تنظم مستوى السكر في الدم وتفرز هرمونات تمنحك الإحساس بالشبع».
الأطعمة الفائقة التصنيع: العدو الصامت
الخبز الأبيض، الكعك، رقائق البطاطس، البسكويت، والحبوب المحلّاة كلها فقيرة بالألياف وغنية بالسعرات الحرارية.
تُهضم هذه الأطعمة بسرعة، ما يعني سعرات أكثر للجسم وأقل لميكروبات الأمعاء. النتيجة: ارتفاع سكر الدم، زيادة الوزن، وتجويع الميكروبات التي تحتاج إلى الألياف لتعيش.
ليست كل السعرات متساوية
حين لا تجد الميكروبات غذاءً مناسباً، تبدأ باستهلاك الطبقة المخاطية الواقية في الأمعاء، ما يسمح بتسرّب السموم إلى مجرى الدم ويؤدي إلى التهابات مزمنة.
وقد ربطت الدراسات بين الأنظمة الفقيرة بالألياف وارتفاع معدلات السمنة والسكري من النوع الثاني وأمراض القلب.
دراسة تثبت الفرق
في عام 2023، أجرت كوربن وزملاؤها تجربة على مجموعة من البالغين الأصحاء خضعوا لنظامين غذائيين لمدة ثلاثة أسابيع لكل منهما:
* النظام الغربي: غني بالأطعمة الفائقة التصنيع مثل الخبز الأبيض والحلويات واللحوم الباردة والعصائر السكرية.
* نظام تعزيز الميكروبيوم: غني بالألياف من الفواكه والخضار والمكسرات والحبوب الكاملة والزبادي الطبيعي.
والنتيجة؟ امتص المشاركون سعرات أقل وفقدوا وزناً أكثر عند اتباع النظام الغني بالألياف، مع ارتفاع في مستويات GLP-1 والأحماض المفيدة التي تدعم صحة الأمعاء.
كيف «ترقي» وجباتك اليومية؟
تؤكد كوربن أن الاستمرارية أهم من المثالية، وتنصح بخطوات بسيطة:
* الإفطار: استبدل الحبوب السكرية بالشوفان الكامل مع المكسرات والفواكه.
* الغداء: اختر خبز الحبوب الكاملة بدلاً من الأبيض، وأضف خضاراً طازجة إلى الساندويتش.
* العشاء: جرّب المعكرونة المصنوعة من القمح الكامل أو البقوليات مع صلصة غنية بالخضار.
* الوجبات الخفيفة: استبدل رقائق البطاطس بالمكسرات أو البسكويت المصنوع من الحبوب الكاملة.
وتختتم كوربن بنبرة واقعية: «لا أحد يأكل بشكل مثالي دائماً. حاول أن تختار الأفضل في معظم الأيام، وتذكر أن يوماً سيئاً من الأكل لن يدمّر حياتك».