شعب يريد الحياة

شعب يريد الحياة
رواية قصيره .
للكاتب والمحامي علي أبو حبلة
المقدمة
في زمنٍ تلاشت فيه الملامح بين الظلم والخذلان، وذابت فيه الأصوات الحرة تحت ركام الخوف، وُلدت هذه الحكاية…
ليست عن بطلٍ واحدٍ، بل عن شعبٍ بأكمله؛ عن أولئك الذين صمدوا بأيديٍ عارية وقلوبٍ عامرة بالإيمان، عن العجائز الذين حفظوا الوطن في الذاكرة، وعن الأطفال الذين كتبوا على دفاتر المدرسة أحلامًا أكبر من أعمارهم.
هذه الرواية ليست مجرد سردٍ أدبي، بل شهادةٌ على مرحلةٍ من الوعي، ونشيدٌ للحياة، حين قرر الناس أن يقولوا:
“كفى صمتًا… كفى انتظارًا… نحن نريد أن نحيا كما تحيا الشعوب.”
فيها تتقاطع مصائر الناس مع تاريخٍ موجوعٍ، فيه الخوف والحب، الحلم والموت، النفي والعودة، لكنها في النهاية حكاية إرادةٍ لا تُقهر، تُثبت أن الإنسان إذا وعى قيمته، فإنه لا يُهزم.
الفصل الأول: شرارة الوعي
كانت “بلاد النور” تنام على رماد الماضي، وتستيقظ على وعودٍ كاذبة.
في الأزقة الضيقة التي تشهد على فقرها وكرامتها، كان الشاب “عمر” يكتب على جدارٍ متآكلٍ من المدرسة القديمة: “نريد أن نحيا كما تحيا الشعوب.”
كلمة واحدة، لكنها كانت كافية لتشعل الخوف في قلوب المتسلطين، ولتفتح نافذةً من الأمل في قلوب الناس.
منذ تلك الليلة، لم يعد عمر مجرّد شابٍ يحلم، بل صار رمزًا لصوتٍ جديد، خرج من رحم المعاناة يعلن بداية الوعي، بداية السؤال الذي لا يحتمل التأجيل:
لماذا نحيا عبيدًا، بينما خلقنا الله أحرارًا؟
الفصل الثاني: حين نهض الحلم
في ليلةٍ من صيفٍ خانق، نزل الناس إلى الساحات يحملون الشموع بدل البنادق، يهتفون لا ليموتوا، بل ليُسمِعوا.
كانت الوجوه مضاءة بأملٍ غريب، وكانت النساء يتقدمن الصفوف، يرفعن صور الأبناء والشهداء، ووراءهن الشيوخ والأطفال يهتفون:
“حرية… عدالة… مساواة!”
لم يكن أحد يتوقع أن تتحول تلك الليلة إلى فجرٍ جديد في تاريخ البلاد.
الناس كسروا حاجز الخوف، والمدينة استيقظت على صوتٍ لم تسمعه منذ أجيال:
صوت الشعب.
الفصل الثالث: الأرض تتكلم
حين انطلقت أول رصاصةٍ في وجه الحلم، لم يهرب الناس… بل تقدموا.
في الشوارع امتلأت الجدران بالكلمات بدل الدماء، كأن الحجر نفسه بدأ يروي الحكاية التي خاف الجميع من قولها.
“لن نعود إلى الصمت.”
“العدالة حقّ وليست منّة.”
“شعبٌ يريد الحياة، فليقدّره القدر.”
تغيرت ملامح البلاد. الجنود باتوا يخافون من عيون الأمهات، والاحتلال فقد قدرته للترويج عن سرديته
وفي كل بيتٍ وشارعٍ وزاويةٍ، كان الناس يتناقلون النداء ذاته:
“الحياة حقّ، والكرامة طريقها.”
الفصل الرابع: رحلة الألم والحلم
الزنازين ضاقت بالأحرار، والمدن تكسّرت تحت القمع، لكن شيئًا في القلوب لم ينكسر.
كان “عمر” في زنزانته يكتب على جدارٍ بقطعة فحمٍ صغيرة:
“قد يسرقون أصواتنا، لكنهم لن يسرقوا أحلامنا.”
خارج القضبان، كانت أمه تحمل صوره في المسيرات، ورفاقه يواصلون الهتاف في وجه العاصفة.
مرت السنوات، وتغيرت الوجوه، لكن الرسالة بقيت واحدة:
أن الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع، وأن العدالة لا تهبط من السماء إلا حين يرفع الناس رؤوسهم نحوها.
الفصل الخامس: الفجر الأخير
في صباحٍ بدا عاديًا، أشرقت الشمس على ساحة المدينة لتجد الأعلام مرفوعة دون إذن، والأغاني تُبث من مكبّرات الصباح دون خوف.
لم يصدر مرسومٌ من الحاكم، ولم توقّع اتفاقية… بل قرر الناس ببساطةٍ أن يعيشوا كما يريدون.
خرج عمر من سجنه، فوجد الجدران مغطاة بالكلمات التي كتبها يومًا بدمه، والبلاد تنبض بوجوهٍ جديدة تحمل الحلم ذاته.
اقترب من الجدار الذي كتب عليه أول مرة، وقرأ العبارة التي صارت نشيد وطنه: “هنا مرّ شعبٌ أراد الحياة… فصنعها.”
خاتمة الرواية
هذه ليست نهاية الحكاية، بل بدايتها.
فالشعوب التي ترزح تحت الاحتلال تتوق إلى تذوق طعم الحرية لا تعود إلى القيود وعبودية الاحتلال، والذين عرفوا معنى الكرامة لا يقبلون المهانة.
لقد كتب هذا الشعب قصته بدمه وصموده، ليقول للعالم:
“نحن أبناء الشمس، نُولد من رمادنا… ونحيا من أجل أن نحيا.”




