إسرائيل تفرض معاييرها على «القوّة الدولية»: توافق فصائلي على حكومة «تكنوقراط»

إسرائيل تفرض معاييرها على «القوّة الدولية»: توافق فصائلي على حكومة «تكنوقراط»
توصّلت الفصائل الفلسطينية الى اتفاق حول «لجنة مؤقتة» من الشخصيات «التكنوقراطية» لإدارة قطاع غزة خلال المرحلة المقبلة. وأعدّت القاهرة لائحة بأسماء مرشّحين ليكونوا أعضاء في اللجنة.
انتهت في القاهرة، مساء أمس، اجتماعات الفصائل الفلسطينية التي امتدّت على مدار يومَي الخميس والجمعة. وعلى الرغم من فشلها في التوصّل إلى اتفاق شامل يعيد ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، إلا أن الفصائل توصّلت إلى اتفاق على تسليم إدارة قطاع غزة لـ«لجنة فلسطينية مؤقّتة» من أبناء القطاع، تتكوّن من شخصيات «تكنوقراطية» مستقلّة عنها. وكانت أعدّت القاهرة مسبقاً قائمة بأسماء المرشّحين لهذه اللجنة، ثم تمّ التوافق عليها مع حركتَي «حماس» و«فتح»، في حين تُجري مصر مشاورات بشأنها مع الجانبين الإسرائيلي والأميركي.
وفي بيان ختامي صدر عقب الاجتماعات، قالت الفصائل إن اللقاء جرى بدعوة من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في إطار «استكمال جهود الوساطة لوقف الحرب على غزة، ومواجهة تداعياتها». وأشارت إلى أن الاجتماع يأتي «تمهيداً لحوار وطني شامل يهدف إلى حماية المشروع الوطني الفلسطيني واستعادة الوحدة الوطنية». واتفقت الفصائل على «دعم إجراءات وقف إطلاق النار، وعلى اتخاذ كل الخطوات اللازمة للحفاظ على الأمن والاستقرار في القطاع»، بما يشمل «تسليم إدارته للجنة تكنوقراط بالتنسيق مع الدول العربية والمؤسسات الدولية».
كما أعلنت التوافق على آلية عمل «اللجنة الدولية» التي ستتولّى الإشراف على تمويل عملية إعادة الإعمار وتنفيذها، مع التشديد على «وحدة النظام السياسي الفلسطيني واستقلالية القرار الوطني». كذلك، شدّدت الفصائل على «ضرورة استصدار قرار أممي بشأن تشكيل قوات أممية مؤقّتة لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار»، في وقت دعت فيه إلى «عقد اجتماع وطني عاجل يضمّ جميع القوى والفصائل الفلسطينية بهدف وضع إستراتيجية وطنية جامعة وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية»، التي أكّدت أنها «لا تزال الممثّل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وينبغي أن تضمّ جميع مكوّنات الشعب».
وفي بيان منفصل، جدّدت حركة «حماس» التزامها الكامل بتفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار، وحرصها على تنفيذ بنوده. وأشارت إلى أنها «أنجزت المرحلة الأولى عبر تسليم الأسرى الأحياء وبعض الجثامين، وتعمل حالياً على استكمال ما تبقّى»، مضيفة أن المرحلة الثانية «تتطلّب نقاشات إضافية نظراً إلى تعقيداتها». وأكّدت الحركة حصولها على «ضمانات» من مصر وقطر وتركيا، بالإضافة إلى تأكيدات أميركية مباشرة، بأن الحرب قد انتهت فعلياً. كما دعت إلى الانخراط في حوار وطني شامل، والانحياز إلى ما وصفته بـ«الإجماع الوطني» المتبلور في غزة.
وفي السياق نفسه، نقلت مصادر مصرية مطّلعة، إلى «الأخبار»، أن ما أُعلن من تفاهمات «لا يزال في طور الصياغة التفصيلية»، مؤكّدة «التوافق على الدعوة إلى استصدار قرار أممي بشأن القوة الدولية المؤقّتة في غزة، وهو مطلب مصري أيضاً، وسيُضفي شرعية على أي وجود عسكري خارجي داخل القطاع، بشرط أن يكون هذا الوجود مؤقّتاً»، وذلك في انتظار التقدّم في المراحل السياسية اللاحقة. ورغم عدم التوصّل إلى اتفاق تفصيلي بشأن آليات تفعيل «منظمة التحرير»، تقول المصادر إن «القاهرة ستبذل جهوداً كبيرة في هذا السياق في المرحلة المقبلة، في ضوء المساعي الرامية إلى تمكين المنظّمة من قيادة التفاوض الدولي باسم الفلسطينيين».
أعدّت القاهرة مُسبقاً قائمة بأسماء المرشّحين لـ«اللجنة المؤقّتة»
في هذا الوقت، حطّ وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، في الكيان أمس، استكمالاً لسلسلة زيارات المسؤولين والمبعوثين الأميركيين إلى إسرائيل، الهادفة إلى الدفع بتنفيذ الاتفاق. وفي موقف لافت، قال روبيو إن «القوة الدولية» المُزمع نشرها في غزة يجب أن تتألف من دول «تشعر إسرائيل بالارتياح تجاهها». وأشار، من «مركز التنسيق العسكري المدني» في كريات غات جنوب فلسطين المحتلة، إلى أن ثمّة دولاً أعربت عن رغبتها في المشاركة، مستدركاً بأنه «من الضروري أن تكون هذه الدول مقبولة من إسرائيل».
وفي السياق، أفادت صحيفة «يسرائيل هيوم» بأن واشنطن وافقت على طلب إسرائيلي يقضي بعدم إشراك جنود أتراك في القوة، مرجّحة أن «تتألف الأخيرة من جنود أذربيجانيين وإندونيسيين»، وذلك استناداً إلى نتائج محادثات نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، مع رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو. وبحسب الصحيفة، فإن «عدد المشاركين في القوة قد يبلغ عشرات الآلاف من الجنود».
كذلك، نقلت وكالة «رويترز» عن روبيو قوله إن «مستقبل الحكم في غزة لا يزال قيد النقاش بين إسرائيل والدول الشريكة، وقد لا يشمل حركة حماس». وأضاف أن وكالة «الأونروا» الأممية لا يمكنها أداء أي دور في القطاع لأنها «تابعة للحركة»، وفق زعمه. كما اعتبر أن رفض «حماس» نزع سلاحها سيُعدّ «خرقاً للاتفاق»، وحينها، ستُجبر الحركة على الامتثال عبر «إجراءات ضرورية»، وفق ما هدّد به.
وفي المقابل، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن روبيو اعتبر أن «إسرائيل تفي بالتزاماتها»، في حين تسعى الولايات المتحدة إلى «خلق ظروف تمنع عودة حماس إلى السيطرة». كما نقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن الوزير الأميركي وصفه التنسيق الجاري لوقف إطلاق النار بـ«المهمة التاريخية»، وإشارته إلى أن بلاده «تعمل مع شركائها لإنجاح الهدنة، وإدخال المساعدات، والتحضير لنشر قوة استقرار دولية». وفي ما يتعلّق باتفاقات التطبيع، لفت روبيو إلى أن تنفيذ الاتفاق من شأنه تسريع ضمّ دول جديدة إلى «الاتفاقات الإبراهيمية»، متحدّثاً عن وجود «دول كثيرة ترغب في الانضمام» إلى تلك الاتفاقات.
ميدانياً، نقلت إذاعة جيش الاحتلال أن الأخير لا يزال، رغم سريان وقف إطلاق النار، يحتفظ بفرقتين عسكريتين في منطقة غلاف غزة، حيث تتقاسمان مسؤولية حماية المستوطنات. وقد تولّت «فرقة الاحتياط 252» مسؤولية المنطقة الشمالية والوسطى من القطاع، بينما تشرف «فرقة غزة» على المناطق الجنوبية و«محور فيلادلفيا»، على أن يبقى هذا التقسيم ساري المفعول حتى إشعار آخر.
ورغم ذلك، وفي خطوة لافتة، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» أن «القوات الأميركية تُشغّل طائرات مُسيّرة للمراقبة فوق غزة، في محاولة لضمان استمرارية وقف إطلاق النار»، في ما يعكس رغبة واشنطن في الحصول على «صورة مستقلّة ومباشرة عن التطورات الميدانية». وفي مؤشر إضافي إلى تصاعد الدور الرقابي الأميركي داخل القطاع، أفادت «القناة 12» العبرية بأن «على إسرائيل تنسيق جميع عملياتها العسكرية في منطقة الخط الأصفر مع الجانب الأميركي بشكل مُسبق».



