الصحافه

ماذا لو أدان قادة المعارضة والإعلاميون إجرام المستوطنين في الضفة الغربية؟

ماذا لو أدان قادة المعارضة والإعلاميون إجرام المستوطنين في الضفة الغربية؟

موجة إدانات ضخمة تكتسح الدولة في هذه الأيام. أمر مدهش.

رئيس المعارضة، يئير لبيد، كتب في “إكس”: “هل هؤلاء يهود – أبناء الشعب الذي عرف المشقات والاضطهاد عبر التاريخ، أم أنهم مخلوقات من صنع الذكاء الاصطناعي؟ من هم الذين يحرقون البيوت، ويحرقون الحقول، ويضربون المزارعين، بينما جيشنا، الأكثر أخلاقية في العالم، يحمي المجرمين؟ حتى الشرطة، التي مهمتها الحفاظ على سلامة الجميع، تخون مهمتها. أشعر بالغربة هنا”.

ليس لبيد وحيداً في شعوره هذا؛ حتى افيغدور ليبرمان، المعروف بمواقفه اليمينية المتشددة، لم يقدر على الصمت: “أنا مع ضم الضفة، ولكن أعمال تخريب الممتلكات التي ترتكب في مناطق “يهودا والسامرة” غريبة عن مواقفي ومبادئي. كرجل يمين واضح، أقول بلغة واضحة: هذا ليس نهج الصهيونية”. وهذا عضو الكنيست بني غانتس قال في “كان 11”: “أشعر بالخجل والعار. أين الجيش، أين الشرطة، فبدلاً من ردع المجرمين، يحمونهم. الجيش الإسرائيلي يفقد العمود الفقري، الذي يمكن تعريفه بكلمتين: الأخلاق اليهودية”.

أحد البارزين في القائمة الطويلة لمن يدينون، هو رئيس “شاس” آريه درعي، الذي قال في درس للتوراة بأنه لا ينام الليل: “لا تدمر شجرة، هكذا علمتنا التوراة”، قال. “هؤلاء الناس يشعلون النار باسم الدين، وباسمه يقتلعون أشجار الزيتون، يا للعار!”. نفتالي بينيت أيضاً أدان، المتصدر في الاستطلاعات، هذه الجرائم وأكد أنه لو كان في السلطة لما حدثت هذه الأمور المشينة. وبالطبع، رئيس الدولة إسحق هرتسوغ أعلن بحماسة أنه يدين بشدة هذه المشاهد المشينة في الضفة الغربية.

يمكن القول بأن وسائل الإعلام في إسرائيل عبرت عن صدمة شديدة. “يقتلعون الأشجار”، صرخ عنوان رئيسي في الصفحة الأولى في “يديعوت أحرونوت”، ونشرت تحته صورة لأشجار زيتون مشتعلة. وظهرت في الصفحة نفسها إشارة إلى مقال لبن درور يميني. تحت عنوان “عار”، كتب يميني من أعماقه: “لقد مُنعت الضحية من الدفاع عن نفسها أمام هجوم الزعران، حتى هذا الشعور الفطري لأي كائن حي، سلب من الفلسطينيين”، قال. “لطالما ناضلت ضد اللاسامية. لم أتوقع أن يأتي يوم أدين فيه أفعالاً مماثلة تصدر عنا”.

القناة 12 أرسلت طواقمها إلى مناطق الهجمات على بيوت الفلسطينيين. وقد أجرت مقابلات مع أصحاب البيوت التي أحرقت، ومع فلاحين قرب حقولهم المحروقة، ومع عائلات تم إطلاق النار على أبنائها وبعضهم قتل من قبل المشاغبين. نزلت الدموع من عيون أحد المراسلين. أيضاً زعماء الاحتجاج الكبير لم يصمتوا. “في الوقت الذي نتظاهر فيه هنا من أجل الديمقراطية”، قال مندوب “إخوة في السلاح” في مسيرة جماهيرية في شارع كابلان في تل أبيب. “ونحن نهب للدفاع عن المؤسسات القانونية، ترتكب مذابح غير بعيد عن هنا. وإذا لم يكن هناك ديمقراطية ولا قانون فلن يكون. كرة الثلج وصلت إلينا. محظور علينا الصمت”.

بالطبع، كل هذا لم يحدث. فالسياسيون ورجال الجمهور والمراسلون واصلوا انشغالهم بشؤونهم، ووالمواطنون الجيدون يترددون كعادتهم إلى المجمعات التجارية ويتحدثون وهم يدينون العالم المنافق الذي يكره إسرائيل. أنا على قناعة بأنه لو حدث نصف ما وصفته أعلاه، لتوقفت أعمال الزعرنة منذ زمن. الصمت العام هو الذي أعطى الشرعية لمواصلة هذه الزعرنة. المشاغبون يواصلون أعمال الشغب، أما إسرائيل الجميلة فيواصل سكانها تكرار كلمة “الديمقراطية”. ولكن الكتائب القادمة من الأرض الحرام ستقضم ما بقي من الديمقراطية وحرية التعبير وحق التصويت.

ملاحظة: أنا متأثر وعيوني تدمع عند مشاهدة نشطاء السلام والعدالة اليهود الذين يأتون لحماية إخوانهم الفلسطينيين في أوقاتهم الصعبة، ويعرضون حياتهم للخطر أيضاً. أقدم لهم التحية.

عودة بشارات

هآرتس 3/11/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب