فلسطين
طولكرم على حافة الانهيار الاقتصادي: بنية تحتية مدمرة وقطاعات تحتضر ووعود حكومية بلا تنفيذ

طولكرم على حافة الانهيار الاقتصادي: بنية تحتية مدمرة وقطاعات تحتضر ووعود حكومية بلا تنفيذ
طولكرم / صحيفة صوت العروبة
تشهد محافظة طولكرم تدهورًا اقتصاديًا غير مسبوق، وسط مؤشرات تنذر بخطر كبير على مستقبل القطاعات التجارية والصناعية والخدمية. ويجمع التجار والغرفة التجارية ومؤسسات المجتمع المحلي على أن الواقع الحالي هو الأسوأ منذ سنوات، في ظل غياب أي تدخل حكومي فعلي ومباشر لمعالجة الأزمة المتفاقمة.
تجار بلا قدرة على الصمود
يؤكد عضو غرفة تجارة وصناعة طولكرم، سلام مرعي، أن غالبية القطاعات التجارية “باتت عاجزة عن الاستمرار”، نتيجة الضغوط الاقتصادية، وتراجع القدرة الشرائية، وارتفاع التكاليف، وتعطل الحركة التجارية اليومية.
وأشار مرعي في تصريحاته إلى أن الوضع بات “يهدد وجود الكثير من المشاريع”، حيث اضطر عدد من أصحاب الأعمال إلى نقل مشاريعهم إلى محافظات أكثر استقرارًا، في ظل ما وصفه بأن طولكرم أصبحت “بيئة طاردة” للاستثمار والعمل.
بنية تحتية منهارة تعمّق الأزمة
تشكل البنية التحتية — وخاصة الشوارع الرئيسية — إحدى أكبر الأزمات التي تضرب قلب طولكرم التجاري.
فالحفريات المتواصلة، والاهتراء، وغياب الصيانة الفعلية، أدت إلى:
تراجع كبير في حركة الشراء
عزوف المواطنين عن دخول مناطق كاملة داخل المدينة
ارتفاع خسائر النقل والشحن
وهجرة المستثمرين والمحال التجارية إلى مواقع أخرى
وباتت حركة التنقل داخل المدينة نفسها عبئًا على المواطنين والتجار، ما فاقم من تراجع الإيرادات اليومية للمحال.
وعود حكومية متكررة… بلا أي تنفيذ
وبحسب الغرفة التجارية، فقد تم تقديم عشرات المطالب للحكومة والوزارات المختصة خلال الشهور الماضية، شملت:
إصلاح البنية التحتية
فتح المعابر وتسهيل حركة البضائع
دعم القطاعات المتضررة
تخفيف الأعباء الضريبية والمالية
إلّا أن مرعي يؤكد أن “شيئًا لم يُنفذ تقريبًا من كل تلك الوعود”، وأن الرسائل ما زالت “عالقة داخل الأدراج” دون خطوات عملية.
ويرى التجار أن هذا التجاهل الرسمي يعرض المدينة لخطر الانهيار الاقتصادي الكامل، ويضع آلاف العائلات على حافة الفقر وفقدان مصادر الدخل.
المهرجان التجاري… محاولة صادقة أُفرغت من مضمونها
نظّمت الغرفة التجارية مؤخرًا مهرجانًا اقتصاديًا في محاولة لإيصال صوت المدينة وإظهار قدرة القطاعات الإنتاجية المحلية على الصمود.
لكن سلام مرعي كشف أن المهرجان تم استغلاله لإنتاج صورة وردية غير واقعية، قائلًا:
“المهرجان كان هدفه إظهار معاناة طولكرم… لكن للأسف تم تقديمه وكأن المحافظة تتعافى، وهذا غير صحيح”.
30% من المحال التجارية أغلقت أبوابها
تقرير أولي للغرفة التجارية يكشف أرقامًا صادمة:
30% من المحال التجارية أغلقت أو قلّصت أعمالها
انخفاض الإيرادات لدى معظم التجار بنسبة تتراوح بين 40% و60%
ارتفاع حجم الديون
خروج رؤوس الأموال الصغيرة إلى محافظات أخرى
انخفاض غير مسبوق في الحركة الشرائية
ويؤكد الخبراء المحليون أن هذه المؤشرات تعتبر إنذارًا مبكرًا لانهيار اقتصادي شامل، في حال استمرار غياب التدخل الرسمي.
ضغط الاحتلال… وتقصير داخلي
تواجه طولكرم ضغطًا مركبًا؛ فمن جهة، تعاني من إجراءات الاحتلال والاعتداءات المستمرة التي تشل الحركة وتعيق الاقتصاد، ومن جهة أخرى، تواجه تقصيرًا حكوميًا واضحًا يتمثل في غياب الخطط العاجلة وضعف الاستجابة للأزمة.
وقد أدى هذا الواقع إلى استنزاف المخزون الاستراتيجي للقطاع التجاري، وفقدان القدرة على الصمود أمام تحديات متزايدة.
هل من إنقاذ قبل فوات الأوان؟
يؤكد الخبراء الاقتصاديون أن إنقاذ طولكرم يتطلب خطة طوارئ تشمل:
إعلان المحافظة منطقة منكوبة اقتصاديًا
إطلاق برنامج فوري لإعادة تأهيل البنية التحتية
إقرار حوافز وتخفيضات ضريبية للتجار
تقديم دعم مباشر للقطاعات الأكثر تضررًا
إعادة تنظيم الحركة التجارية ومنع إغلاق الطرق
إشراك الغرفة التجارية في صياغة القرارات الاقتصادية
خلاصة
طولكرم اليوم ليست أمام أزمة عابرة، بل في قلب أعمق أزمة اقتصادية تشهدها منذ سنوات طويلة.
ومستقبل الحياة التجارية فيها بات مهددًا ما لم تبادر الحكومة إلى اتخاذ قرارات عاجلة قبل أن تغلق المزيد من المحال وتهاجر المزيد من الاستثمارات.
التجار أطلقوا صرخة تحذير…
ويبقى السؤال: هل تصل هذه الصرخة إلى أصحاب القرار؟




