فلسطين

11 شهيداً منذ بدء الحرب: الحصار يخنق بيت أمّر

11 شهيداً منذ بدء الحرب:  الحصار يخنق بيت أمّر

يكشف تشديد حصار الاحتلال على بيت أمر تصعيدَ الاقتحامات والعقاب الجماعي وارتفاع الشهداء، وسط صمود البلدة في مواجهة الاستيطان والعدوان.

ثائر أبو عياش

بيت أمر | شهدت بلدة بيت أمّر، على مدى يومين، واحدة من أكثر العمليات قسوةً منذ سنوات، بعدما حوّلت قوات الاحتلال، البلدة الواقعة شمال الخليل، جنوبي الضفة الغربية، إلى منطقة عسكرية مغلقة، مع شنّها عملية عسكرية واسعة النطاق شملت إغلاق جميع مداخلها، واقتحام عشرات المنازل فيها، إلى جانب احتجاز أكثر من 200 مواطن في ملعبها. واقتحمت قوّة كبيرة من جيش الاحتلال، فجر الـ19 من الجاري، البلدة، وانتشرت في أحيائها، محوّلةً 15 من منازلها إلى ثكنات عسكرية، ومواقع مراقبة وتمركُز للقنّاصة. كذلك، أغلقت منزل عائلة الشهيد وليد صبارنة بالصفائح الحديدية، في خطوة تعيد إلى الأذهان سياسة الإغلاق العقابي التي طاولت مئات المنازل الفلسطينية خلال العقود الماضية. ولم يستثنِ الإغلاق المداخل الفرعية التي عادةً ما يستخدمها الأهالي للوصول إلى القرى المجاورة أو مراكز المدن، في ظلّ الإغلاقات المتكرّرة للمداخل الرئيسية منذ السابع من أكتوبر.

وبحسب شهادات حصلت عليها «الأخبار»، خضع المحتجزون في الملعب لتحقيقات ميدانية استمرّت لساعات، تعرّض خلالها كثيرون منهم لاعتداءات. ورغم الإفراج عنهم لاحقاً، لكن الاحتلال لا يزال يحتجز المواطنة سهير أبو هاشم، والدة الشهيد إبراهيم الزعاقيق الذي استشهد قبل نحو عام. وفي روايته عن الحادثة، قال أحد المفرج عنهم: «تمّ اقتيادنا إلى ملعب البلدة. اعتدوا علينا بشكل وحشي، هدّدونا بإعادة الاعتقال، وشتمونا. كان الطقس شديد البرودة، فيما انهال الجنود على أحد المعتقلين بالضرب، حتى كُسرت أضلاعه». من جهته، قال أحد سكان البلدة: «اقتحموا منزلي عند ساعات الفجر. روّعوا العائلة بأكملها. أخرجونا بالقوّة، وحوّلوا البيت إلى ثكنة عسكرية». أيضاً، منع الاحتلال المحالّ التجارية، وتحديداً المخابز، من فتح أبوابها، بالاضافة إلى منع رفع الآذان في المسجد الكبير الذي تمّ إغلاقه، وطرد المصلّين منه.

طاول الإغلاق، البلدة بأكملها، بما في ذلك مداخلها الفرعية

ومنذ السابع من أكتوبر، تشهد بيت أمر تصعيداً لافتاً، حيث تنفّذ قوات الاحتلال اقتحامات يومية فيها، وتتّخذ منها مسرحاً لعمليات مداهمة واعتقال متواصلَين. ووفقاً لمصادر طبية فلسطينية، استشهد ثلاثة مواطنين من البلدة خلال الأسبوع الماضي فقط، ليرتفع عدد الشهداء فيها إلى 11، على مدى العامَين الماضيَين. وفي تطوّر خطير مساء الخميس الماضي، استشهد الطفلان محمد أبو عياش وبلال بعران البالغان من العمر 15 عاماً، عند السلك الشائك لمستوطنة «كرمي تسور» جنوب بيت أمر، بعدما أطلق جنود العدو النار عليهما بزعم إلقاء زجاجات مولوتوف. وعقب الحادثة، اقتحم الجنود منزلَي عائلتيهما، محذّرين من إقامة بيوت عزاء فيهما، في سياسة تهدف إلى مضاعفة العقاب الجماعي بحقّ الأُسر الثكلى. وقبل يوم من اقتحام البلدة، أي في الـ18 من الجاري، أَطلق جنود الاحتلال الرصاص على الشابين عمران الأطرش (18 عاماً) من مدينة الخليل، ووليد صبارنة (18 عاماً) من بيت أمر، قرب دوار «غوش عتصيون» المقام على أراضي البلدة، بزعم تنفيذ عملية مزدوجة (طعن ودهس). وعلى إثر ذلك، فرض الجيش العدو حصاراً مشدّداً على بيت أمر، التي وصلت إليها تعزيزات عسكرية كبيرة. ومن موقع العملية، أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، أنه أصدر أوامر بمحاصرة البلدة وهدم بيوت المنفّذَين.
وكان الاحتلال قد نفّذ، قبل عامين، مشروعاً استيطانيّاً كبيراً شمل شقّ شارع جديد يربط القدس بالخليل، مع تجاوز البلدة بالكامل، وذلك بهدف حماية المستوطنين وتقليل احتكاكهم مع سكان بيت أمر. ومع استمرار الاقتحامات اليومية، وإغلاق المداخل، وتحويل المنازل إلى مواقع عسكرية، واحتجاز النساء والرجال، ومنع الجرحى من الوصول إلى المستشفيات، يبدو أن بيت أمر تعيش حالة عقاب جماعي مستمرّ، هدفها الضغط على السكان ودفعهم إلى مغادرة أراضيهم.

لكن، رغم ما تقدّم، يبقى أهالي البلدة متمسّكين بوصفها التاريخي: «بلدة الفلاحين والمناضلين، وخط الدفاع الأول عن الخليل». فبين الشهداء الذين يسقطون، والأراضي التي تُصادر، والمنازل التي تُهدم، لا يزال صوت بيت أمر حاضراً في المشهد الفلسطيني، كإحدى القرى التي دفعت ولا تزال، ثمن موقعها الجغرافي ومقاومتها المتواصلة.

العدو يواصل انتقامه من الفدائيين
بعدما حوّل جيش العدو مدن الضفة الغربية المحتلة وبلداتها، إلى ما يشبه الثكنة العسكرية، تواصل قواته حملاتها ضدّ ما تبقّى من خلايا للمقاومة هناك. وفي هذا السياق، حاصرت قوات الاحتلال، أمس، منزلاً في قرية مركة جنوب جنين، وسط تحليق كثيف للطائرات وإطلاق للنار في اتجاه منازل المدنيين. وبنتيجة الهجوم، قتل جيش العدو شاباً فلسطينياً اتهمه بتنفيذ هجوم قُتل فيه مستوطن خلال صيف 2024، زاعماً أنه «أنهى تصفية» جميع المقاومين الذين قتلوا إسرائيليين في الضفة المحتلة. في المقابل، أكدت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد الشاب سلطان نضال عبد العزيز (22 عاماً) برصاص الاحتلال في مركة. وسبق أن أعلن جيش العدو، أول من أمس، قتله فلسطينياً بزعم تنفيذه عملية دهس عند مدخل نابلس في 29 أيار 2024، أسفرت عن مقتل جنديين. وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فقد استُشهد الشاب عبد الرؤوف اشتية (30 عاماً) من بلدة تل برصاص الاحتلال في نابلس، فيما تمّ احتجاز جثمانه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب