تحويل المجالس البلدية إلى لجان تسيير أعمال: الإطار القانوني، التداعيات، وشروط الترشح واستقالة الأعضاء

تحويل المجالس البلدية إلى لجان تسيير أعمال: الإطار القانوني، التداعيات، وشروط الترشح واستقالة الأعضاء
صحيفة صوت العروبه
إعداد وتقرير: المحامي علي أبو حبلة
مع اقتراب انتهاء الدورة الانتخابية للمجالس البلدية في 11 كانون الأول/ديسمبر، تدخل الهيئات المحلية مرحلة انتقالية دقيقة تحدد شكل الإدارة المحلية للأشهر المقبلة، بعد توجه وزارة الحكم المحلي لإعلان جميع المجالس المنتخبة لجان تسيير أعمال حتى إجراء الانتخابات الجديدة. هذا التحول ليس خطوة إدارية فحسب، بل استحقاق قانوني واضح تفرضه أحكام قانون الهيئات المحلية وقانون الانتخابات، ويترتب عليه التزامات وإجراءات إضافية تخص الأعضاء الذين يرغبون بالترشح لدورة جديد
أولًا: التحول إلى تسيير أعمال – الخلفية القانونية
وفق قانون الهيئات المحلية رقم (1) لسنة 1997 وقانون انتخاب مجالس الهيئات المحلية رقم (10) لسنة 2005 وتعديلاته، تنتهي الولاية القانونية للمجالس البلدية بعد مرور أربع سنوات على انتخابها. ومع انتهاء الولاية، يتحول المجلس إلى وضع تسيير أعمال، بحيث يصبح دوره إدارة الشؤون اليومية فقط دون صلاحيات استراتيجية.
المهام المسموح بها خلال تسيير الأعمال:
تشغيل المرافق والخدمات الأساسية فقط.
عدم إبرام عقود مالية كبيرة أو الدخول في مشاريع استراتيجية جديدة.
الامتناع عن التعيينات غير الضرورية.
الإشراف على الشؤون اليومية دون اتخاذ قرارات بعيدة المدى.
وبهذا يصبح المجلس في حالة “حالة انتقالية” حتى صدور قرار حكومي يحدد موعد الانتخابات ويشكّل البنى القانونية لاستئناف العمل الطبيعي عبر مجالس منتخبة.
ثانيًا: التصريحات الرسمية وتحديد بداية المرحلة الانتقالية
أوضح مدير عام الإدارة العامة للتشكيلات والانتخابات في وزارة الحكم المحلي، باسم حدايدة، أن 11 كانون الأول/ديسمبر هو تاريخ انتهاء الدورة القانونية للمجالس. وعليه:
ستُحوَّل جميع المجالس المنتخبة إلى تسيير أعمال.
وزير الحكم المحلي رفع توصية رسمية لمجلس الوزراء لاتخاذ القرار.
المجالس التي كانت أصلاً تُدار بلجان تسيير أعمال بسبب فقدان النصاب لن يشملها أي تغيير.
لا يوجد موعد نهائي لإجراء الانتخابات إلى حين إقرار قانون الانتخابات الجديد والمصادقة عليه من الرئي
ثالثًا: ما الذي يعنيه قرار تسيير الأعمال للأعضاء الراغبين بالترشح؟
هذه النقطة هي أحد أكثر الجوانب حساسية في الفترة الانتقالية، ويجب تسليط الضوء عليها وفق أحكام القانون.
1. التزام قانوني بالاستقالة قبل الترشح
ينص قانون الانتخابات المحلية بوضوح على أن:
> كل عضو مجلس بلدي يرغب بالترشح لعضوية المجلس في الانتخابات القادمة، سواء في نفس المجلس أو مجلس آخر، يجب أن يقدم استقالته من موقعه قبل المدة المحددة قانونًا للترشح.
وتأتي هذه القاعدة لضمان:
منع تضارب المصالح.
ضمان نزاهة العملية الانتخابية.
توفير مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين.
2. متى يجب تقديم الاستقالة؟
يحدد القانون عادة أن الاستقالة يجب أن تُقدَّم قبل فتح باب الترشح المحدد رسميًا من لجنة الانتخابات المركزية.
وغالبًا ما تكون المهلة 30 يومًا على الأقل قبل يوم الترشح، وأحيانًا أقل وفق النظام الانتخابي الذي سيصدر مع الجدول الزمني الرسمي.
3. ما الذي يعنيه ذلك في سياق تسيير الأعمال؟
حتى وإن كان المجلس قد دخل مرحلة “تسيير أعمال”، فإن العضو الراغب بالترشح لا يعفى من شرط تقديم الاستقالة، لأن موقعه الإداري يظل محسوبًا عليه قانونيًا.
بمعنى:
عضو تسيير الأعمال يظل موظفًا عامًا، وصلاحياته—even لو كانت محدودة—تتطلب استقالته قبل الترشح.
عدم تقديم الاستقالة ضمن المدة المحددة يؤدي إلى سقوط الترشح قانونيًا.
4. هل يستطيع العضو المستقيل العودة للمنصب؟
إذا قدّم العضو استقالته للترشح وفشل في الانتخابات، لا يحقّ له العودة لمنصبه السابق، لأن الاستقالة نهائية بمجرد قبولها.
رابعًا: التداعيات الإدارية خلال المرحلة الانتقالية
مرحلة تسيير الأعمال تمثل فترة حساسة تتطلب توازنًا دقيقًا بين:
1. استمرارية الخدمات دون تعطيل.
2. ضمان نزاهة الانتخابات المقبلة.
3. الحفاظ على المال العام وصلاحيات محدودة.
4. الالتزام القانوني باستقالة الراغبين بالترشح.
كما تخضع لجان تسيير الأعمال لاشتراطات مالية صارمة:
لا اتفاقيات جديدة.
لا قروض جديدة.
لا مشاريع كبرى.
ترك القرارات الاستراتيجية للمجلس المنتخب الجديد
خامسًا: التحديات السياسية والإدارية
من المتوقع أن تواجه المرحلة المقبلة:
ضغطًا شعبيًا لإجراء الانتخابات بأسرع وقت ممكن.
مخاوف من تمدد فترة تسيير الأعمال إذا تأخر إقرار قانون الانتخابات.
تنافسًا مبكرًا بين المرشحين المحتملين، ما يجعل الالتزام بالاستقالة شرطًا حاكمًا.
الحاجة لضمان حياد لجان تسيير الأعمال ومنع استخدامها لصالح أي قائمة انتخابية.
كما يتوقع أن يلعب قانون الانتخابات الجديد دورًا مهمًا في إعادة رسم شكل المجالس، خصوصًا إذا شمل:
تعديلات حول نظام القوائم.
شروط الترشح والطعون.
نسب الحسم.
توسيع الرقابة على الهيئات المحلية.
خلاصة شاملة
إن تحويل المجالس البلدية إلى لجان تسيير أعمال ابتداءً من 11 كانون الأول ليس مجرد إجراء شكلي، بل هو خطوة قانونية حاسمة تهدف لضمان الاستقرار الإداري وحماية المال العام، ومنع اتخاذ أي قرارات استراتيجية في فترة فراغ انتخابي.
أما بالنسبة للأعضاء الراغبين بالترشح، فإن القانون واضح:
الاستقالة شرط إلزامي قبل تقديم طلب الترشح، حتى في فترة تسيير الأعمال.
هذه المرحلة تفتح الباب أمام إصلاحات انتخابية منتظرة، وتؤسس لانتخابات محلية جديدة من المتوقع أن تكون ضمن نظام قانوني محدّث يعزز الشفافية والمساءلة ويعيد هيكلة الإدارة المحلية على أسس قانونية راسخة.



