عربي دولي

السودان: البرهان يقيل «حميدتي» من منصبه… وعصابات تنشر الرعب في الخرطوم

السودان: البرهان يقيل «حميدتي» من منصبه… وعصابات تنشر الرعب في الخرطوم

محمد الأقرع

الخرطوم ـ : أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، مراسيم دستورية قضت بإعفاء نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، محمد حمدان دقلو المعروف بـ «حميدتي» من منصبه، وتكليف مالك عقار رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان» الموقعة على اتفاقية سلام جوبا، بدلاً منه.
وأجرى كذلك تغييرات جديدة في هيئة قيادة الجيش شملت تعيين كل من الفريق أول شمس الدين كباشي، نائب القائد العام للقوات المسلحة، والفريق أول ياسر العطا والفريق بحري إبراهيم جابر، مساعدين له.
وطيلة الأسابيع الماضية، كان بقاء «حميدتي» في منصبه في مجلس السيادة أمرا محيرا لدى البعض رغم اشتداد القتال، وصدور قرارات بحل «الدعم السريع» وتجميد أرصدته بعد وصفه بـ «القوات المتمردة» على الدولة. وكان قادة الجيش في المقابل يتعللون بأن قرار الإقالة يتطلب اجتماع كافة أعضاء مجلس السيادة، وهو الأمر الذي لم يشار له في المراسيم.
ووفقاً لمصادر، قبل عقار التكليف بالمنصب، وأشارت إلى أنه سيباشر مهامه، إذ سيلتقي الإثنين، رئيس جمهورية جنوب السودان سلفا كير ميارديت في جوبا لبحث آخر تطورات الأوضاع في السودان والمبادرات التي تطرحها جوبا ومنظمة الإيغاد لوقف الحرب واستعادة الحياة السياسية.
وسبق أن أصدر البرهان قرارات بإقالة محافظ بنك السودان المركزي وتعيين آخر، وإقالة ضباط كبار من الجيش الذين كانوا منتدبين لقوات «الدعم السريع» ولم يبلغوا الوحدات العسكرية بعد اندلاع الصراع، كذلك أقال وزير الداخلية المكلف ومدير عام الشرطة عنان حامد، وكلف خالد حسان بدلاً منه.
وترى قوات «الدعم السريع» أن البرهان «لا يتمتع بالشرعية الدستورية» التي تجعله يصدر قرارات الإقالة، وبالتالي تعلن رفضها المتواصل لكل ما يصدره من مراسيم بالإقالة أو التكليف أو التعيين.

ربع مليون لاجئ

وتشهد العاصمة الخرطوم منذ الخامس عشر من أبريل/نيسان الماضي حربا عنيفة بين «حميدتي» الذي يقود قوات الدعم السريع من جانبه والجيش السوداني من جانب آخر. وتسببت الحرب في مقتل مئات المواطنين، وإصابة ونزوح مئات آلاف آخرين مع تفاقم الأوضاع الإنسانية والمعيشية.
وقال متحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ماثيو سولتمارش إن أكثر من مليون شخص نزحوا حتى الآن، من بينهم ربع مليون لاجئ.
وبيّن في إفادة صحافية في جنيف أن الرقم يشمل حوالى 843 ألف نازح في الداخل ونحو 250 ألفا فروا إلى خارج البلاد عبر الحدود.
وتدفق اللاجئون على دول الجوار، ومنها تشاد وإثيوبيا وجنوب السودان، التي تعاني بالفعل من أزمات إنسانية لا تحصل على تمويل كاف لمواجهتها. وقال سولتمارش إن مصر استقبلت حتى الآن أكبر عدد من اللاجئين السودانيين، إذ وصل نحو 110 آلاف إليها منذ اندلاع الصراع الشهر الماضي.

عيّن عقار مكانه… توقع باحتدم القتال في منطقة استراتيجية شمال أمدرمان

وأضاف «كثير ممن تواصلوا معنا يعانون من وضع بائس وتعرضوا للعنف أو لظروف مؤلمة في السودان، وعانوا من رحلات شاقة». وأشار إلى زيادة وتيرة تدفق اللاجئين في الأسابيع القليلة الماضية، مع وصول خمسة آلاف تقريبا إلى مصر يوميا.
وتجددت الاشتباكات بين طرفي القتال في مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور غربي البلاد. وقال شهود عيان إن «الاشتباكات تسببت في مقتل أكثر من 20 مواطنا وإصابة العشرات ونزوح من الأحياء القريبة للسوق الكبيرة إلى مناطق أكثر أمناً».
وأفاد شهود لـ «القدس العربي» بأن القتال انتقل إلى داخل الأحياء، كما شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من سوق المدينة الكبير.
كذلك أشتعل القتال في مدينة زالنجي في ولاية وسط دارفور بين الدعم السريع والجيش، رغم اتفاقات الهدنة السابقة التي أبرمتها القيادات الأهلية وحكومة الإقليم بين الطرفين.
أما في العاصمة الخرطوم، فقد شهدت مناطق الاشتباك السابقة هدوءا نسبيا وخفوتا في أصوات القذائف والانفجارات والقصف الشديد، ما عدا بعض أصوات رصاص متقطعة خاصة من محطة أبو حمامة والمناطق المجاورة وسط الخرطوم، فضلا عن اشتباكات محدودة بالقرب من معسكر «الدعم السريع» في حي «صالحة» في أمدرمان. لكن وبالرغم من ذلك، يلاحظ تحشيد لقوات الجيش التي استجلبت مزيدا من الجنود والأسلحة النوعية من الولايات الأخرى إلى الخرطوم، بينما أعادت قوات «الدعم السريع» انتشارها في مناطق جديدة خاصة في حي الصحافة جنوب الخرطوم.
ويتوقع مراقبون أن يحتدم القتال في الأيام المقبلة في منطقة وادي سيدنا العسكرية الاستراتيجية الواقعة شمال أمدرمان، خاصة بعد محاولات سابقة لـ«الدعم السريع» لمهاجمتها لوقف طلعات الطيران الحربي منها.

ثقل نوعي

وقال الصحافي هيثم الطيب: «منطقة وادي سيدنا تتكون من وحدات عسكرية مختلفة بما فيها الكلية الحربية، وهي تمثل ثقلا نوعيا وكميا باعتبارها تضم كل الوحدات المقاتلة في السودان».
وبيّن الطيب، الذي يسكن بالقرب من القاعدة، أن «الجيش بنى تحصينات كبيرة في المناطق الغربية والشرقي والجنوبية، وحتى أطراف النيل الشرقية المحاذية لمنطقة الكدرو، كما قام بنشر آليات ومدرعات بمحازاة نهر النيل تحوطاً لأي حالة تسلل من تلك الناحية».
وتوقع أن «يكون الهجوم على القاعدة بمثابة المحاولة الانتحارية، إذ أنه ليس من السهل الاقتراب منها لوجود تحشيدات عسكرية كبيرة حولها، فضلا عن إمكانية تدخل السلاح الجوي الذي استطاع أن يرجح ميزان الصراع العسكري».
بالموازة، لا تزال الخرطوم تشهد عمليات نهب وسلب وانتشار العصابات المسلحة التي قامت خلال الأيام الماضية بنهب وحرق عدد من الأسواق والمحلات التجارية المهمة في العاصمة، مثل سوق أمدرمان والسوق الشعبي في الخرطوم فضلا عن مركز «سيتي بلازا» التجاري. وتسلل بعض هذه العصابات إلى داخل الأحياء، ونشر أفرادها الرعب، لدرجة أن بعض المساجد في حي النزهة قام بإلغاء صلاة الجمعة عبر مكبرات الصوت، بسبب الدواعي الأمنية وأعمال النهب.
مكبرات المساجد أيضا علت أصواتها مساء أمس الأول، في حي أمبدة في أمدرمان للمناداة على المواطنين واستنفارهم للقيام بتتريس الشوارع منعاً لعمليات النهب ولدخول قوات «الدعم السريع» إلى المنازل.
يشار أن هناك دعوات لتعميم المبادرة على جميع المناطق في الخرطوم، لكن لجان المقاومة تحذر من تلك الخطوة، وتقول إن «تتريس» الشوارع والاشتباك مع قوات «الدعم السريع» في الأحياء السكنية يعني بصورة مباشرة انخراط المواطنين في الصراع، ويعرض حياتهم لخطر كبير.

«القدس العربي»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب