كتب

توثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلي في محافظة طولكرم: انتهاكات ترقى إلى جرائم حرب وخرق فاضح للقانون الدولي

توثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلي في محافظة طولكرم: انتهاكات ترقى إلى جرائم حرب وخرق فاضح للقانون الدولي
إعداد: قسم التحرير / صحيفة صوت العروبه
تتعرض محافظة طولكرم، شمالي الضفة الغربية، لسلسلة متواصلة من الانتهاكات الجسيمة التي تنفذها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، والتي لم تعد تقتصر على الإجراءات الأمنية أو الممارسات المؤقتة، بل باتت تشكّل سياسة ممنهجة تستهدف الأرض والإنسان معًا، في خرق فاضح لكافة القوانين والمواثيق الدولية، وترقى في مجملها إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفق تعريفات القانون الدولي الإنساني.
تدمير المخيمات الفلسطينية: طولكرم ونورشمس نموذجًا
شهد مخيما طولكرم ونورشمس خلال الفترات الأخيرة عمليات تدمير واسعة للبنية التحتية والممتلكات الخاصة والعامة، شملت هدم المنازل، وتخريب الشوارع وشبكات المياه والكهرباء، وإلحاق أضرار جسيمة بالمرافق الحيوية. هذه العمليات لم تكن عرضية أو محدودة، بل جاءت في سياق حملات عسكرية متكررة أدت إلى تشريد مئات العائلات قسرًا، وحرمانها من حقها في السكن الآمن، في انتهاك صريح للمادة (53) من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر تدمير الممتلكات الخاصة.
مصادرة الأراضي والتوسع الاستيطاني
تتواصل عمليات مصادرة الأراضي الزراعية في محيط مدينة طولكرم وبلداتها وقراها، بذريعة “الأغراض الأمنية” أو “المناطق العسكرية المغلقة”، في حين يتم تسخير هذه الأراضي لاحقًا لصالح التوسع الاستيطاني أو لشق الطرق الالتفافية التي تخدم المستوطنات. وتشكل هذه السياسات خرقًا واضحًا للمادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر نقل سكان الدولة المحتلة إلى الأراضي المحتلة.

قد تكون صورة ‏أفق‏
جدار الفصل العنصري: خنق جغرافي واقتصادي
لا يزال جدار الفصل العنصري يشكّل أحد أخطر أدوات الاحتلال في محافظة طولكرم، حيث التهم آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية الخصبة، وعزل المزارعين عن أراضيهم، وحوّل مساحات واسعة إلى مناطق مغلقة لا يُسمح بدخولها إلا بتصاريح تعسفية. وقد أدى ذلك إلى تدمير سبل العيش، وارتفاع نسب البطالة والفقر، في انتهاك للحقوق الاقتصادية والاجتماعية المكفولة بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
منع المزارعين من استغلال أراضيهم
يعاني المزارعون في طولكرم من سياسات ممنهجة تمنعهم من الوصول إلى أراضيهم، سواء عبر الجدار أو من خلال الاعتداءات المتكررة من المستوطنين تحت حماية جيش الاحتلال. ويُعد هذا الحرمان المتعمد من مصدر الرزق شكلاً من أشكال العقاب الجماعي المحظور بموجب المادة (33) من اتفاقية جنيف الرابعة.
شروط مجحفة لعودة المشردين والمهجرين قسرًا
بعد عمليات التدمير والتجريف، تفرض سلطات الاحتلال شروطًا تعجيزية على عودة المشردين والمهجرين قسرًا إلى مخيمي طولكرم ونورشمس، في ظل تغييرات جغرافية وديموغرافية واضحة تهدف إلى تفريغ المخيمات من مضمونها السياسي والإنساني كرمز لقضية اللاجئين. هذه السياسات تشكل انتهاكًا مباشرًا لحق العودة، وتندرج ضمن محاولات إعادة هندسة المكان والإنسان بما يخدم الأهداف الاستعمارية للاحتلال.
توصيف قانوني: جرائم حرب موثقة
إن مجمل هذه الانتهاكات – من التدمير الواسع، والمصادرة، والتهجير القسري، والتغيير الديموغرافي – تستوفي أركان جرائم الحرب وفق نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، لا سيما المواد المتعلقة بالتدمير غير المبرر للممتلكات، والتهجير القسري للسكان، والاستيطان غير القانوني.

لا يتوفر وصف للصورة.
دعوة للمساءلة الدولية
أمام هذا الواقع الخطير، تقع مسؤولية قانونية وأخلاقية على المجتمع الدولي، ومؤسسات حقوق الإنسان، وهيئات الأمم المتحدة، للتحرك العاجل من أجل:
توثيق هذه الجرائم بشكل مهني ومستقل.
تفعيل آليات المساءلة الدولية ومحاسبة قادة الاحتلال.
توفير الحماية الدولية للمدنيين الفلسطينيين، خاصة في المخيمات المستهدفة.
دعم صمود المواطنين والمزارعين في محافظة طولكرم.
إن الصمت الدولي إزاء ما يجري في طولكرم ومخيميها لا يمكن تفسيره إلا كشكل من أشكال التواطؤ، في وقت باتت فيه الجرائم موثقة، والضحايا معروفين، والقانون الدولي واضحًا لا لبس فيه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب