عربي دولي

حادث “معبر العوجة” ينشّط ذاكرة المصريين بقائمة مقاومة التطبيع.. سليمان خاطر من جديد

حادث “معبر العوجة” ينشّط ذاكرة المصريين بقائمة مقاومة التطبيع.. سليمان خاطر من جديد

تامر هنداوي

القاهرة-

شهدت مواقع التواصل الاجتماعي، حالة احتفاء واسعة بواقعة إقدام شرطي مصر على قتل 3 عناصر من جيش الاحتلال أمس الجمعة.

ورغم اختلاف الرواية المصرية عن الإسرائيلية بشأن حادث “معبر العوجة”، حيث قال المتحدث العسكري المصري في بيان، إن عنصر الأمن المصري عبر الحاجز الأمني خلال مطاردة تجار مخدارت، تبنت الرواية الإسرائيلية اتهامات للشرطي المصري بأنه مخرب، إلا أن المصريين اعتبروا الشرطي بطلا، نفذ الهجوم بدافع وطني.

وتصدر وسم “جندي مصري”، قائمة الوسوم الأعلى تداولا في مصر، وأعاد مصريون من خلاله التذكير بوقائع مشابهة، أقدم فيها جنود مصريون على اختراق الحاجز الحدودي والتعامل مع الجنود الإسرائيليين، منهم الجندي سليمان خاطر الذي قتل 5 إسرائيليين عام 1983 في حادث رأس البرقة.

وعلى الرغم من عدم إعلان السلطات المصرية أو سلطات الاحتلال الإسرائيلي اسم أو مسقط رأس الشرطي المصري، إلا أن المصريين أطلقوا عليه “بطل موقعة معبر العوجة” و”سليمان خاطر جديد”، ووضعوه ضمن قائمة احتفظت بها الذاكرة الشعبية لمقاومي التطبيع في مصر.

فرغم مرور ما يقرب من 44 عاما على توقيع مصر اتفاقية السلام مع إسرائيل، إلا الشعب المصري يرفض التطبيع مع الكيان الصهيوني.

سعد إدريس حلاوة

كانت أول واقعة مقاومة للتطبيع، ما شهدته قرية أجهور الكبرى في محافظة القليوبية في دلتا مصر.

ففي 26 فبراير/ شباط 1980، وبينما كان الرئيس المصري آنذاك محمد أنور السادات يستعد لاستقبال أول سفير إسرائيلي لدى القاهرة بعد توقيع معاهدة السلام، وبينما كان العلم الإسرائيلي يرفرف على ضفة النيل أمام جامعة القاهرة في الجيزة، حمل سعد إدريس حلاوة، الفلاح المصري، حقيبة بعد أن وضع فيها سلاحا آليا، وتوجه إلى مبنى الوحدة المحلية في القرية، واحتجز اثنين من موظفي القرية وطالب بطرد السفير الإسرائيلي، حتى نالته رصاصة أحد القناصة. ليكتب حلاوة أول سطر في كتاب مقاومة المصريين للتطبيع ورفضهم معاهدة كامب ديفيد.

حلاوة الذي اتهمته السلطات المصرية وقتها بالجنون، رثاه نزار قباني في قصيدة قال فيها: “مجنون واحد فقط خرج من هذه الأمة العربية الكبيرة العقل المتنحسة الجلد الباردة الدم، العاطلة عن العمل.. فاستحق العلامة الكاملة.. في حين أخذنا كلنا صفراً كبيراً. مجنون واحد تفوق علينا جميعاً، واستحق مرتبة الشرف في ممارسة الثورة التطبيقية، في حين بقينا نحن في نطاق التجريد والتنظير”.

سليمان خاطر

خمس سنوات كانت المدة الزمنية الفاصلة بين ما فعله سعد إدريس حلاوة ابن القليوبية، وما قام به الجندي سليمان خاطر، ابن محافظة الشرقية رفضا للتطبيع ومعاهدة السلام.

ففي الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول عام 1985،  قتل خاطر 5 إسرائيليين وجرح 7 آخرين، أثناء نوبة حراسته المعتادة في منطقة رأس برقة في جنوب سيناء في النقطة “46”، بعدما فوجئ بمجموعة من الإسرائيليين يحاولون تسلق الهضبة، التي تقع عليها نقطة حراسته، والتي يصل ارتفاعها لنحو 15 مترا.

سلّم سليمان خاطر نفسه بعد الحادث، وصدر قرار جمهوري بموجب قانون الطوارئ بتحويل الشاب إلى محاكمة عسكرية. طعن محامي سليمان، صلاح أبو إسماعيل في القرار الجمهوري، وطلب محاكمته أمام قاضيه الطبيعي، وتم رفض الطعن.

تمت محاكمته عسكريا، وخلال التحقيقات معه، قال سليمان بأن أولئك الإسرائيليين قد تسللوا إلى داخل الحدود المصرية من غير سابق ترخيص، وأنهم رفضوا الاستجابة للتحذيرات بإطلاق النار.

وصفته الصحف الموالية للنظام بالمجنون، وقادت المعارضة حملة من أجل تحويله إلى محكمة الجنايات بدلا من المحكمة العسكرية.

بعد أن تمت محاكمة سليمان خاطر عسكريا، صدر الحكم عليه في 28 ديسمبر/ كانون الأول 1985 بالأشغال الشاقة لمدة 25 عاما، وتم ترحيله إلى السجن الحربي في القاهرة. بعد أن صدر الحكم على خاطر، نُقل إلى السجن ومنه إلى مستشفى السجن بدعوى معالجته من البلهارسيا.

بعد 9 أيام فقط من صدور الحكم، وفي 7 يناير/ كانون الثاني 1986، أعلنت السلطات المصرية خبر انتحار سليمان خاطر في ظروف غامضة، بأن شنق نفسه على نافذة ترتفع على الأرض ثلاثة أمتار، لتخرج المظاهرات التي تندد بقتله في الجامعات المصرية.

تنظيم ثورة مصر

في العاشر من سبتمبر/ أيلول 1987، أحاطت قوة أمنية بمنزل محمود نورالدين، الضابط السابق في المخابرات المصرية، الذي استقال رفضا لتوقيع معاهدة كامب ديفيد، لتتكشف حقائق التنظيم الذي حمل اسم ثورة مصر، وحدد هدفه بمقاومة النشاط الصهيوني في مصر، واستهدف الدبلوماسيين الإسرائيليين في القاهرة لثلاثة أعوام متتالية.

وخلال السنوات الثلاث، نفذ التنظيم الذي ضم في صفوفه خالد، نجل الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، عدة عمليات، استهدف أولها “زيفي كيدار”، المسؤول بالسفارة الإسرائيلية فى القاهرة في يونيو/ حزيران 1984، فيما جاءت العملية الثانية في 20 أغسطس/ آب 1985 ضد مسؤول الأمن بالسفارة.

وفى 19 مارس/ آذار 1986 وقعت عملية “معرض القاهرة الدولي”، وكانت إسرائيل تشارك فيه، وأسفرت عن اغتيال “إيلى تايلور”، مديرة الجناح الإسرائيلى وجرح ثلاثة آخرين، وأطلق التنظيم على هذه العملية اسم “والله زمان يا سلاحي”، وتمت العملية الرابعة والأخيرة ضد عنصر في السفارة الأمريكية يوم 26 مايو/ أيار 1987.

لم تستطع الأجهزة الأمنية المصرية الإيقاع بالتنظيم، حتى أقدم عصام نور الدين، شقيق قائد التنظيم وأحد أعضائه، في أواخر يوليو/ تموز 1987، على مهاتفة السفارة الأمريكية، طالبا التحدث مع السفير “فرانك ويزنر” لتبدأ رحلة الإيقاع بالتنظيم.

أيمن حسن

لم تنته فصول مقاومة رفض التطبيع مع القبض على أعضاء تنظيم ثورة مصر، فبعد 3 سنوات، وبالتحديد في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 1990، أقدم الجندي المصري أيمن حسن على تنفيذ عملية عسكرية على الحدود المصرية الإسرائيلية، وهاجم سيارة جيب وحافلتين إسرائيليتين وأصيب في رأسه، بعد أن قتل 21 ضابطاً وجنديا إسرائيليا وجرح 20 آخرين، ثم عاد إلى الحدود المصرية ليسلّم نفسه، وحُكم عليه في 6 أبريل/ نيسان 1991، بالسجن لمدة 12 عاما.

وقال حسن خلال محاكمته، إنه نفذ الهجوم، ردا على إهانة العلم المصري من قبل إسرائيليين.

حادث معبر العوجة، دفع المصريين لتداول قائمة حفظتها الذاكرة الشعبية باعتبارهم أبطالا رفضوا التطبيع والاعتراف بمعاهدة السلام مع الاحتلال الإسرائيلي، في وقت حفظتهم سجلات التحقيقات والروايات الرسمية للسلطة في مصر، باعتبارهم مجانين أقدموا على أفعال بدون وعي، ليكون الرد عبر سنوات في هتافات احتفت بذكراهم أو في مظاهرات رفض التطبيع: “مش مجنون.. مات علشان مقدرش يخون”.

“القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب