الخامس من حزيران
د. غالب الفريجات
في الذكرى السادسة الخمسين ليوم
هزيمة النظام العربي الرسمي الذي تؤكد فيه هذه الهزيمة على فشل النظام العربي الرسمي في عدم تحقيقه الأمن الوطني، لا تحقيق التنمية المستقبلية.
كان حريا بالقيادات السياسية التي تقلدت السلطة وفشلت فشلا ذريعا، لا وبل اضاعت البلاد والعباد ان تغادر السلطة دون أي تردد، خاصة وان البعض منها كان في واقع أمره لم يكن فاشلا فحسب بل كان متآمرا على الوطن، فالكيان الصهيوني تمكن من اختراق الأمن الوطني بكل عناصره السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
في ظل مثل هذه الظروف كان من الضروري ان تأتي قيادات ذات رؤيا وطنية تعيد بناء القوة الذاتية، وتعمل على تحصين المجتمع، وتحقق التنمية التي توفر للمواطن الحياة الحرة الكريمة من عمل مأكل وملبس وصحة وتعليم.
للأسف الشديد فقد تمسكت القيادات المهزومة بالسلطة، واعتبرت نفسها الوصية على المجتمع، فضياع الاوطان، ومرارة الهزيمة لا شيء أمام حقها في السلطة التي لم تعد تستحقها، وأطلقت شعارها ان الهزيمة التي لم تقضي على سلطتها لم تكن بذات بال، لان الحرب كانت تقصدها، وفي رأيي ان وجودها بحده كان سببا وراء الهزيمة، وانها هي من ساهم بالعزيمة، سواء بالضعف والإهمال وعدم القيام بواجب المسؤولية الوطنية او سواء بجانب الخيانات التي كانت في صفوف سلطتها السياسية والعسكرية.
واحده من أسباب الهزيمة ان الكيان الصهيوني الذي يعتبر عدوانا على كل العرب بدولهم ومجتمعاتهم قد تم التعامل معه بأنظمة عربية متناحرة، ومتأمرة على بعضها البعض في الوقت الذي واجههم فيه الكيان الصهيوني بذات عقليتهم القطرية، فقد غابت عن العرب وحدة المواجهة مع العدو، وغاب مفهوم ان الصراع صراع وجود بين العرب كأمة والكيان الصهيوني كحركة عنصرية عدوانية توسعية، ومع فداحة الهزيمة بقىيت نظرة أطراف النظام العربي نظرة قطرية، بدلا ان تكون نظرة قومية، وكل واحد من هذه الانظمة كان يرفع شعار على سبيل المثال الأردن اولا، وقس على ذلك كل الانظمة العربية.
الصراع مع العدو الصهيوني صراع بين العرب كأمة وبين حركة عدوآنية توسعية مدعومة من القوى الامبريالية العدوانية، وكان حريا بنا ان نفهم طبيعة الصراع، فقدوان الوحدة العربية ضرورية في الصراع كما هي ضرو ية في التنمية، فكما ليس بمقدور بلد عربي واحد يحقق التنمية، فليس بمقدور قطر عربي واحد ان يحقق النصر، لا بل الصمود في وجه الهجمة الامبريالية الصهيونية.
لا بأس من تحصين الجبهة الوطنية، ولكن هذه الجبهة لابد من أن تكون مرتبطة ببعدها القومي، فعلي سبيل أيضا كيف لنا أن نرفع شعار الأردن اولا ومياهنا من سوريا قبل أن نرتبط بهيمنة الكيان بحاجتنا للمياه مع العدو الصهيوني؟ ، وكيف يكون لنا ذلك و نفطنا من العراق؟، ونحن نتعامل بالنفس القطري مع قطرين عربين جارين ، بعدنا الوطني يجب ان يكون من بعدنا القومي، والا فنحن وكل قطر عربي المستهدف صهيونيا لن نتمكن من المواجهة، ولن نحقق النصر، ونستطعم لذة التحرير.
مازلنا غارقين في قطريتنا ومازالت انظمتنا تمارس دورها أسوأ من تلك التي تحملت مسؤلية الهزيمة قبل نصف قرن، لا بل وقد كشفت أطراف النظام العربي الرسمي عن عري خيانتها، وباتت تتسابق في الخيانة في إقامة علاقات مع العدو الصهيوني، وكأنه لم يحتل الأرض، ولم يستهدف الهوية، فلا بديل أمامنا كأمة الا تحقيق الوحدة في المواجهة، وفي التنمية بكل مفاصلها على امتداد الوطن العربي، ولا يتوهم اي قطر عربي بتحقيق اي حماية لامنه الوطني، وتحقيق التنمية بعقليته القطرية، فالعدو له بالمرصاد، وبات الاعداء اكثر في الإقليم، ولا خيار أمامنا لمواجهة الجميع، وتحقيق ما نصبو اليه وطنيا وقوميا الا بوحدتنا، فما نملكه من عوامل الوحدة اكبر مما نملكه من عناصر الوحدة الوطنية، وأفضل بكثير مما تملكه دول أوروبا التي ليس لديها عناصر وحدودية جذرية، كاللغة والدين والتراث التاريخ المشترك، بل كان لديها سيول من الدماء وملايين من ضحايا عدوانيتها على بعضها البعض
المنبر الثقافي العربي والدولي