ثقافة وفنون

قصيدة عصيان الذاكرة بقلم الشاعر منير الصعبي

بقلم الشاعر منير الصعبي

عصيان الذاكرة
لم يزل صبرا وشاتيلا
يستفيقان من ذهولهما السرمدي
على رائحة الدم الزكية
صبرا نائمة على كتف شاتيلا كحورية
بعدما غادرها الرجال
الى منفاهم
ولم يتركوا لها بندقية
كطفلة فقدت أبويها في ليل بهيم
مظلة الخوف من الآتي تحط فوق هياكل الدور القصديرية
تُرى كيف غادرها الرجال…
بعد هذا الصمود الأسطوري في بيروت…!!!
وعلت الهامات فوق الغيوم الخريفية
هل تم عقد صفقة العودة
أم كانا حطبا لأشعال سجائر الغزاة البربرية
وبيروت يسلب خدر رجليها أنفاسها
ويتركها مستسلمة لعبث ما يلفظ البحر
ها هنا كومة من أسلحة
وهناك تربض مجنزرة
هنا وهناك وخلف الشوراع المطفأة ينتشر القتلة
ولم تزل صبرا نائمة على كتف شاتيلا كحورية
هل أغمضت عينيها
هل صدقت أن الليل سيهديها قمرا
وإن الفجر سيولد ضاحكا
ويمزج خطوطه الأرجوانية مع موج البحر
لم تنم صبرا ليلتها
وإن اتكأت على كتف شاتيلا
مغمضة العينين
تمسح دمعتها التي سقطت على تل الزعتر
قبل حين
كيف تنام صبرا
وشاتيلا متنكبا فراغ يديه
يحرس مداخل المخيم بيدين من طين
كيف تنام صبرا
وهي تعلم أن العواصم التي تفرجت على أغتصاب بيروت
لم يعرق لها جبين
لم تُحدث أي طنين
يرفع الليل أسداله
يطل فجراً لايشبه الفجر
وللبحر رائحة الموت الحزين
صبرا مرعوبة
تصرخ بلا صوت
وشاتيلا مضرجا يتخبط بين السكاكين
لم تنم صبرا بعد ذبحها
لم تتكء على كتف شاتيلا بعد ذبحه
أرخت جدائلها وغطت بشعرها جثث المغدروين
لم تبك صبرا
البكاء ليس قضيتها
البكاء يشمت بها كلاب المدينة
هيهات لصبرا ان تبكي
لم تعد صبرا كما كانت
ولم يعد شاتيلا كما كان
ما عاد بحر بيروت يلقى بصدفه بين ضفتين
فكيف تنسى صبرا
وكيف ينسى شاتيلا
ومازالت المدن الكبيرة تضحك اذا عبس المخيم
من اول مخيم
حتى جنين
*****
منير الصعبي
16/9/202‪3

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب