
فلسطين تتهم القضاء الإسرائيلي بالتورط في التغطية على جرائم المستوطنين.. والتنديد الدولي بتصريحات سموترتش يتواصل
فلسطين / رام الله /
أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية قيام المحكمة الإسرائيلية بإصدار أوامر بإطلاق سراح “المستوطنين الإرهابيين” الذين اعتقلتهم لشنهم اعتداءات على بلدة حوارة جنوب نابلس، بزعم عدم وجود أدلة، حيث جاءت خطوة إطلاق سراحهم، مع تزايد حجم التنديد الدولي بتلك الفعلة التي أدت إلى استشهاد فلسطيني وإصابة أكثر من 100 آخرين، وإلحاق خسائر مالية كبيرة بعد حرق المستوطنين عشرات المنازل والعربات، وكادت تتسبب في مجزرة كبيرة.
وقالت الخارجية، في بيان لها، “إن قرار المحكمة الإسرائيلية دليل آخر على أن منظومة القضاء والمحاكم في دولة الاحتلال هي جزء لا يتجزأ من منظومة الاحتلال نفسه”، لافتاً إلى أن قرار إطلاق سراح المستوطنين يعد “إثباتاً جديداً على تورطها والحكومة الإسرائيلية في التغطية على هذه الجريمة البشعة ومرتكبيها، وتوفير الحماية القانونية لهم”.
وأشارت إلى أن هذا القرار “يشجّع عناصر الإرهاب اليهودي على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق المواطنين الفلسطينيين”.
ووصفت قرار المحكمة الإسرائيلية بأنه “تمييزي عنصري بامتياز”، وأضافت “فلو كان المتهم فلسطينياً لاخترعوا له كل التهم وزوّروا عليه كل الأدلة من أجل تثبيت اتهامه حتى لو كان بريئاً، وفي حالة أن المتهم إسرائيلي، ومع وجود كل الإثباتات والأدلة والصور والفيديوهات، كما حدث في حوارة، إلا أن المحكمة الإسرائيلية تطلق سراحه بحجة عدم وجود أدلة كافية”.
وقالت إن هذا الأمر يؤكد أن النظام القضائي في إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، “ليس مستقلاً، وإنما هو جزء متكامل ومترابط ضمن منظومة الاحتلال”.
وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أطلقت، ليل الخميس، معظم المستوطنين المعتقلين على خلفية تنفيذ الاعتداءات على بلدة حوارة، بناء على قرار المحكمة الإسرائيلية.
وكانت بلدة حوارة والبلدات القريبة منها تعرضت لأكثر من 320 اعتداء على أيدي الجماعات الاستيطانية المتطرفة، ليل الأحد، بحماية من قوات الاحتلال الإسرائيلي، ما أسفر عن استشهاد المواطن سامح أقطش، وإصابة أكثر من 100 آخرين، وإحراق عشرات المنازل والمركبات وتدمير ممتلكات فلسطينية.
ووفق إحصائيات فلسطينية فإنه جرى إحراق نحو 100 سيارة و35 منزلاً بالكامل، فيما أُحرِق أيضاً أكثر من 40 منزلاً بشكل جزئي.
وكادت تلك الهجمات الإرهابية، التي لاقت انتقادات دولية وإقليمية كبيرة، تؤدي إلى مجازر خطيرة، لولا تدارك الفلسطينيين في حوارة الأمر، وخروجهم من منازلهم المحترقة.
وبسبب الانتقادات الدولية لذلك الهجوم الإرهابي، أدان مسؤولون في حكومة اليمين الإسرائيلية تلك الفعلة، ووصفوها بـ “الإرهابية”، وأعلنت حكومة الاحتلال عن اعتقال 10 مستوطنين، واتهمتهم بالمشاركة في الهجوم، قبل أن يجري إطلاق سراح معظمهم، رغم أن الهجوم الكبير، يؤكد أن أضعاف هذا العدد بكثير هم من قاموا بهذه الفعلة الخطيرة.
وقد أظهرت لقطات مصورة عدداً كبيراً من المستوطنين وهم يقومون بتنفيذ الهجمات، غير أن سلطات الاحتلال لم تعتمد تلك اللقطات التي تفضح المستوطنين، في عملية الاعتقال، بحجج واهية.
وفي دلالة على وجود دعم كبير لهؤلاء المستوطنين المتطرفين، طالب وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموترتش، الذي يتزعم حزباً متطرفاً، بمحو بلدة حوارة، على أن توكل المهمة للجهات الرسمية، وهو ما اعتبره الفلسطينيون دعوة جديدة لشن هجمات إرهابية ضد البلدة، فيما لاقت تصريحاته تنديداً دولياً كبيراً، شاركت فيه الإدارة الأمريكية.
وقد أدان الأردن التصريحات التحريضية التي أطلقها سموتريتش، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية سنان المجالي “إن الدعوات المؤججة للعنف تنذر بعواقب خطيرة، وتمثل انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني”، وطالب بضرورة وقف الحملات التي تستهدف الشعب الفلسطيني، وقال “إن وقف الخطوات الأحادية التي تقوّض حل الدولتين والإجراءات الاستفزازية التي تدفع نحو التوتر وتفجر العنف، ضرورة لإنهاء التدهور وخفض التصعيد”.
وقال إن الأردن سيستمر في بذل كل جهد ممكن لـ “وقف التدهور وإيجاد أفق سياسي حقيقي يفعل العملية السلمية، ويحقق تقدماً لحل الصراع على أساس حل الدولتين الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس المحتلة على حدود الرابع من حزيران 1967”.
كذلك أدانت الإمارات التصريحات العنصرية لسموتريتش، ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” بياناً عن وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية أعلنت فيه “رفض دولة الإمارات كافة الممارسات التي تتعارض مع القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية”، وشددت على “ضرورة مواجهة خطاب الكراهية والعنف”، مؤكدةً “ضرورة دعم كافة الجهود الإقليمية والدولية لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط قدماً، وكذلك وضع حد للممارسات “غير الشرعية” التي تهدد حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”.
وأدان الاتحاد الأوروبي، تصريحات سموتريتش، وأشار إلى أنها “تحرض على العنف العشوائي في وضع متوتر للغاية بالفعل”، وأضاف، في تصريح صحفي لمكتبه في القدس: “تصريحات سموتريتش متعصبة وغير مقبولة، وتسير في عكس الاتجاه المطلوب”، وطالب الحكومة الإسرائيلية بـ “التنصل من هذه التصريحات والعمل مع جميع الأطراف المعنية لنزع فتيل التوتر”، وقد أعرب أيضاً عن قلقه البالغ إزاء تصاعد العنف على الأرض، وقال: “من الضروري اتخاذ تدابير فورية لخفض التصعيد”.
جاء ذلك في وقت استمرت فيه الجهود الفلسطينية الرامية لفضح حكومة الاحتلال، حيث أطلع عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمركزية لحركة فتح عزام الأحمد القنصل البريطاني العام في القدس، ديان كورنر، على الأوضاع في فلسطين في ظل استمرار اعتداءات المستوطنين تحت حماية ورعاية جيش الاحتلال وحكومة اليمين.
كما أطلع وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، مع نظيره الأذري جيهون بيرموف، خلال لقاء في العاصمة الأذرية باكو، على آخر التطورات، في ظل “الجرائم و الممارسات العنصرية الفاشية لحكومة الاحتلال اليومية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين بحق المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم”، حسب بيان للخارجية الفلسطينية.