تحقيقات وتقارير

على إيقاع الحرب على غزة: الاحتلال يعيد إنتاج تجربة سجن «أبو غريب» ومعتقل «غوانتنامو» بحق الأسرى الفلسطينيين

على إيقاع الحرب على غزة: الاحتلال يعيد إنتاج تجربة سجن «أبو غريب» ومعتقل «غوانتنامو» بحق الأسرى الفلسطينيين

رام الله / سعيد أبو معلا

 يدرك رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الوزير الفلسطيني قدورة فارس ضرورة عدم حرف أنظار العالم عن الجرائم المتوحشة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة عبر الحديث عما يجري في الضفة الغربية بصفتها ميدانيا ثانيا للحرب والعدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين.

لكن صمته طوال 14 يوما من الاعتداءات على الأسرى الفلسطينيين في السجون الاحتلالية انفجر أمام هول ما يتعرضون له، وأمام حالة الإرهاب والإجرام التي يمارسها الجيش الإسرائيلي وإدارة السجون.
يقول قدورة فارس: «ترددنا كثيرًا في الحديث عن فصل آخر من فصول الجريمة الإسرائيلية والمتمثل فيما يتعرض له أسرانا وأسيراتنا في سجون الاحتلال وذلك خشية أن نخلق حالة من التوتر والقلق لدى عائلات الأسرى والأسيرات وأبناء شعبنا الفلسطيني بشكل عام».
وتابع حديثه: «تطورات المشهد داخل السجون جعلتنا نذهب باتجاه الإفصاح عن حقيقة ما يقترف من جرائم بحقّ الأسرى في ظل المستجدات والمعطيات الخطيرة وغير المسبوقة، التي يواجهها الأسرى في سجون الاحتلال».
ويسرد فارس مجموعة كبيرة من الإجراءات التي يتعرض لها الأسرى، مثل «عملية تجويع وعملية تعطيش ومنعهم من الوصول والحصول على الدواء وتحديدًا الأدوية لأسرى وأسيرات مصابون بأمراض مزمنة تحتاج وتستدعي دواءً منتظمًا».
ويضيف: «لقد تطور الأمر أكثر حين قطعت إدارة السجون الماء والكهرباء عن الأسرى، أما الأخطر في المشهد كله فهو أنه خلال الأيام الماضية تكررت عمليات اعتداء جسدية حتى أنهم يستخدمون العصي في ضرب الأسرى، فالعديد من الأسرى تكسرت أطرافهم، أيديهم وأرجلهم. بعض الأسرى عاد ولم يتعرف على وجهه بسبب التغييرات الناتجة عن الأورام التي ترتبت على الاعتداءات الوحشية باستخدام التعابير النابية، التحقير، والإهانات، والشتم والتعابير النابية، وربطهم بالقيود (الكلبشات) إلى الخلف وشدها على آخرها لدرجة تسبب بآلام شديدة، والتفتيش العاري والمهين والجماعي للأسرى، يعني الذي يحدث في السجون وعلى وجه الخصوص في معتقل (النقب) أصبح تماما مثل سجن (أبو غريب) الذي لا يمحى من الذاكرة».
وتابع حديثه: «هناك نزعة للانتقام تحرك السجانين والضباط والجيوش ويقلقنا أيضا بشكل كبير الوجود المسلح بمحاذاة الأسرى وفي الساحات وفي الأقسام. جنود من جيش الاحتلال متواجدون من مراقبتنا لتطور الأحداث داخل السجون والاعتداءات».
وأضاف: «بتنا على قناعة بأنهم قد يعتدون على الأسرى بالاغتيال والتصفية الجسدية، لا أريد أن أبعث المخاوف، ولكن من يقوم على قصف مستشفى فيه مرضى وأطفال ونساء يقوم بذلك».
وعلق على مسألة المعتقلين من قطاع غزة الذين تم تصنيفهم «مقاتلون غير شرعيون» حيث تم إنشاء معسكرات جديدة لهم في جنوب فلسطين، في إعادة إنتاج لسجن «غوانتنامو».
وقال فارس إن وتيرة الاعتقالات منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، ارتفعت من 5300 معتقل لأكثر من 10 آلاف، وأشار إلى أن هذا العدد بما يشمل أعدادا تقديرية للعمال المعتقلين من عمال غزة، حيث أعلن الاحتلال عن وجود 4000 عامل من غزة محتجز في معسكرات خاصة، فيما لم تتمكن المؤسسات من التأكد من الأعداد، وكل ما يصدر أعداد تقديرية حتى الآن بشأن عمال ومعتقلي غزة.

مسالخ التعذيب

وفيما تتجه أنظار العالم نحو المجازر في غزة يعيد الاحتلال إنتاج مسالخ التعذيب أشبه بسجن أبو غريب في العراق، كما يشن حملة اعتقالات هي الأكبر منذ الانتفاضة الثانية (عام 2000) حيث وصل أعداد المعتقلين يوميا إلى 150 معتقلا ما بين قيادات محسوبة على حركة حماس وصحافيين وباحثين وأسرى محررين.
وفي سياق متصل، أعلنت مصلحة سجون الاحتلال سلسلة إجراءات عقابية بحق الأسرى في بيان رسمي صدر عنها.
ومن ضمن الإجراءات العقابية بحق الأسرى، تم طرح مشروع قانون على طاولة الكنيست من أجل اكتظاظ الزنازين، حتى تتمكن من استيعاب كافة المعتقلين، أي بما يتجاوز الحصة التي سمحت بها سابقًا محكمة الإصلاحيات العليا التابعة للاحتلال.
كما تم تشديد الأوضاع على جميع الأسرى ومنها تم توقف البث التلفزيوني وإخراج كافة الأجهزة الكهربائية من الزنازين، وتجميد دور الناطق باسم الأسرى، ولا يوجد خروج من الزنازين باستثناء وقت «المشي في الفناء» الذي يشمل أوقات الاستحمام.
كما تم إيقاف الزيارات العائلية والحرمان من «الكنتينا وتقليص نشاط الأسرى في الأقسام». ومنعت مصلحة السجون تدفق الكهرباء لغرف الأسرى لمنع التواصل مع الخارج ومنع الاتصال حتى عبر الهواتف العمومية في السجون.
وفي ذات السياق، يستعد «الشاباك» لاتخاذ اجراءات شديدة داخل السجون لمنع ما اسماه حدوث «أعمال شغب» من الأسرى، ومحاولات المقاومين الوصول إلى مرافق السجون، كما انتشرت تعزيزات لمنع محاولات الأسرى المساس بالسجانين.

إعادة اعتقال عمال غزة

وعمل جيش الاحتلال على إعادة اعتقال العمال الفلسطينيين من قطاع غزة بعد أيام من طردهم ورميهم بالعراء على الحواجز الفاصلة بين المناطق الفلسطينية عام 1948 والضفة الغربية، حيث يعتقل الاحتلال بشكل يومي نحو 50 عاملا.
وعقب المحلل السياسي والخبير في الشأن الإسرائيلي والأسير المحرر عصمت منصور على استهداف العمال من قطاع غزة الذين لجأوا وتم طردهم للضفة الغربية من أجل التحقيق معهم والحصول على معلومات تفيدهم في خططهم العسكرية لمهاجمة القطاع.
وشدد ان العمال غالبا ما ينحدرون من مناطق متفرقة في القطاع والاحتلال يحتاج لكل المعلومات من أجل حملته البرية وهو أمر قد يوفر معلومات من عمليات الاعتقال والتحقيق الجماعية التي يقوم بها الشاباك.

و25 صحافيا

وفي ذات السياق، أعلنت لجنة الحريات التابعة لنقابة الصحافيين ان الاحتلال اعتقل 25 صحافيا منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، إضافة للعشرات من النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي الذين تم اعتقالهم وتوقيفهم على خلفية منشورات اعتبرها الاحتلال «تحريضية».
ووفق رصد وتوثيق لجنة الحريات، اعتقلت قوات الاحتلال أربعة صحافيين (هذه الليلة) وهم: علاء الريماوي، عماد ابو عواد، اسامة شاهين، وعلاء الربعي الربعي. بالإضافة إلى الناشط عبر مواقع التواصل الاجتماعي أحمد أبو دعموس.
وكانت قوات الاحتلال اعتقلت أربعة آخرين في وقت سابق وهم: عبد الناصر اللحام، صبري جبر، مصطفى الخواجا، معاذ عمارنة. وبهذا يرتفع عدد الصحافيين الأسرى إلى 25.
وفي آخر حصيلة أعلنت عنها هيئة الأسرى ونادي الأسير، فإن الاحتلال نفذ أكثر من 1070 حالة اعتقال، تركزت في محافظات الخليل، القدس، ورام الله، إضافةً إلى المعتقلين من العمال، ومعتقلين من غزة والتي لم تعرف أعدادهم حتى اللحظة بشكل دقيق، ولا هوياتهم، وهو ما يجعل من حالات الاعتقال تصل إلى أكثر من 6500 حالة اعتقال.

تحولات خطيرة في السجون

يذكر أن مؤسسات الأسرى والمحامين العاملين فيها كانوا قد قرروا مقاطعة محاكم الاحتلال العسكرية في ظل الإبادة الجماعية المستمرة بحقّ أبناء الشعب الفلسطيني في غزة.
وقالت المؤسسات في بيان صحافي: «جاء هذا القرار في ضوء الواقع الجديد الذي فرضته أجهزة الاحتلال ومحاكمه على الطواقم القانونية العاملة في متابعة شؤون الأسرى والمعتقلين، والتي أدت إلى تضييق هوامش العمل أمام طواقم المحامين، وإلى أقصى درجة، فلم يعد المحامي فعليًا قادرًا على تقديم الخدمات القانونية للمعتقلين كما كان متاحًا في السابق، أو حتى طمأنة عائلة المعتقل».
وجاء في البيان: «أنّ استمرار عمل المحامين في ضوء جملة الإجراءات التضييقية الجديدة بما فيها من أوامر عسكرية تسهل فقط عمل أجهزة الاحتلال وتساعدهم في اعتقال المزيد من أبناء شعبنا، عدا عن أن المستفيد الوحيد من حضور المحامي في ظل هذه الإجراءات، هي المحكمة فقط التي تمثل منظومة الاحتلال، والتي تحاول أنّ تضفي بوجود المحامي نوعا من الشرعية على إجراءاتها غير الشرعية».
وختمت: «هذا القرار ليس قرارا أو موقفا عدميّا، بل إنه أداة للضغط على المحاكم، وكنّا قد جربنّا ذلك في مراحل سابقة شهدت حملات اعتقال كبيرة، ونجحنا فعليًا في تحقيق أهدافنا».

القدس العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب