العراق: استهداف قاعدة تضم جنوداً أمريكيين… وواشنطن تأمر بإجلاء طواقم من سفارتها

العراق: استهداف قاعدة تضم جنوداً أمريكيين… وواشنطن تأمر بإجلاء طواقم من سفارتها
بغداد / مشرق ريسان
طال استهداف صاروخي جديد، أمس الأحد، قاعدة «عين الأسد» في محافظة الأنبار الغربية، التي تستضيف مستشارين عسكريين أمريكان وأجانب، في وقتٍ أطلقت الحكومة العراقية دعوة جديدة لجمّع تبرعات «مالية» لإغاثة أهالي قطاع غزّة المحاصر، فيما أعلن «الحشد الشعبي» عن حملة «فزعة عراقية» لدعم الفلسطينيين بالمواد الغذائية والطبية واللوجستية.
وحسب «رويترز» فإن قاعدة «عين الأسد» تعرضت لقصف بثلاثة صواريخ.
وأوضحت أن «الصواريخ تم إطلاقها من قرية في ناحية البغدادي المحاذية للقاعدة» مبينة ان «أحد هذه الصواريخ سقط داخل القاعدة بينما اعترضت الدفاعات الجوية الثاني، أما الصاروخ الثالث فسقط في محيط القاعدة».
وأضافت، أن «الصواريخ التي أطلقت كانت من نوع غراد».
وأول أمس، ذكرت «فرانس برس» نقلاً عن مصدر أمني عراقي وآخر عسكري، تأكيدهم على تعرض القاعدة لهجوم بطائرة مسيّرة واحدة على الأقلّ، دون تسجيل ضحايا أو أضرار.
ووفق المصادر فإن «طائرتين مسيرتين» هاجمتا قاعدة عين الأسد الواقعة في محافظة الأنبار في غرب العراق، السبت، وفي حين «تمّ اعتراض الأولى وإسقاطها» فإن «الثانية سقطت بسبب خلل فنّي داخل المعسكر دون أن تتسبب بأضرار».
غير إن مصدر مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية أفاد بأن البنتاغون «ليس على علم بأي هجوم بطائرات مسيرة على قاعدة عسكرية في غرب العراق تضمّ قوات أمريكية، وأشار للوكالة ذاتها إلى إنه «لم ترد أي تقارير عملياتية تؤكد وقوع هجوم السبت».
وتصاعدت حدّة الاستهدافات التي تطال المصالح الأمريكية في العراق، وتحديداً قاعدة «عين الأسد» غرباً، و»حرير» شمالاً، ومطار العاصمة بغداد، عقب إعلان «فصائل المقاومة الإسلامية» في العراق تشكيل «غرفة عمليات» مشتركة لبحث تطورات الأوضاع في غزّة، وتلويحها، الاسبوع الماضي، بضرب القوات الأمريكية ومصالحها في العراق، في حال قررت واشنطن التدخل في الحرب الدائرة بفلسطين.
وأمرت الولايات المتحدة بإجلاء الموظفين غير الأساسيين من سفارتها في بغداد وقنصليتها في أربيل، في بيان صدر الأحد عن وزارة الخارجية الأمريكية لكنه مؤرخ الجمعة.
وأفاد البيان المتزامن مع تصاعد التوتر في المنطقة بأن أمر الإجلاء «يعود إلى التهديدات الأمنية المتزايدة التي تطال طواقم الولايات المتحدة ومصالحها». ويشمل الأمر «أفراد أسر (الموظفين) والموظفين غير الأساسيين» في البعثة الدبلوماسية الأمريكية في العراق.
كما دعا البيان الأمريكيين إلى عدم التوجه إلى العراق «بسبب الإرهاب والاختطاف والصراعات المسلحة والانتفاضات والقدرة المحدودة للبعثة في العراق على تقديم المساعدة للمواطنين الأمريكيين». وشكل بيان الخارجية تحديثاً للنصائح والتحذيرات الموجهة للمسافرين.
دعوة للتبرع
الموقف العسكري العراقي من الأحداث في غزّة يقابله موقف آخر على المستوى الإنساني، إذ دعا اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني، أمس، التجار خاصة والعراقيين عامة الى التبرع بمبالغ مالية لإغاثة أهالي قطاع غزة.
جاء ذلك في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع رئيس هيئة الأوراق المالية فيصل الهميص في مبنى الهيئة ببغداد، حول التبرعات التي جمعتها الهيئة لصالح غزة.
وأضاف رسول: «نأمل أن تكون هناك مشاركات اخرى من قبل الهيئات والمنظمات والتجار، وكل ابناء الشعب العراقي للمساهمة برفع المعاناة عن النساء والأطفال والشيوخ والرجال في قطاع غزة» مبيناً إن «التبرعات سيتم وضعها كامانات في سوق العراق للأوراق المالية». وزاد: «لدينا تنسيق من خلال لجنة بوضع آلية في كيفية فتح حساب لكي تُودع فيه هذه الأموال» مؤكدا أن «أي أموال أخرى من تبرعات لقطاع غزة سيتم من خلال حساب رسمي ليتم إيداع كل الأموال فيه».
في حين، أشار الهميص خلال المؤتمر إلى إنه «تمكنّا من جمع 60 مليون دينار (نحو 46 ألف دولار) لمناصرة أهلنا في غزة» مبينا أنه «وبالتعاون مع الحكومة سيتم إيصال هذا المبلغ إلى فلسطين وتحديدا في قطاع غزة».
وأعرب عن أمله في أن «تكون هذه المبادرة بداية لجهود أوسع تشارك فيها جميع شرائح المجتمع العراقي للمساهمة في رفع معاناة النساء والأطفال والشيوخ والرجال في قطاع غزة».
وفي الموازاة، أطلقت «هيئة الحشد الشعبي» الأحد، حملة «فزعة عراقية للأقصى» الخاصة بإرسال المساعدات إلى قطاع غزة.
وقال معاون مدير العلاقات والخدمات الاجتماعية في الهيئة غالب الحسيني، للوكالة الرسمية، إن «مبادرة حملة (فزعة عراقية للأقصى) الخاصة بإرسال المساعدات إلى قطاع غزة، هي جزء من لجنة مشكلة بمكتب رئيس الوزراء ومجموعة من المؤسسات العراقية» مبيناً أن «هيئة الحشد جزء من هذه اللجنة التي جاءت بناءً على تجارب سابقة قد أدتها في أعمال الإغاثية».
وأضاف أن «اللجنة باشرت أعمالها ولديها أكثر من 15 منفذاً منتشرة في جميع محافظات العراق لاستلام التبرعات من العراقيين» مشيراً الى أن «هناك تنسيقاً مشتركاً مع جمعيات الهلال الأحمر العراقي والمصري والفلسطيني لإيصال المساعدات الإغاثية والغذائية الى غزة».
وكانت الحكومة العراقية، قد أعلنت، في 12 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، أن شياع السوداني وجّه، بإرسال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة المحاصر من قبل القوات الإسرائيلية.
وقال المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي في بيان في حينها، إنه تقرر إرسال المساعدات «بالتنسيق مع السلطات المصرية لغرض إيصال المساعدات التي تتضمن مستلزمات طبية وعلاجية، واحتياجات إنسانية عاجلة لأبناء الشعب الفلسطيني».
ومنذ الجمعة الماضية، يواصل عراقيون- يشكّل أغلبهم أنصار «الإطار التنسيقي» الشيعي وفصائل المقاومة- اعتصامهم عند الحدود العراقية ـ الأردنية، احتجاجاً على الانتهاكات التي تطال الفلسطينيين على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، مطالبين بفكّ الحصار المفروض على قطاع غزّة.
وسبق أن دعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أتباعه إلى الاستعداد للاعتصام عند الحدود التي تربط العراق بالدول التي تمتلك منافذ مع فلسطين، غير إنه اعتبر المعتصمين «حالياً» هم «فاسدين» ومن يشترك معهم «ليس من التيار».
وقال صالح محمد العراقي، المقرّب من الصدر، في بيان، إن «الذهاب الى الحدود العراقية قبل تحديد الموعد من قبل الصدر يعتبر عصياناً وخروجاً عن المركزية».
وأضاف أن «من يشارك الفاسدين في التجمهر عند الحدود هو ليس من التيار في شيء، فانتظروا الأوامر.. وستاتيكم لاحقاً» مستدركاً بالقول: «في ما إذا وجدنا تجاوباً شعبياً من الدول العربية وتنسيقاً عالياً.. وإلا فإننا قد ألقينا الحجة أمام الله وأمام العالم أجمع».
يحدث ذلك في وقت، أكد السوداني، أن الشعبُ الفلسطيني يتعرض لعملية «إبادة جماعية» فيما دعا لإنشاء صندوق لإعمار قطاع غزة.
وقال السوداني، أمام قمة القاهرة للسلام 2023 المخصصة لمناقشة تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إن «الشعبُ الفلسطيني يتعرض إلى عملية إبادة جماعية باستهدافِ المدنيين في المجمعاتِ السكنية والكنائس والمستشفيات».
وأضاف، أن «مجزرة مستشفى المعمدانية أظهرت الوجه الحقيقي للاحتلال الصهيوني، ونواياه التي تجاوزت كلَّ الخطوط الحمراء» مردفاً بالقول: «ما يحدث جريمةُ حرب مُكتملة الأركان، بدأت بقتل العُزل وفرض حصار خانق على ما تبقى من الأحياءِ منهم».
وحسب رئيس الوزراء فإن «من الصعب أن نصوّر بالكلمات ما يحدث يومياً من أعمال فظيعة ومذابح، ودفن للأبرياء تحت أنقاضِ منازلِهم على أرض نزوحهم الأوّل أيامَ نكبة عام 1948».
وبين السوداني، أن «غزة تشكل اليوم امتحاناً جديداً للنظام العالميِّ، الذي فشل مرات عدةٍ في تطبيق ما ينادي به من قيم الإنسانية والعدل والحرية، وفلسطينُ شاهد حيّ على هذا الفشل» مؤكداً «حان الوقت لوضع حدٍّ لهذا الاحتلال البغيض، ووقفُ معاناة الشعبِ الفلسطيني».
وأوضح أن «الظلم لا ينتج سلاماً مستداماً، ولا سبيل لتحقيق الأمن وإنهاء العنف إلا بإزالة أسبابه، وفي مقدمتها الاحتلال وسياسات التمييز العنصري» لافتاً الى أن «الكيان الصهيونيّ مستمرٌ في خرق القوانين، بما فيها قوانين الحرب».
وأردف: «سيؤثر ذلك في الأمن الدولي وامتداد الصراع إقليمياً، ويهدد إمدادات الطاقة للأسواق العالمية، ويضاعف الأزمات الاقتصادية العالمية، ويفتحُ الباب على صراعات أعمقَ وأوسع» مبيناً أن «الاحتلال مستمرٌ في خرق اتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بأسرى الحروب، والاتفاقية الرابعة التي توفرُ الحماية للمدنيين في الأراضي المحتلة».
ووفق السوداني فإن «الكيان الصهيوني يواصل خرقه للعهد الدوليِّ الخاصِّ بالحقوق المدنية والإعلان العالمي لحقوقِ الأنسان، وأكثر من 78 قراراً لمجلس الأمن متعلّقاً بالقضية الفلسطينية» مستدركاً: «لو جرى احترام القرارات الدولية، وتولت الهيئات الدولية مسؤولياتِها، ما وصلت القضية الفلسطينية إلى هذه الأوضاع المأساوية».
وأكد، أن «العراق يرفض بشدةٍ محاولات إفراغ قطاع غزة من أهله، حيث مجال للحديث عن إعادة التوطين، أو خلق معسكراتٍ للّجوء، ولا مكان للفلسطينيين إلا أرضهم».
وشدد على ضرورة «الوقفِ الفوري لإطلاق النار، وفتح المعابر الحدودية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية وموادِّ الإغاثةِ، ثم العمل على ضمان تبادل آمن وشاملٍ للأسرى والمُعتقلين».
وجدد السوداني، تأكيده وجوب «بذل الجهود لرفع الحصار، بشكلٍ كامل، عن قطاع غزة لضمان عدم تكرار المأساة» داعياً الى «إنشاء صندوقٍ لدعم وإعمار القطاع، ولن يتأخر العراق عن تقديم أية مساعدةٍ ممكنة».
إيقاف تذويب القضية
وطالب بـ«إيقاف تذويب القضية الفلسطينية ومحاولة دفنها، وليس من حقِّ أحدٍ أنْ يتصالح ويتنازل أو يتبرّع نيابةً عن الشعبِ الفلسطيني، فالفلسطينيون هم أصحابُ الأرض والقضية».
ولفت الى أن «الشرعيةَ الدولية، ومعها كلُّ الشعوبِ الحرة، لازالت تنادي بدولة فلسطينية عاصمتُها القدس، لا تمزّقُها المستوطنات، أو تذلُّها المعابرُ وسياساتُ التجويع» موضحاً أن «الاستمرار بتجاهل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني لا يُنتج إلا المزيد من العنف والتطرف، والمزيد من عدم الاستقرار في المنطقة والعالم».
كما شدد رئيس مجلس الوزراء، على ضرورة «وضع حد للعدوان الصهيوني على غزة» فيما أشار استعداد العراق لـ»تسيير قوافل الدعم والمساعدة إلى القطاع».
جاء ذلك خلال لقاءه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، في العاصمة المصرية القاهرة، على هامش المشاركة في مؤتمر قمّة القاهرة للسلام؛ لبحث تطوّرات الأحداث في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأكد السوداني، خلال اللقاء، ضرورة «وضع حدّ للعدوان الصهيوني المستمر، والإبادة التي يتعرض لها أهالي غزة على يد قوات الاحتلال، وفتح الممرات الإنسانية لنقل المساعدات العاجلة» معرباً عن «استعداد العراق للتواصل مع كل الدول والأطراف ذات الصلة؛ لتوحيد الموقف والوصول إلى خطوات عملية متفق عليها وطرحها أمام جميع دول العالم».
ـ «القدس العربي»: