الأردن والمقاومة في «التماس»: خبر أبو عبيدة على وكالة «بترا» ومساعدات «الإخوان» عبر «الإغاثة الهاشمية»

الأردن والمقاومة في «التماس»: خبر أبو عبيدة على وكالة «بترا» ومساعدات «الإخوان» عبر «الإغاثة الهاشمية»
عمان / بسام البدارين
استقبال هيئة الإغاثة الهاشمية الأردنية بصفة مباشرة وشخصية أول شحنة مساعدات لقطاع غزة باسم حزب جبهة العمل الإسلامي هو مؤشر إضافي على أن اللعب بالمستوى الداخلي الأردني في مساحة سياسية مشتركة أو حتى ثنائية أمر ممكن، لا بل مطلوب إلى حد كبير.
التقط الأمين العام للحزب الشيخ مراد العضايلة، صورة لشحنة المساعدات في مقر هيئة الإغاثة الهاشمية بعد ساعات فقط من تذكيره الذكي سياسياً بمشهد درامي تلفزيوني يقول فيه أحد ضباط الحيش العربي قبل أكثر من 60 عاماً لقائده البريطاني قبل تعريب الجيش إنه يمثل عشائر أردنية لا فرق عندها بين شرق نهر الأردن وغربه. تلك «التقاطة» سياسية بامتياز على صفحة الشيخ العضايلة، يؤكد فيها بطل المشهد الضابط الأردني الشاب أن الأردنيين والفلسطينيين أتباع للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، وأن اسم النبي ليس جون أو حاييم. طبعاً، ما قصده العضايلة رسالة تؤكد وحدة مصير الشعبين بالتزامن مع القصف العدواني الوحشي على قطاع غزة، ومع إطلاق مبادرتين شعبيتين:
الأولى تلك التي تمثل هيئة تنسيق العشائر الأردنية في دعم المقاومة الفلسطينية. والثانية تكمل مبادرة أحزاب المعارضة والملتقيات الوطنية لإطلاق ما سمّته وثيقة الإجماع الوطني ضد العدو الصهيوني.
الدلالة السياسية هنا أن أكبر حزب معارض في البلاد يمثل الإخوان المسلمين وبعد انشغاله بالتحشيد طوال الليل ضد وجود سفارة إسرائيل، يذهب لتسليم مساعداته في اليوم التالي إلى الهيئة التي تمثل الدولة الأردنية، فيما الدلالة الأبعد أن الهيئة تستقبل العضايلة ورفاقه وشحنته ضمن سجلاتها الرسمية، وتلتقط الصور في مستودعاتها باعتبارها الهيئة التي تتميز بجاهزية كبيرة وقد سبقت جميع الأطراف في تقديم مساعدات وإدخال بعضها.
في الأثناء، ولأول مرة في سجلها المهني، تنقل وكالة الأنباء الأردنية «بترا» خبراً عن تصريح الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة بعد ظهر السبت وبعد عقود من تجاهل الجناح العسكري في حركة حماس. ثمة ما يوحي بتغير غير مباشر في موقف المؤسسات الأردنية الرسمية من حركة حماس والمقاومة ولو مؤقتاً على الأقل.
علم فلسطين يبرز على صدر «الدرك»
والإطار الإداري والسياسي والأمني العام واضح تماماً في: أولاً، السماح للشارع الأردني بالتعبير عن احتجاجه ورأيه. وثانياً، إطلاق مساحة الترميز السياسي والوطني التي توحي ضمناً وبلغة يفهمها الخبراء، بوحدة مصير الشعبين الآن على الأقل حتى في ذهن المؤسسات العميقة الرسمية، بدلالة وضع رمز لعلم فلسطين إلى جانب العلم الأردني على صدور رجال الأمن العام وقوات الدرك حتى عند القيام بواجبات الميدان في اللحظات الحرجة.
ويعتقد وسط النخبة السياسية الخبيرة بأن مطبخ القرار الأردني وجه ولا يزال يوجه رسائل بمنتهى الخصوصية ضد اليمين الإسرائيلي وفي سياق الالتحام الشعبي مع الموقف الرسمي بترميزات عميقة التأثير لكل أطراف المجتمع، وتحديداً للإدارة الأمريكية أو لتيارها النافذ وهو يسعى لحماية يمين إسرائيل بعد معركة طوفان الأقصى، بصرف النظر عن التداعيات.
لا يتعلق الأمر أردنياً فقط باتخاذ مواقف متقدمة ضد العدوان، بل يتجه إلى ترميزات وتعبيرات تساند، خلافاً للمألوف، فكرة المقاومة الفلسطينية في سلوك نادر الحصول يعيده مصدر رسمي مطلع جداً تحدث لـ «القدس العربي» إلى قناعة عمان بأن القدس والمسجد الأقصى ورفض التهجير تعبير عن ثلاثي يشكل الخط الأحمر الأردني. وقد لا يقف الأردن علناً مع فصائل المقاومة، لكن في الغرف المغلقة لا يتم إعاقتها بسبب ثلاثية القدس والأقصى والتهجير في تحول دراماتيكي لبوصلة القرار يتم التعبير عنه بصورة مباشرة عبر مناورات وزير الخارجية أيمن الصفدي وسط المجتمع الدولي.
قد لا يفتح الأردن الباب حتى اللحظة أمام التعاون والتواصل مع فصائل المقاومة، لكن ما يقوم به من ضغط على يمين إسرائيل يعبر عن المصالح الأردنية، خصوصاً إذا ما انتهت مناورة الطوفان بتغيير الواقع في الداخل الإسرائيلي وإسقاط اليمين المؤمن بالترانسفير والتهجير.
عملياً، تنفيذ التوجيهات الملكية العلنية بدعم صمود المواطن الفلسطيني على أرضه بعد الآن قد يضع آليات في استراتيجية جديدة بدأت فعلاً. هيئة الإغاثة الهاشمية وليس حزب الجبهة، هي التي تتواصل في الميدان مع حماس الآن، وظهور تصريح أبو عبيدة على سجل وكالة «بترا» للأنباء هو تعبير بسيط عن تقدير الأردن لمصالحه الأساسية عند إعادة تدوير الزوايا في المرحلة الحرجة الحالية. قد لا ينتهي ذلك إلا بانقلاب على اليمين الإسرائيلي وليس إسرائيل. وليس بالضرورة أن ينتهي باستدارة كبيرة في اتجاه فصائل المقاومة وحركة حماس إلى أن تظهر النتائج للمنازلة الحالية.
لكن التشجيع الرسمي لظهور علم فلسطين على صدور رجال الأمن قد تكون خطوة احتياطية مرتبطة بحسابات وسيناريوهات أي مستقبل، فيما تقول العديد من الترميزات إن الأردن في مسألتي القدس والتهجير جاهز لتجنب إعاقته من جهة كل حسابات الماضي عند تطبيق قواعد الاشتباك.
ـ «القدس العربي»: