هزمت إسرائيل وانتصرت فلسطين.
بقلم عمر حلمي الغول
طليعة لبنان
—————-
لست مندفعا، ولا متهورا عاطفيا، ولا مصاب بعمى الألوان، ولا خافية عليّ اهداف البعض، ولا اجهل غياب الخطة والاهداف لمبادرة اقتحام المستعمرات والكيبوتسات وقيادة المنطقة الجنوبية الاسرائيلية يوم السابع من أكتوبر العظيم 2023، ولكني اراقب سيرورة وصيرورة حرب الإبادة الصهيو أميركية الغربية الرأسمالية على أبناء شعبي العربي الفلسطيني، واعلم حجم الدمار والموت البشع والمجازر التي طالت الأطفال والنساء والشيوخ والشباب، وقصف وتوقف العشرات من المستشفيات والعيادات، والحصار الجهنمي المفروض على أبناء الشعب في قطاع غزة، والعقاب الجماعي المفروض عليهم، وحملة التجويع القذرة التي تفرضها إدارة بايدن وإسرائيل اللقيطة والغرب الامبريالي المجرم واللا انساني، ومنع الوقود والغذاء والدواء والمستلزمات الطبية.. وغيرها من جرائم حرب الأرض المحروقة.
ومع ذلك، اذا ما قرأنا جيدا وبإمعان ما حصل يوم السبت الموافق السابع من أكتوبر الماضي، فإن ما حصل في دولة التطهير العرقي الإسرائيلية كان هزيمة عميقة بكل معايير الكلمة لم تشهد مثلها منذ تأسيسها، وهزيمة الدولة العبرية مختلفة اختلافا جوهريا عن هزيمة أي دولة من دول العالم الاصلانية، لان الهزيمة لدولة المرتزقة الخزرية لها محتوى ومضمون مغاير، لانها أولا دولة بلا جذور، ولا تاريخ لها، ولا موروث حضاري يلازمها؛ ثانيا كونها دولة فاشية ووظيفية استعمالية أقامها الغرب الامبريالي لخدمة مصالحه في الوطن العربي وإقليم الشرق الأوسط الكبير، واعتقد ان هزيمتها في السابع سيدفع الغرب آجلا ام عاجلا لاعادة نظر في موقفه منها ومن الاثمان التي يدفعها لخدماتها، والبحث عن بدائل من المنطقة، اذا بقيت المنطقة على حالها؛ ثالثا لان إسرائيل لا تقبل القسمة على أي هزيمة، فالهزيمة الأولى، هي الهزيمة الأخيرة، حتى لو بقيت الى حين موجودة بفعل عوامل موضوعية، وليس لمقومات ذاتية إسرائيلية، وهي اشبه بالمتفجرات، الخطأ الأول فيها، هو الخطأ الأخير؛ رابعا التداعيات الناجمة عن الحرب المجنونة ستكون ذات نتائج كارثية على الوجود الإسرائيلي في ارض فلسطين، حيث ستشهد هجرة معاكسة خطيرة، وانهيار الاقتصاد، مهما ضخت الولايات المتحدة من أموال لدعمها. لان التآكل الداخلي وانهيار قطاعات الاقتصاد والبورصة والتكنولوجيا، والمؤسسة العسكرية الأمنية ستتداعى، وابعادها الثقافية والدينية ستتلاشى؛ خامسا مكانتها الإقليمية والعالمية في تراجع غير مسبوق. رغم العصا الأميركية الغليظة المفروضة على الدول العربية والإقليمية وباقي دول العالم لابقاء علاقاتها بإسرائيل.
اما عوامل الانتصار الفلسطينية فهي تتمثل في التالي: أولا تمكن اذرع المقاومة محدودة العدد والعتاد من هزيمة المؤسسة العسكرية الأمنية بكل مكوناتها، التي لا تقهر، وجلعتها أشلاء ممزقة، رغم كل عمليات الترميم التي تقودها واشنطن وعواصم الغرب الأوروبي؛ ثانيا مواصلة الصمود والدفاع عن الشعب حتى الان بعد مرور 27 يوما، رغم حمم وضخامة الخسائر الفادحة في أوساط الشعب الفلسطيني نتاج الحرب الأميركية الغربية الإسرائيلية المسعورة؛ ثالثا مجرد وجود اساطيل الغرب متعددة الأصناف، وما تحمله من أسلحة فتاكة من مختلف الأنواع على سواحل فلسطين التاريخية، وتدخل قواتها المباشرة في الحرب الى جانب الجيش الإسرائيلي هو اعلان هزيمة للغرب وإسرائيل وكل من يتساوق معهم؛ رابعا حتى لو تمكنت القوات الأميركية والأوروبية والإسرائيلية من اجتياح محافظات الجنوب الفلسطينية، ودمرت كل الانفاق، وقتلت كل المقاومين، فانها هزمت شر هزيمة؛ خامسا غزة ومعها كل الشعب الفلسطيني في ارجاء الدنيا يقاومون كل الغرب الرأسمالي، وتقف حجر عثرة امام مخططهم الجهنمي العبثي، المنقلب على القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني وحقوق الانسان عموما والطفل خصوصا؛ سادسا فشلهم في مخطط التطهير العرقي لابناء الشعب الفلسطيني في الضفة والقدس وال48 وخصوصا في قطاع غزة؛ سابعا اتساع وتعمق التضامن الشعبي العربي والإسلامي والعالمي، وكل انصار السلام في الكرة الأرضية، ولهذا البعد أهمية قصوى في رفع الروح المعنوية؛ ثامنا ما ستحمله الحرب الهمجية من تداعيات إيجابية قريبة ومتوسطة على المنطقة برمتها.
اذا على المرتجفين والمنبطحين والانهزاميين ان يكفوا عن ندبهم وفذلكاتهم، وهرطقاتهم البائسة، لان بعبع إسرائيل سقط مرة والى الابد، وباتت الدولة المارقة والخارجة على القانون بمثابة خرقة ممزقة، حتى لو بقيت لحين. لانها دولة لم تشأ ان تكون جزءً من الإقليم، ورفضت خيار السلام، وحالت دون حصول الشعب العربي الفلسطيني على ابسط حقوقه السياسية والقانونية في استقلال دولته وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 1967، رغم ان الشعب الفلسطيني وقيادته قدموا تنازلات غير مسبوقة من اجل صناعة السلام الممكن والمقبول عربيا ودوليا وفق قرارات الشرعية الدولية، الا انها ادارت الظهر لكل ذلك، واستباحت وتستبيح حتى اللحظة والى ان تزول القوانين والشرائع والمعاهدات الدولية، ومضت في خيار الموت والاستيطان الاستعماري وجرائم الحرب. وللحديث بقية مع صيرورة الحرب، التي من الواضح انها ستتطور اكثر .