صواريخ الحوثيين ضد إسرائيل مؤشر على تطور خطير قادم في الشرق الأوسط
صواريخ الحوثيين ضد إسرائيل مؤشر على تطور خطير قادم في الشرق الأوسط
لندن / حسين مجدوبي
يعتبر يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر من المنعطفات الكبرى في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، غير أنه خلال هذه الحرب حدث تطور مثير ستكون له تأثيرات خطيرة على الصراع في الشرق الأوسط، ويتعلق بالصواريخ التي قصفت بها حركة الحوثيين والمقاومة العراقية أهدافا إسرائيلية.
وهكذا، بينما يستمر الخبراء في دراسة الطريقة التي نهجتها المقاومة الفلسطينية يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر في اختراق الأسوار الإسرائيلية وإلحاق أكبر الهزائم بجيش واستخبارات الكيان وكأنها قوات خاصة تابعة لكبريات الجيوش، يهتمون كذلك بالهجمات التي نفذها الحوثيون ضد إسرائيل. وهكذا، تفاجأ العالم يوم 19 تشرين الأول/أكتوبر من إعلان البنتاغون إسقاط أربعة صواريخ مجنحة وكذلك مسيرات في عرض البحر الأحمر كانت تقصد على ما يبدو إسرائيل. وتبين بالفعل أنها كانت تستهدف ضرب أهداف إسرائيلية. وجاء التأكيد في اليوم الموالي عندما أكد الحوثيون ضرب أهداف إسرائيلية. والمثير أن المدمرة «يو إس إس كارني» التي اعترضت هذه الصواريخ استعملت ما يعرف بصواريخ حرب النجوم، وكانت متمركزة في البحر الأحمر ضمن الدوريات في هذا الممر البحري الحيوي.
ويوم الثلاثاء الماضي، أعلنت حركة الحوثيين رسميا عن شن هجمات بـ«صواريخ باليستية ومجنحة وطائرات مسيرة» من دون طيار على إسرائيل على خلفية الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي. وهذه المرة، ظهر المتحدث العسكري باسم الحوثيين العميد يحيى سريع في بيان متلفز مؤكدا أن عمليات القصف التي تستهدف إسرائيل تأتي «نجدة لأهلنا المظلومين في غزة، كان لا بد للقوات المسلحة اليمنية أن تقوم بواجبها انتصارا للمظلومية التاريخية للشعب الفلسطيني». مبرزا «قامت قواتنا المسلحة بإطلاق دفعة كبيرة من الصواريخ الباليستية والمجنحة وعدد كبير من الطائرات المسيرة على أهداف مختلفة للعدو الإسرائيلي في الأراضي المحتلة». والمفاجأة جاءت بقوله «هذه العملية هي الثالثة نصرة لإخواننا المظلومين في فلسطين». وكان الاعتقاد أنها العملية الثانية فقط، لكنها كانت الثالثة بقوله «قواتنا المسلحة تؤكد على تنفيذ المزيد من الضربات النوعية بالصواريخ والطائرات المسيرة حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي».
قصف مدينة إيلات
وفي تطور مشابه، أقدمت الحركات المسلحة في العراق يوم الجمعة الماضي على قصف مدينة إيلات (أقصى جنوب كيان إسرائيل على البحر الأحمر) ويبرز البيان الصادر عن مسلحي العراق أنه «نصرة لأهلنا في غزة وردا على المجازر التي يرتكبها الكيان الغاصب بحق المدنيين الفلسطينيين من أطفال ونساء وشيوخ استهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية في العراق صباح اليوم هدفا في أم الرشاش (إيلات) المحتلة». وفي حالة الصواريخ الحالية، لم تستطع البحرية الأمريكية سواء حاملة الطائرات فورد شرق المتوسط أو بعض المدمرات في البحر الأحمر اعتراض هذه الصواريخ. كما لم تكلف العربية السعودية نفسها اعتراض هذه الصواريخ لأنها تفتقر لمنظومة دفاع جوي كافية. وفي الوقت ذاته، هي غير معنية بصواريخ موجهة ضد إسرائيل وإن اخترقت الأجواء السعودية، فستتركها تمر. وهكذا تبدو الصواريخ التي استهدفت إسرائيل عملا حربيا عاديا لاسيما وأنها لم تشكل أي خطورة تذكر، فقط جرى اعتراض البعض منها من طرف البحرية الأمريكية، وأخرى من طرف إسرائيل أو سقطت في مناطق غير مأهولة. وعملية القصف شبيهة بصواريخ سكود التي أطلقها الجيش العراقي في حرب 1991 ضد إسرائيل. بينما في العمق، ما حدث يؤشر على أخطر تطور حربي على إسرائيل خلال السنوات المقبلة، ويمكن اعتباره المرحلة الثانية والأخطر منذ سنة 2006.
وتعتبر المرحلة الأولى هي من 2006 عندما اعتقدت إسرائيل ابتداء من 2000 أنها أصبحت سيدة الشرق الأوسط لاسيما بعدما بدأت في التوقيع على اتفاقيات سلام مع أنظمة عربية، وانسحبت دول عربية من الساحة الحربية بشكل نهائي مثل حالة مصر. وجاءت الضربة سنة 2006 حيث تبين منذ حرب تموز 2006 بين حزب الله وإسرائيل، الدور الذي تلعبه الصواريخ في المواجهة العسكرية وستلعبه مستقبلا. إذ منذ تلك الحرب، فقدت إسرائيل أهم ميزة وهي حماية أجوائها التي عجزت الجيوش العربية في حروب الستينات والسبعينات على اختراقها، وعدم حماية الأجواء يترجم بالملاجئ والنزوح.
المواجهات مع فلسطينيي القطاع
وتعددت المواجهات مع فلسطينيي القطاع، وسنة بعد سنة، أصبح الفلسطينيون يشكلون خطرا على أجواء إسرائيل رغم الحصار الشديد الذي يعانون منه، إذ نجحوا في تطوير صواريخ قادرة على ضرب العمق الإسرائيلي وتجاوز القبة الحديدية في غالبية الحالات. في هذا الصدد، يبدي الخبراء العسكريون في العالم إعجابهم بمدى قدرة الفلسطيني على صنع صواريخ وهو المحاصر من إسرائيل ومصر. وتنجح إيران في تطوير الصواريخ بشكل ملفت ما يجعلها تدفع عنها مخاطر الهجوم الأمريكي-الإسرائيلي، وتنقل التكنولوجيا إلى حركات مسلحة قريبة منها وتدور في فلكها مثل حركات في العراق واليمن علاوة على حزب الله والآن الحركات الفلسطينية المسلحة مثل حماس والجهاد الإسلامي. وتكنولوجيا الصواريخ تتطور من سنة إلى أخرى على مستوى القوة التدميرية وكذلك المسافة المستهدفة.
وعليه، إذا لم يتم تحقيق السلام، واستمر النزاع وما يواكبه من جرائم مروعة ووحشية كما يحدث الآن في قطاع غزة من خلال شن إسرائيل حرب الجبناء بضرب المدنيين فقط، سيكون في ظرف سنوات قليلة المشهد مرعبا بالنسبة لإسرائيل بالموازاة مع تطور الصواريخ. لا يمكن استبعاد سقوط مئات الصواريخ الباليستية من مسافة بعيدة لحركات مثل الحوثيين والمتواجدة في العراق وربما من مناطق أخرى على أهداف إسرائيلية في يوم واحد لشل الكيان نهائيا مع تدمير المرافق الحيوية مثل الكهرباء والماء. ولا تمتلك إسرائيل القدرة الكافية على اعتراض كل هذه الصواريخ، ولا القدرة على الرد بضرب مناطق هذه الحركات بحكم أن هذه الحركات موجودة في دول تفتقد لمركزية القرار بل هي حركات تقريبا مستقلة بقرارها السياسي والعسكري.
وهكذا، إذا كانت إسرائيل تواجه في القرن الماضي جيوشا نظامية وعلى رأسها المصرية، فقد أصبحت الآن تواجه حركات عسكرية يتعاظم دورها وأحيانا أكثر من الدول، وتمتلك تدريجيا أسلحة ستكون قادرة على تغيير المعادلة وبدء فرض واقع جديد في الشرق الأوسط. إن صاروخ اليوم ليس هو صاروخ الغد.
«القدس العربي»: