رئيسيتحقيقات وتقارير

نائب رئيس حركة “فتح” محمود العالول: من يدير قطاع غزة بعد الحرب سؤال عبثي… والأهم: ماذا بشأن فلسطين بعد توقف العدوان؟

نائب رئيس حركة “فتح” محمود العالول: من يدير قطاع غزة بعد الحرب سؤال عبثي… والأهم: ماذا بشأن فلسطين بعد توقف العدوان؟

رام الله / حوار سعيد أبو معلا

 قال نائب رئيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” محمود العالول إن الأولوية اليوم لدى حركته هي لإيقاف شلال الدم الفلسطيني النازف في قطاع غزة، واعتبر أن السؤال حول من الذي يدير قطاع غزة بعد حركة “حماس”، هو سؤال عبثي، يغطي على سؤال أساسي وجوهري وهو: ماذا بشأن فلسطين بعد توقّف الحرب على قطاع غزة؟

وقال العالول، في حوار صحافي مطوّل مع “القدس العربي”، إن ما جرى في غزة كان لا بدّ له أن يحدث، ولو لم يحدث في غزة، لحدثَ في الضفة الغربية بطريقة أو بأخرى.

وشدّدَ في حديثه على أن الضفة، التي تعيش انفجاراً بفعل إجراءات الاحتلال الإسرائيلي، مهيّأة لانفجار أوسع، في ظل أن “إسرائيل لا تسعى للحفاظ على الهدوء”، لكنه تمنّى أن يتعلّمَ الجميع درس 7 أكتوبر، معتبراً أن الرسالة الأبرز في هذا الحدث تشير إلى أن “العالم إنْ لم يذهب في اتجاه أفق سياسي، وإعطاء أمل للشعب الفلسطيني، فإن ما حصل سيتكرر بعد عامين، أو خمسة أعوام”.

وحذَّرَ العالول من أنه، وإنْ كان مشروع تهجير سكان القطاع قد تراجعَ، إلا أن الظروف الحياتية الصعبة التي يخلقها الاحتلال قد تدفع الناس للهجرة، وهو أمر يجب العمل على معالجته بطريقة عاجلة ودائمة.

واستبعد العالول إمكانية الاحتلال القضاء على حركة “حماس” في القطاع، معتبراً أن الحركة جزءٌ من الشعب الفلسطيني “وجزء من التصور السياسي للمرحلة المقبلة”. وفي ما يلي نص اللقاء:

العالول: إن لم يتحرك العالم باتجاه أفق سياسي فإن ما حصل في 7 أكتوبر سيتكرر بعد عامين أو خمسة أعوام

كيف تقرأ مجمل ما جرى منذ 7 أكتوبر وحتى اليوم الـ40 من العدوان الدموي على قطاع غزة، حيث لا يتوقّف القصف والقتل والترحيل الإسرائيلي بحق المواطنين في غزة؟

هذا الموضوع مهم إلى درجة كبيرة للغاية، فحينما نريد أن نقرأ ما جرى في 7 أكتوبر لا بدّ لنا من رؤية المقدمات التي أدّت إلى ما حدث، وهي مسألة مهمة للغاية، حيث نجد أنه كان لا بدّ أن يحدث ما حدث في قطاع غزة، وأعني بذلك التالي: خلال الفترة الماضية حذّرنا العالم، الأوروبيين والأمريكان، من أنه إذا استمر الوضع الراهن على ما هو عليه فإنه سيؤدي إلى انفجار. شدّدنا على أنه لا بدّ من معالجة الأمور. فما الذي كان يجري قبل 7 أكتوبر؟ كان هناك كمّ كبير من الظلم غير العادي الذي ارتُكب بحقّ أبناء الشعب الفلسطيني، حالة من الظلم الدائم، بكثافة غير عادية، وتحديداً مع الحكومة الإسرائيلية الأخيرة، التي ارتكبت مذابح في نابلس وجنين وطولكرم، ودعمت هجمات المستوطنين في مسافر يطا والأغوار، الذين سلّحتهم، وما زالت. لقد مارست الحكومة عمليات القتل المباشرة ضد أبناء شعبنا، أضف إلى ذلك ما كان يجري في المسجد الأقصى، وما كانت تتعرض له غزة من حصار خانق، طوال 17 عاماً، إضافة إلى ذلك التنكّر الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني، لدينا هنا حكومة إسرائيلية لا تعترف بنا كشعب، ولا تقرّ بأن هذا الشعب لا بدّ من أن يكون له كيان سياسي، لم يقرّوا بذلك أبداً، نحن أمام حكومة تتنكّر لكل الاتفاقات الموقعة، تتنكر للقانون الدولي والشرعية الدولية. هذا الواقع أدى إلى كم كبير من الاحتقان والضغط الذي يولد انفجاراً، وليس نحن فقط من يقول ذلك، العالم كله كان يتحدث عنه. مثال على ذلك تصريحات موشيه يعلون، وهو وزير الجيش الأسبق لدى دولة الاحتلال، حيث نقلت عنه الصحافة العبرية قبل أيام: “المسؤول عمّا حدث في 7 أكتوبر، هو من شكل حكومة الأشرار والفاسدين العنصريين ليبقى هو بالحكم”. هذه وجهة نظر إسرائيلية، وهي صحيحة. نحن نقول إن المسؤول عمّا حدث هو من قام بظلم الفلسطينيين، وشن عمليات القتل، وترك العنان لغلاة المستوطنين، ومَن صادرَ الأرض، ومن حاصرَ غزة، ويقتحم الأقصى، ويتنكّر لكل حقوق الشعب الفلسطيني. كل ذلك هو مَن وما صَنَعَ حدث 7 أكتوبر.

العالول: أولوياتنا إيقاف العدوان وشلال الدم ودرء خطر التهجير وفتح ممرات إنسانية

للأسف، مع بداية هذه الحدث وجدنا هذا العالم منحازاً تماماً ولا يرى إلا بعين واحدة، لم يرَ إلا هذا الحدث، أما ما سبقه فهو غير مرئي بالنسبة لهذا العالم. كما أن هذا العالم لم يرَ ما تلا ذلك أيضاً. ربما الآن بدأت تعتدل الصورة قليلاً. بالتأكيد تم بذل جهد كبير عبر الاتصالات مع العالم وقياداته، من أجل تسليط الضوء وشرح الواقع والحقيقة، إضافة إلى تأثير الدم الفلسطيني على تحول الرأي العام بالعالم، وهو ما نتج عنه المسيرات المليونية في عواصم العالم، إضافة إلى ارتكاب الاحتلال المزيد من المذابح، وهو الأمر الذي لم يكن بإمكان العالم تجاهله.

نحن إزاء حرب إبادة يتم ارتكابها في غزة، وهذا عملَ على تغيير ملحوظ في المواقف حيث أصبح الموقف والرأي العام العالمي ضاغطاً على الاحتلال وعلى الإدارة الأمريكية.

العالول: كافة أطياف الشعب الفلسطيني يجب أن تكون حاضرة في التصور السياسي للمرحلة المقبلة

نحن بالنسبة لنا، وبوضوح شديد للغاية، وضعنا أهدافاً محددة، أولاً: الأولوية لإيقاف العدوان وشلال الدم. المسألة الثانية: درء الخطر الكبير الذي نخشاه، وله علاقة بالتهجير حتى لا تكون هناك نكبة أخرى، كما حدث عام 1948، وهو خطر داهم بشكل كبير جداً. والمسألة الثالثة على أجندتنا كانت تتعلق بعمل ممرات إنسانية من أجل إدخال المواد الغذائية للمواطنين، فمَن لا يُقتل بقذيفة طائرة يقتل بالتجويع.

لنركز على خطر التهجير، وهو بالمناسبة خطر حقيقي جداً، وحصل أن كان داخل القطاع ذاته، الآن، وبعد 40 يوماً، هل ترى أن الخطر قد زال؟

 في ما يتعلق بالتهجير، لقد أخذنا موقفاً حاسماً، والشكر للأخوة في مصر والأردن، لقد كان لهم موقف مهماً وحاسماً، إن كان سيحدث التهجير فإنه كان سيحدث إلى هذه الدول. نلحظ أن هناك نوعاً من التراجع عن الهدف، لكن الخشية لدينا أن الظروف الحياتية القاسية التي تُخلق ويتم الإصرار على أن يعيش الناس في ظلها هي التي من الممكن أن تدفع الناس للهجرة. الظروف الحياتية صعبة للغاية، ومن أجل ذلك نعمل على درء هذا الخطر كلما تمكّنا، وذلك عبر توفير الدعم الإنساني للسكان. فالظروف الحياتية من الممكن أن تشكّل أحد الدوافع للهجرة، ولا بدّ أن نسعى إلى معالجتها.

صحيح أن الاحتلال مارَسَ سلوكاً وحشياً خلال الفترة الماضية، لكن جانباً آخر للمسألة يرتبط بأن الغرب لم يكن يقوم بدور ضاغط على الاحتلال، فمَن كان يرعى عملية السلام تجاهل السلطة ومشروع الدولة الفلسطينية كلياً، ولولا مجموعات المقاومة في الضفة الغربية، لما كان هناك من يهتم بشأن السلطة، أو مشروع الحل السياسي، هل توافق على ذلك؟

 نعم أوافق، الغرب يئس من إمكانية أن يأخذ من إسرائيل شيئاً سياسياً، وكانت النتيجة أن هرب من هذا الاستحقاق باتجاه إهمال القضية الفلسطينية، وذهب نحو تغيير أولوياته. لقد أصبح لديهم أولويات أخرى بعيداً عن الشرق الأوسط. المسألة الأخرى أن الغرب أصبح يميل باتجاه بحث ما هو ثانوي، تهرباً من مسؤولياته، أصبح يعالج قضايا ثانوية تماماً، مثل: التحريض، وتحسين وضع اقتصادي. وهذا لم يكن ليحلّ المشكلة أبداً.

العالول: لن تستطيع إسرائيل القضاء على “حماس”.. وما جرى في غزة كان يمكن أن يحدث في الضفة

آمل أن يشكّل ما حدث رسالة واضحة تماماً، وعلى العالم أن يدركها، على العالم أن يفهم أنه في حال لم يذهب باتجاه أفق سياسي وإعطاء أمل للشعب الفلسطيني فهذا الموضوع سيبقى قائماً، أن ما حصل في 7 أكتوبر، وفي حال لم يعالَج بخلق أفق سياسي باتجاه دولة فلسطينية، فسيتكرر بعد عامين أو خمسة أعوام. المنطق الطبيعي يقول ذلك. لا بد من البحث عن خيار يعطي أملاً للشعب الفلسطيني. عليهم أن يقولوا لنا ماذا لديهم. مِن الممكن بحث أي شيء إلا خيار استمرار الاحتلال.

العالول: الضفة تعيش انفجاراً بفعل إجراءات الاحتلال الإسرائيلي، ومهيّأة لانفجار أوسع

هناك مسؤولون ومحللون يرون أن الانفجار لو لم يحدث في غزة فقد كان من الممكن أن يحدث في الضفة الغربية أو القدس، مثل أن يكون رد فعل فلسطيني كبير على هجمات عنيفة من المستوطنين، المعطيات تشير إلى أن تجاهل فلسطين خطيئة؟

هذا ما كان يحصل في الضفة الغربية فعلياً، علينا أن نتذكر محرقة حوارة. تجاهل القضية الفلسطينية هو فعلاً خطيئة، وإن لم تكن هناك محاولة لتدارك ذلك والذهاب باتجاه أفق سياسي يقوم على أساس الدولة الفلسطينية في غزة والضفة والقدس فإن هذا سيتكرر دائماً.

ملف التهجير ملف خطير كما ذكرت، لنتحدث عن مصر أولاً، ومن ثم عن الأردن، هل هناك تواصل دائم مع المصريين من طرفكم وطرف القيادة الفلسطينية لضمان مزيد من الدعم الإنساني كي لا تتوفر أسباب ومقومات التهجير، “الجوع كافر”، كما يقال؟

 المصريون لا مشكلة لديهم، نتواصل مع المصريين والأردنيين، هم ضد أي تهجير تماماً، لديهم استعداد لاستقبال الجرحى، وعلاجهم، مهما كانت الأعداد، أي شيء من هذه الضرورات والمتطلبات سيقدمها المصريون.

أدرك ذلك، لكن ما يقفز أمامي هو سؤال فعالية هذا الموقف المصري؟ كيف يمكن أن يُبنى على الموقف المصري الرافض للتهجير، وبالتالي ضمان ألا يحدث أمام ما تحدثت عنه من فرض ظروف تقود للتهجير؟ نريد أن يكون للموقف المصري والعربي (قمة إسلامية وعربية مشتركة تبنت الموقف) أنياب كي نتجاوز عن هذا الخطر الكبير؟

العالول: نتحدث عن حل سياسي لفلسطين وللفلسطينيين، لا عن حلّ لغزة أو لفئة من الفلسطينيين. نتحدث عن تجسيد دولة فلسطين في غزة والضفة والقدس

ضمان ذلك هو معالجة الوضع الإنساني، حتى لا يكون هناك أيّ احتمال لأي تهجير، الظروف الحياتية الصعبة قد تدفع الناس للهجرة. جهود المعالجة لا بدّ منها. ونحن نقوم بضغط من أجل دخول المواد الإغاثية، والمصريون جاهزون بهذا الخصوص، ندرك أن إمكانية الإدخال محصورة في مناطق جنوب قطاع غزة، لكننا سنحاول أن يكون هناك شيء ما للشمال من خلال معابر أخرى.. نأمل أن نصل إلى نتيجة تخفف عن أهالينا في القطاع.

الموقف المصري الحاد من مسألة التهجير مفهوم بالنسبة لنا، على اعتبار أن الخطر على حدودهم. هنا السؤال كيف تفسر الموقف الأردني، الذي يمكن أن يوصف بأنه أكثر حدة، لقد كان آخر تصريح لوزير الخارجية الأردني يهدد بأن الأردن سيدخل في مواجهة مسلحة في حال حاولت إسرائيل تهجير الفلسطينيين في الضفة الغربية، هذا تصريح قوي وحاد، وكأن الأردنيين يرون شيئاً ما، أو يتخوّفون من شيء ما، وربما تحدثوا معكم بهذا الخصوص؟

 كان هناك شيء مرئي منذ البداية، كنا نرى الخطر من سياسة الحكومة اليمينية، كنا نراه خطراً وجودياً على الكل الفلسطيني، وكان أحد المسارات التي من الممكن أن تكون في هذا الموضوع مرتبطاً بالضغط والقتل، كما يحدث في قطاع غزة، حيث يجري ذلك في جنين وطولكرم. وموقف الأردن بهذا الخصوص موقف صلب. هم ضد التهجير، فهو خطر على النظام الأردني نفسه. وهو أمر يجعل منه موقفاً صلباً ونتاج رؤية واضحة للمخاطر في ظل حكومة اليمين التي تحكم دولة الاحتلال.

أضيف هنا أن هناك تخوفات من أن يكون الدور بعد غزة للهجوم على الضفة، رغم أنهم يقومون فعلياً بالمذابح. وهذا مؤشر على أن المخاطر الكبرى ما زالت قائمة حتى الآن.

قرأت تصريحاً لك في بداية الحرب دعوت للوحدة الوطنية كخيار مهم وأساسي لمواجهة التحديات، ونحن في اليوم الـ 40 للحرب، وليس هناك وحدة وطنية، أو أي أمل بها، والعالم أو الموقف الغربي يستغل الحالة الفلسطينية، ويبني عليها، حيث يقسم الشعب الفلسطيني إلى “حماس” وغير “حماس”، وهو استمرار ذات عملية التقسيم التقليدية للفلسطينيين بين خيّرين وأشرار؟

 من الممكن أن ترتبط الوحدة بالموضوع السياسي العام، نحن الآن، نتحدث عن حل سياسي لفلسطين وللفلسطينيين، وليس حلاً لغزة أو لفئة من الفلسطينيين. نحن نتحدث عن تجسيد دولة فلسطين في غزة والضفة والقدس.

هذا جزء من الذهاب باتجاه الحل. وهنا لا بد من الإشارة إلى ما حملته الأيام الماضية من مرونة لدى حركة “حماس”، وهو ما تمثّلَ في تصريحات إسماعيل هنية، الذي أبدى مرونة كبيرة جداً باتجاه شكل من أشكال الحلول السياسية. هذا شيء ربما يؤدي إلى أن نقول إنه لا يوجد ما نختلف عليه.

لكن الأساس بالنسبة لنا هو كيف نرتدّ إلى وطنيتنا وفلسطينيتنا. ونتجنب أن يعبث الآخرون بساحتنا الداخلية.

العالول: نتنياهو لا يدري ماذا يريد، إنه يبحث عن كل ما يمكّنه من إطالة أمد الحرب

  هل يمكن أن توضح لي الجملة الأخيرة؟

نحن نريد المصلحة الفلسطينية. ولا يوجد (من الجهات الخارجية) من يتعاطى مع الوضع الفلسطيني بالجوهر، لا أحد يهتم اهتماماً جوهرياً بالقضية الفلسطينية. لم يظهر أحد ليقول إنه يريد أن يساهم في صمود أهل غزة حتى اللحظة. أو حتى أنه يريد أن يدعم غزة مادياً بحيث يساهم في صمود الناس. لكن من يتدخلون في قضية غزة هم جهات لها أهداف متباينة، فالكل يريد أن يكون له دور ومشاركة ما في هذه “المسألة”، وهو يؤدي إلى ما أقصده. يجب أن نحافظ على استقلال قرارنا الفلسطيني، وهو أمر يساعدنا باتجاه الوحدة، ربما تكون الأمور في قادم الأيام أكثر نضجاً، وربما يكون هناك شيء ما من الاتصالات بهذا الأمر، ونأمل أن نوفق بها.

العالول: ننظر لأنفسنا في “فتح” على أننا “أم الولد”، مسؤولين عن الشعب الفلسطيني، والعمود الفقري للقضية الفلسطينية كلها، وتحديداً أهلنا في القطاع

هناك دعوات للوحدة، البعض دعا إلى حكومة وحدة وطنية. والحقيقة أننا بأمس الحاجة إليها، البعض يطالب أن يجلس المسؤولون الأوروبيون والأمريكيون مع فلسطينيين من كافة الفصائل لبحث مستقبل غزة، ما رأيك؟

 نحن أيضاً لا نريد الأمريكيين، نحن نراهم رعاة للحرب على غزة، هذا المطلب فيه تبسيط للمسألة لدرجة كبيرة. المسألة ليست أن نقوم بعمل مجموعة من الفلسطينيين. ليس هكذا تتم الأمور. وبكل الأحوال مسألة الذهاب باتجاه الوحدة، أو ما يؤدي إليها، له علاقة بحكومة وحدة وطنية أو إنقاذ وطني، ونحن ليس لدينا أي مشكلة أبداً في ذلك. نحن نبحث عن الجوهر، وهو أن نريد شعباً موحداً في مواجهة هذه الأخطار.

قبل أيام كان هناك مسيرة لحركة “فتح” وسط ميدان المنارة في رام الله، وكان هناك هتاف أن “فتح” لن تترك “حماس” لوحدها كما فعلت إيران، البعض رأى فيه تصريحاً مهماً لكنه متأخر. كيف ترى الموقف الفتحاوي من “حماس” التي تخوض معركة طاحنة مع الاحتلال الإسرائيلي، هل يمكن أن نقول إن هذا الموقف مرّ بمرحلة تحول، أم أنه موقف دائم ومستمر؟

 نحن موقفنا واضح بهذا الموضوع، وأشرنا إليه في كل مكان. نحن شعب واحد، والدم الفلسطيني دم واحد في كل مكان، حينما نتحدث في “فتح” نتحدث عن الكل الفلسطيني وليس عن جزء. نحن لن نترك أبناء شعبنا لوحدهم. نحن ننظر لأنفسنا في “فتح” على أننا “أم الولد”، كما يقال، مسؤولين عن الشعب الفلسطيني، والعمود الفقري للقضية الفلسطينية كلها، وتحديداً أهلنا في قطاع غزة الذين يتعرضون لحرب إبادة.

كيف تنظر إلى مفارقة رغبة أمريكية في أن تكون الضفة هادئة، والفعل الإسرائيلي المناقض لذلك؟

 في الحقيقة إسرائيل لا تسعى للحفاظ على الهدوء. ما ترتكبه كل يوم لم يعد محتملاً، جرائم غير مسبوقة، مذابح في طولكرم، وقبلها في جنين، وما يجري في الخليل وكل مكان، فالحرب ضد الشعب الفلسطيني في كل مكان. يمكن رؤية هذه القسوة غير المسبوقة، والضفة في قلب ذلك.

هل تتوقع أن تنفجر الضفة الغربية؟

 بالتأكيد. أساساً الانفجار قائم. استمرار الأمور هكذا أمر لا يمكن احتماله. لا بد أن يتعلموا من الدرس الذي مرّوا به في 7 أكتوبر، إن لم تتجنّبوا هذه الانتهاكات والمذابح فلا محالة هناك انفجار آخر قادم.

فلسطينيون كثر، وعلى إيقاع الأحداث في غزة، استحضروا تجربة حصار بيروت 1982. من تجربتك؛ حدِّثنا عن أوجه الشبه والاختلاف؟

 ربما هناك تشابه ما في الحدثين، غير أن ما يجري في غزة أقسى بكثير. في بيروت عملت الجغرافيا لصالح المقاتل الفلسطيني، حيث طبيعة بيروت فيها غابة من الإسمنت، وكذلك الجبل والساحل، وغيرها، كل ذلك كان له علاقة بالقدرة على الدفاع عن النفس والاحتماء.

لكن في غزة وبفعل الجغرافيا ذاتها، نرى أن هناك قسوة كبيرة، كما أن القذائف في غزة أكثر قسوة. عدا عن الاختلاف في طبيعة الأسلحة ما بين السابق واليوم، حيث تستخدم إسرائيل أحداث الأسلحة، فأمريكا زوّدتهم بآخر تكنولوجيا الأسلحة التي تتوفر لديها كي تلقى على شعبنا. أعتقد أن المناظر الآتية من غزة غير المسبوقة أبداً.

العالول: السلطة (الفلسطينية) ليست خارج غزة حتى تعود إليها. السلطة هي التي كانت وما زالت تدير الوزارات مثل: الصحة والتعليم والمياه والطاقة..

في زيارة وزير الخارجية الأمريكية بلينكن لرام الله ولقائه للرئيس الفلسطيني محمود عباس، حتماً كان في جعبته موقف أو عرض أو سيناريو عرضه على السلطة الفلسطينية. هل من تفاصيل؟

أظن أنه لم يكن يوجد في جعبته شيء، أقول ذلك بالمعنى التالي، لقد جاء وكان يريد البحث عن أي مرونة لدى إسرائيل بحيث تؤخذ الأمور باتجاه تهدئة. كانت زيارة بهدف التمكن من الضغط على الاحتلال للتخفيف من أجل وقف إطلاق النار من خلال التهدئة. واكتشف الأمريكيون أنهم غير قادرين على ذلك. لقد جاء وغادر بخفي حنين. لم يحقق شيئاً.

تصريحات نتنياهو الأخيرة، والتي رأى فيها أنه حتى السلطة الفلسطينية، بوضعها الحالي، لن تتسلّمَ زمام الأمور في غزة، هذا إلى جانب سيناريوهات كثيرة، كيف تقرأون ذلك؟

 واضح أن نتنياهو لا يدري ماذا يريد، إنه يبحث عن كل ما يمكّنه من إطالة أمد الحرب. أود أن أشير إلى نقطة مهمة؛ وهي أن السلطة ليست خارج غزة حتى تعود إليها أساساً. السلطة هي التي كانت وما زالت تدير الوزارات مثل: الصحة والتعليم والمياه والطاقة.. الخ. طرح مستقبل غزة هو موضوع عبثي، لا يمكن، ولا نستطيع أن نذهب باتجاه بحث هذا الموضوع، من يقوم بطرح هذا الموضوع هما أمريكا وإسرائيل.

أمامنا موضوع مهم وأساسي وله الأولوية على كل شيء، إيقاف شلال الدماء وإيقاف العدوان. أما أن تأخذني باتجاه سؤال: كيف ندير غزة؟ فهذا شيء عبثي، وليس علينا أن نبحث ماذا بعد العدوان؟ بل علينا ان نوقف العدوان أولاً. بعد ذلك

 ليس علينا بحث: ماذا بعد غزة، بل ماذا بشأن فلسطين؟ فما يجب أن نذهب إليه هو مسار سياسي يجسد دولة فلسطين في القدس والضفة وغزة.

بعد كم الخسارات، لا يجب أن نقبل بأمل أو أفق سياسي فقط؟

تماماً، وهذا ليس لنا فقط. بل يفترض أن يسعى العالم من أجل تطبيق ما أدركه واقتنع به. وأظن أن التصريحات خلال هذه الفترة تشير إلى أن العالم أصبح أكثر قناعة، وأنه لا بدّ من حل سياسي.

هل تعتقد أن إسرائيل يمكنها القضاء على حركة “حماس” في غزة؟

إسرائيل من الممكن أن ترتكب جرائم ضد الشعب الفلسطيني، لكن أن تقضي على حركة “حماس” فهو موضوع غير ممكن. هي قادرة على ارتكاب جرائم وأن تضرب قدرات وامكانيات الحركة. أكثر من ذلك فلا أعتقد.

في فلسطين هناك صراع على التمثيل. هل ترى أن هناك مشكلة في ذلك؟

كافة أطياف الشعب الفلسطيني يجب أن تكون حاضرة في التصور السياسي للمرحلة المقبلة، حيث الذهاب باتجاه الدولة الفلسطينية وانتخابات للشعب الفلسطيني. ما نسعى إليه بوضوح، حتى لا يبقى أحد يثير هذا الموضوع، هو الحرية والخلاص من الاحتلال، هذا هو الأساس، وليس مَن يمثّل الشعب الفلسطيني.

 

القدس العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب