كيف تنظر كل من مصر وإيران لتهديدات الحوثيين في البحر الأحمر؟

كيف تنظر كل من مصر وإيران لتهديدات الحوثيين في البحر الأحمر؟
تسفي برئيل
إن انزلاق الحرب في غزة إلى البحر الأحمر وانضمام الحوثيين للمعركة ضد إسرائيل، تطورت وأصبحت تهديداً استراتيجياً إقليمياً، ربما يتحول إلى حرب مستقلة لن تكون متعلقة بالضرورة بالتطورات في القطاع. إذا كانت النظرة لتهديد الحوثيين في بداية الحرب هامشية وحظيت برد تكتيكي مثل اعتراض مسيرات وصواريخ أطلقت من اليمن نحو إيلات وعلى السفن المبحرة في البحر الأحمر، فإننا نقول إنه لا رد حقيقياً على تهديدات الحوثيين الآن.
إن وجود مدمرات أمريكية وسفن إسرائيلية في البحر الأحمر وإرسال سفينة حربية فرنسية إلى المنطقة، لم يردع الحوثيين. الخميس، فشلت محاولة لضرب سفينة “مارسيك غبلرتار” التي كانت في طريقها إلى قناة السويس. ولكن قرار أصحاب هذه السفينة -شركة النقل البحري “مارسيك”- تجميد استخدامها للطريق البحرية في البحر الأحمر، وفي أعقابها شركة “هافاغ لويد” التي تمت مهاجمة سفينة لها أول أمس، يبين أن الهجمات التكتيكية ضد الحوثيين مثل قصف محدد لمنصات إطلاق الصواريخ أو فرض العقوبات الاقتصادية على من يساعدونهم خارج اليمن غير كافية. قررت الولايات المتحدة تسريع تشكيل التحالف الدولي الذي سيعمل في البحر الأحمر لضمان حرية الملاحة، لكن يبدو أن من يمكنهم المساعدة بشكل فوري لا يسارعون إلى الانضمام لهذا التحالف.
مصر، التي أعلنت أمس أنها قد أسقطت جسماً طائراً قرب مدينة دهب في شبه جزيرة سيناء، لم تعلن رسمياً حتى الآن نيتها الانضمام للتحالف. في العام 2015 عندما شنت السعودية الحرب ضد الحوثيين، كانت مصر بالذات من أوائل الدول التي انضمت للتحالف العربي الذي شاركت فيه الإمارات والبحرين والسودان، حتى لو كانت مشاركتها في حينه إعلانية.
الآن في الوقت الذي باتت فيه مصر هي المتضررة الرئيسية من حرب الحوثيين ضد إسرائيل، حيث أدخلت لها قناة السويس في السنة الماضية حوالي 9.5 مليار دولار، 34 في المئة أكثر مما في العام الذي سبقها، ربما تخسر معظم مداخيلها. رغم ذلك، ما زالت مصر مترددة. حسب رأيها، الانضمام لهذا التحالف برئاسة أمريكا ضد الحوثيين لا يتساوق مع جهودها في إظهار أنها مؤيدة لسكان غزة في ضائقتهم، وكدولة تريد التوسط من أجل التوصل إلى حل سياسي. الإمارات، شريكة السعودية في الحرب ضد الحوثيين، انسحبت من الساحة في نهاية 2019، ومنذ ذلك الحين، بعد التوقيع على اتفاقات تعاون مع إيران، تحررت من تهديد الحوثيين. وفي آب 2022 أعادت أبو ظبي فتح سفارتها في طهران وأصبحت الشريكة التجارية الأهم لإيران في الشرق الأوسط رغم تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.
السعودية نفسها أيضاً لا تظهر أي حماسة للانضمام إلى التحالف الأمريكي بسبب الخوف، وبحق، من إمكانية أن تتحول مجدداً إلى هدف للحوثيين بعد أن منحها وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في نيسان 2022 فترة هدوء طويلة.
تنشغل السعودية الآن في استكمال مسودة اتفاق سلام مع الحوثيين، وهي العملية التي تؤيدها الولايات المتحدة التي استجابت لطلب السعودية عدم تصعيد ردها ضد الحوثيين. يضاف إلى اعتبارات السعودية أيضاً رغبة في الحفاظ وحتى تحسين علاقاتها مع إيران، كما أعلن نائب وزير الخارجية أول أمس في لقاء ثلاثي في بكين مع نظيريه الإيراني والصيني.
أمام شبكة مصالح دول الخليج ومصر – الدول العربية الأساسية التي تضررت من نشاطات الجناح اليمني لمحور المقاومة – تقف الولايات المتحدة في مكان المنافسة وليس كدولة عظمى من شأن تعاون حلفائها أن يكون أمراً مفهوماً ضمناً.
في موازاة هذه القوى شريك رئيسي هو إيران، التي أعلن وزير الدفاع فيها محمد رضا آشتياني، أمس، بأن “التحالف الدولي المناهض للحوثيين قد يواجه مشكلات كبيرة إذا بدأ العمل في منطقة نتمتع فيها بالتفوق”. إذا سعت إيران حتى الآن لتقديم نفسها كمتفرج لا ينخرط عسكرياً في المشهد، سواء في غزة أو لبنان أو اليمن، ويبدو أنها تكتفي بالتعبير عن دعمها للمقاومة وللتحركات الدبلوماسية التي ستؤدي إلى وقف إطلاق النار، فإن تصريح آشتياني يضع إيران، للمرة الأولى، كدولة مواجهة مباشرة، ومنطقة البحر الأحمر كمنطقة نفوذ لإيران.
هذه الخطوة قد تكون لها تأثيرات بعيدة المدى في ساحة متفجرة أخرى، وهي الخليج الفارسي. الطريقة التي سترد فيها الولايات المتحدة وحلفاؤها على تهديد الحوثيين في البحر الأحمر ستكون نقل رسالة حاسمة ضد تهديدات إيران والمس بالملاحة في مضيق هرمز. في تشرين الأول الماضي، هدد عضو البرلمان المحافظ حسن نيروزي، بأنه “إذا تدخلت الولايات المتحدة في الحرب في غزة… فستكون للمقاومة في الشرق الأوسط وغرب آسيا قوة للرد. ومن غير المستبعد أيضاً أنه يمكننا إغلاق المضيق. وإذا ساعدت الولايات المتحدة إسرائيل بشكل مباشر فسنغلق مضيق هرمز”.
هذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها إيران التهديد ضد الملاحة في الخليج الفارسي، ولكن إذا كان هذا التهديد موجهاً لنشاطات أمريكية مباشرة ضد إيران، فإنها الآن تستخدم غزة والحوثيين كقاعدة لإطلاق هذا التهديد.
هآرتس 17/12/2023