مقالات
ولايتا الشمال تفكان لجام القانون والدستور..! بقلم عبد الله رزق أبو سيمازه
بقلم عبد الله رزق أبو سيمازه -السودان -

ولايتا الشمال تفكان لجام القانون والدستور..!
بقلم عبد الله رزق أبو سيمازه
تأتي الأخبار من ولايتي الشمال، حيث تتلازم حملات الاستنفار للزج بالمواطنين في طاحونة حرب لا ناقة لهم فيها ولاجمل، مع خطاب الكراهية، مزعجة ومثيرة للقلق، فولاية نهر النيل، التي قرر واليها طرد كل من ينتسب لتحالف “قوى الحرية والتغيير” من الولاية، خلال مهلة ثلاثة أيام، تقدم نموذجا لما يمكن تسميته بالتفلت المؤسسي لأجهزة الدولة، بموازاة التفلت الذي يمارسه الجنود وقت الحرب، وهو الحرب ذاتها، التي يدفع ثمنها المواطن خصما من حياته ومن عمره. وكذلك ما يصيب أجهزة الدولة، بما هو عرض من أعراض تطرف الفوضى واللادولة. فالوالي- الذي ” فك لجام ” القانون والدستور – يتعامل مع الأمور، وكأنه مالك الولاية الحصري، والمتصرف في أقدار الناس ومصائرهم. فنفى المواطنين خارج الولاية، بسبب انتماءاتهم ومواقفهم السياسية، تطور خطير في سياق الجاري من التعدي على الحريات العامة والحقوق، التي تنص عليها المواثيق الدولية، التي يشكل السودان طرفا فيها.
فالانتماء لأي من التنظيمات المنضوية تحت لواء “الحرية والتغيير”، ليس جريمة، ناهيك عن أن يكون مسوغا لطرد المواطنين من ديارهم. كما أن الدعوة لوقف الحرب، وعدم الانحياز لأي من طرفيها، وهو موقف إنساني وأخلاقي متقدم أكثر منه سياسي، لا يشكل جنحة بأي معيار قانوني. ووصفت “الحرية والتغيير” الحملة المثارة ضدها، بأنها “امتداد لمشروع الإسلاميين وفلول النظام البائد لتصفية ثورة ديسمبر المجيدة في إطار إشعالهم حرب الـ 15 من أبريل”. وعدت في بيان لها بتاريخ 31 ديسمبر الماضي، الدعوة لطرد عضويتها من الولاية “جريمة حربٍ بشكل واضح وصريح، وتأتي ضمن استهدافٍ مباشر للمدنيين في النزاعات المسلحة، وتعريضهم للخطر، واستهدافهم على أساسٍ عرقي وإثني، وعلى أساس التفكير والمعتقد السياسي والموقف الرافض للحرب. “وفي موازاة ذلك، وضمن ما يشبه تمهيدا لحملة واسعة للقمع وانتهاك حقوق الإنسان، أصدرت الولاية الشمالية، من جهتها، منشورا بتكميم الأفواه، إذ يقيد التشريع الولائي حقوقا يكفلها الدستور، ويمنع أمر الطوارىء رقم (6) المواطنين بالولاية الشمالية، لا سيما الناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي، من تلقي الأخبار والمعلومات وتبادلها، وتبادل الآراء والأفكار، دون قيد، كما تنص على ذلك المادة التاسعة عشر، من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. لايكتفي هذا التعدي، غير المسبوق، على حرية الرأي والتعبير، بتبرير نفسه، باعتبارات غائمة وفضفاضة، من قبيل الأمن العام والسلامة والطمانينة، حسب، وإنما يضفي على الولاية، نفسها، قداسة تضعها فوق النقد، مثل القوات النظامية، حين يحظر “على أي شخص أو جهة نشر أو نقل أو نسخ أو إرسال عبر أي وسيلة من وسائل الاتصال أو الوسائط المختلفة أو أي معلومات أو أخبار تتعلق بالقوات النظامية أو تحركاتها، أو حكومة الولاية أو أي من أجهزتها أو وحداتها المختلفة دون الرجوع للجهات المختصة بأمانة الحكومة أو الأجهزة النظامية”.