
هل فقدت أمريكا دورها العالمي؟.
بقلم الدكتور غالب الفريجات
منذ سقوط الاتحاد السوفيتي بدا دور أمريكا في التفرد في قيادة العالم والتحكم في دور المنظمات الدولية هيئة الأمم المتحدة والمنظمات المتفرعة عنها، ولم تجد من يقف في طريقها، وتمكنت من تحدي العالم وشنت حروبا عدوانية دون أن تعبث بالقرارات الدولية المعارضة كحربها العدوانية على أفغانستان والعراق تحت ذرائع واهية، حتى انها لم تعبأ للموقف الاوروبي المعارض رغم تحالف الطرفين في العديد من المواقف الدولية، ووصفها رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي بالقارة العجوز.
كان في وسع الولايات المتحدة ان تسود العالم بعيدا عن الأساليب العدوانية وكما يصف الكثيرون بالاسلوب الحريري بدلا من الاسلوب الحديدي لكن طبيعة النظام الامبريالي الأمريكي في َ نشأته العدوانية فرضت عليه أن لا يغادر هذه السمة العدوانية البربرية، فهو اول من استخدم السلاح النووي في هيروشينا، وناكازاكي اليابانيتين على الرغم انه ليس بحاجة لاستخدام هذا النوع من الأسلحة المدمرة للحياة الإنسانية وكل ما يحيط بها، وامريكا الدولة التي تكاد حروبها العدوانية تتساوى مع عمرها الزمني وقد تفوقت على دول العالم في عالم الجريمة والعدوان الداخلي والخارجي، فلم يسلم حتى مواطنيها من منهجها الاجرامي.
أمريكا التي اتيحت لها فرصة ذهبية التفرد في السياسة العالمية كان يمكن لها ان تدير العالم لسنوات أطول بكثير، فالعالم كان يتوق لنموذج الحرية والديمقراطية، وخدع كثيرا بالشعارات الأمريكية عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ، وحقوق الطفل، وحقوق المرأة، وغيرها مما كانت أمريكا تقوم بتسويقه لدول العالم، وبشكل خاص العالم الثالث، ولكن شعوب الأرض باتت تعي ان السياسة الأمريكية على ارض الواقع بعيدة كل البعد في التطبيق العملي، فكيف يمكن تزاوج شعارات حقوق الإنسان مع العدوان البربري الهمجي؟ ، وباتت السياسة الأمريكية تكيل بمكيالين متناقضين، فلندقق في الموقف الأمريكي من موقفها في حرب أوكرانيا وموقفها من العدوان الصهيوني على قطاع غزة، فهي ضد الموقف الروسي ومع الكيان الصهيوني، لا بل مشاركة في العدوان الصهيوني، وداعمة له عسكريا ودبلوماسيا وسياسيا.
عدوان أمريكا على العراق تحت ذرائع واهية، أكدت مستوى التدني في الأخلاق السياسية الأمريكية، وممارساتها في سجن ابو غريب يندى له الجبين من دولة ترفع شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وما تقوم به في دعم الكيان الصهيوني، ومشاركتها جريمة العدوان في حق ابناء فلسطين في القطاع يؤكد السقوط الأمريكي السياسي والأخلاقي، وأن هذا النوع من نماذج الدول يشكل خطورة على البشرية جمعاء، وأن مقاومته من كل شعوب الأرض باتت واجبه للخلاص من شروره، وأن هذا النوع من السلوك الاجرامي
يتناقض مع الطبيعة البشرية التي تتوق للعيش بامن وسلام.
أمريكا تعجل بسقوطها، وإن بدأت خطوات هذا السقوط سيفقدها دورها الاستراتيجي العالمي، ويدفع العالم للنضال لازاحتها عن التربع على المقعد الأول في السياسة الدولية، فكثيرة هي الامبراطوريات التي تعجل بسقوطها بحكم رعونة سلوكها الذي يتناقض مع الواقع السياسي العالمي الذي تعيشه شعوب الأرض، وامريكا اكثر دول العالم تمارس الرعونة السياسية والتدني الأخلاقي في المعاملات مع الدول، فهي من يبيح لنفسه استخدام كل الوسائل الشرعية واللاشرعية لتحقيق مصالحها، فهي تعيش على مبدأ ليست هناك أخلاق دائمة وترفع شعار هناك مصالح دائمة ايا كانت مشروعية هذه المصالح، فالبراغماتية الامريكية لا تخدم القواعد والقوانين والنظم الأخلاقية، وبالتالي تتجرد السياسة الأمريكية من كل المعايير التي ترتكز عليها الحياة الإنسانية للانسان لصالح المنفعة الذاتية.