مقالات

السودان والأزمة الإنسانية القاتلة: الجذور والتداعيات والسعي للاستجابة الإنسانية 3-4 بقلم : إسماعيل هجانة

بقلم : إسماعيل هجانة

السودان والأزمة الإنسانية القاتلة: الجذور والتداعيات والسعي للاستجابة الإنسانية 3-4
#الهدف_أراء_حرة
بقلم : إسماعيل هجانة
تمهيد الدروب للمضي قدما إلى الأمام: الطريق إلى الحلول للأزمة الإنسانية في السودان
وبينما ننتقل من تحليل التأثيرات العميقة والتحديات المعقدة للاستجابة الإنسانية في السودان، يتحول خطابنا الآن نحو استكشاف دروب الأمل- الطريق إلى الحلول. تنطلق هذه الدفعة الثالثة المحورية من سلسلتنا في رحلة للتعرف على مسارات قابلة للحياة للخروج من أعماق اليأس، ورسم استراتيجيات لا تعد بالإغاثة فحسب، بل بمستقبل مستدام لشعب يعاني من ضربات الصراعات القاتلة الصراع والمعاناة الطويلة.
في مواجهة هذه الأوضاع المعقدة ذات الشدائد الساحقة، يتطلب السعي لتحقيق السلام والاستقرار والازدهار في السودان نهجا منسقا ومتعدد الأوجه يعالج الاحتياجات الفورية لشعبه مع إرساء الأساس للتعافي والتنمية على المدى الطويل. ويدعو إلى تضافر الجهود التي تتجاوز الحدود والتخصصات والأيديولوجيات، وتوحيد المبادرات المحلية مع الدعم الدولي لصياغة إطار مرن وممكن للتغيير.
يتعمق هذا الجزء الثالث من سلسلتنا في العناصر الحاسمة لاتفاقيات وقف إطلاق النار، وضرورة السلام عن طريق التفاوض بدلاً من الحلول العسكرية، وضرورة معالجة الأسباب الجذرية للصراع من خلال الحوار السياسي المتكامل وإعادة البناء الاقتصادي. ويسلط الضوء على الدور الأساسي لتعزيز التماسك الاجتماعي وبناء دولة المواطنة الفيدرالية حيث تسود المساواة دون استثناء.
وبينما نسير عبر “الطريق إلى الحلول”، فإننا نهدف إلى إلقاء الضوء على المساعي الجماعية والتدخلات الاستراتيجية اللازمة لتحويل السودان من أرض تشوبها الاضطرابات إلى أرض تزدهر بالوحدة والازدهار. انضم إلينا ونحن نحاول نشوف ملامح مستقبل واعد، تدعمه مبادئ العدالة والحرية والكرامة الإنسانية، ومدفوعًا بالروح التي لا تتزعزع للشعب السوداني وحلفائها العالميين في السعي لتحقيق سودان متناغم ومزدهر.
الطريق نحو الحلول.
إن معالجة هذه الأزمة تتطلب نهجا متعدد الأوجه. وتضافر جهود جميع السودانيين أولا ومن ثم المجتمع الدولي وأصدقاء السودان. وأهم هذه الخطوات:
أولا، هناك حاجة ملحة لوقف إطلاق النار. وكما أشار الاتحاد الأفريقي، فإن “الوقف الفوري للأعمال العدائية أمر بالغ الأهمية لوصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين”. و”شدد المتحدث الرسمي باسم الخارجية الألمانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، دينيس كوميتات على أن السودان لن يجد سلاماً طويل الأمد إلا مع حكومة مدنية وشرعية ديمقراطية” صحيفة مداميك 22 فبراير 2024م. وأضاف قائلا “يجب على الجنرالين (عبد الفتاح البرهان ) و(محمد حمدان دقلو) حميدتي اسكات أسلحتهم نهائيًا”. وأكد “أن العودة إلى طاولة المفاوضات مهمة حتى لا يجُرَّ شعب السودان إلى الهاوية، وزعزعة استقرار المنطقة بأكملها “.
ثانيا: الحلول التفاوضية وليس الحلول العسكرية. حيث أثبت التاريخ السوداني القديم والحديث أن جميع حروب السودان انتهت عند موائد التفاوض وليس بالبندقية. وتاريخيا لم ينتصر الجيش السوداني على أي حركة حملت السلاح ضد حكومة الخرطوم، كما أنه لم تتنصر تلك الحركات عليه، بيد أن هذه الحرب القائمة لأول مرة في تاريخ البلاد، بيد أن الجيش وبعد فقدانه “8” من فرقه العسكرية و”60%” من مقراته بات يعّول على حيل التجييش العقائدي إذ لا فرق بين النفير الذي دعا له قادة الإسلاميين والفزع الذي لجأت له قيادة الدعم السريع، وهذا نفياً لمعايير المهنية التي ظل ينتهجها الجيش منذ 1955م وإلى اليوم، حيث أغرقت البلاد في أتون حرب اصبحت أهلية بامتياز. خاصة بعد مخاطبة البرهان لجنود قوات الحركات المسلحة بلغة تحريضية تنم عن الجهل والحقد وعدم مسؤولية قائلا: “هؤلاء هم من قتلوكم”. وهذا المنحى لا يعزز الا التشرذم ويقود إلى مزيد من الاقتتال الاهلي على أسس قبلية وجهوية، في نهج ظلت تمارسه السلطة المركزية باستمرار في كل عهود الاستبداد، ليسهل لها الاستئثار بمقاليد الثروة والسلطة على قاعدة فرق تسد. ومازلت عندي رأي أبعدوا من التعبئة الغبية وهذه الفتنة هذه التي لن تحصدوا منها إلا الرماد بعد أن يحترق السودان. فمن الأفضل لجميع السودانيين الجلوس إيجاد حلول تفاوضية مرضية لجميع السودانيين ولتكون هذه آخر الحروب السودانية. وتأسيس دولة المواطنة الفدرالية التي يتساوى فيها الجميع بلا استثناءات.
ثالثا: إن معالجة الأسباب الجذرية للصراع أمر بالغ الأهمية. وينطوي ذلك على بدء حوارات سياسية شاملة تتناول اهتمامات مكونات الوطنية السودانية، وتقديم حلول ناجعة تخاطب جذور الأزمة السودانية وتستوعب مخاوف المجموعات السكانية والاجتماعية خاصة التي تعرضت لمظالم تاريخية. وتشير مجموعة الأزمات الدولية إلى أن “السودان يحتاج إلى عملية سلام شاملة تعالج القضايا الأساسية المتعلقة بنظام الحكم وعلاقة الدين بالدولة والهوية ودستور مدني ديمقراطي يستند على المواطنة دون تمييز قبلي أوجهوي أو ديني أو سياسي “.
رابعا: ومن الناحية الاقتصادية، فإن إعادة بناء الاقتصاد السوداني أمر بالغ الأهمية. ويجب أن يركز الدعم الدولي، كما أكد البنك الدولي، على “تقديم المساعدات المالية، وتخفيف الديون، ودعم الإصلاحات الاقتصادية لإعادة بناء اقتصاد السودان”. هذا الواقع يؤكد أن هناك حاجة إلى استجابة إنسانية قوية لتلبية الاحتياجات الفورية للسكان المتضررين. ولا يقتصر ذلك على توفير الغذاء والرعاية الصحية فحسب، بل يشمل أيضًا ضمان الوصول إلى فرص التعليم وسبل العيش للسكان النازحين.
خامساً: مبادرات بناء السلام الاجتماعي والتعايش. إن معالجة الأزمة الإنسانية في السودان لا تتطلب حلولاً سياسية واقتصادية فحسب، بل تتطلب أيضًا بذل جهد مخلص لتعزيز السلام الاجتماعي والتعايش والمصالحة بين المجتمعات السودانية المتنوعة. وقد أدت الانقسامات التاريخية، سواء كانت قبلية أو عشائرية أو جهوية أو سياسية، إلى تعميق الأزمة، مما يحتم دمج بناء السلام والتعايش كمكونات أساسية لإطار الحل.
إن الأزمة في السودان ما هي إلا انعكاس قوي على الأثر المدمر للصراع الطويل الأمد، والمستمر الذي أدى إلى تفكيك النسيج الاجتماعي والاقتصادي للدولة. ورغم جسامة التحديات، إلا أنه يتعين على المجتمع الدولي، إلى جانب القيادة السودانية الملتزمة بقضايا السلام والحرية والعدالة، الالتزام ببذل جهود متواصلة لمعالجة أعراض هذه الأزمة وأسبابها الجذرية. وكما قال الدكتور محمود ببراعة: “فقط من خلال الجهود الجماعية والمنسقة يمكننا أن نأمل في رؤية السودان ينعم بالسلام والاستقرار والازدهار”.
ولمعالجة الأزمة الإنسانية في السودان، تتردد في أذني صدى كلمات كوفي أنان: “نحن لسنا مسؤولين عن أمن بعضنا البعض فحسب. بل إننا مسؤولون أيضاً إلى حد ما عن رفاهة بعضنا بعضاً”. ويجب أن توجه هذه الروح الطريق إلى الأمام حيث يسعى السودان إلى الخروج من الصراع نحو مستقبل مفعم بالأمل ومستقر. وقالت الخارجية الأمريكية 22 فبراير 2024م، إن الوفد ركز على وقف الصراع في السودان وتسهيل المساعدات الإنسانية ومساعدة المدنيين المؤيدين للديمقراطية “الذين يعملون للدفاع عن الشعب السوداني” و”التجهيز للحكم ما بعد الصراع”. حيث انخرطت وزارة الخارجية الأمريكية في سلسلة من الاجتماعات في قمة الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا، حيث ركزت على معالجة الصراع المستمر والأزمة الإنسانية في السودان.
حيث قال ديفيد ميليباند الرئيس والمدير التنفيذي للجنة الدولية للإنقاذ “IRC “ومع استمرار العنف في السودان، هناك حاجة ملحة للاهتمام الدبلوماسي الدولي بهذه الأزمة. يحتاج المدنيون بشكل عاجل إلى قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والضغط على الأطراف المتحاربة للجلوس إلى طاولة المفاوضات. وفي الوقت نفسه، ستواصل فرق لجنة الإنقاذ الدولية دعم النازحين داخل السودان وخارجه من أجل إنقاذ الأرواح”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب