أكراد العراق يلوذون بواشنطن لإنصاف كيانهم الدستوري: هل يفقد الإقليم سلطته لصالح المركز؟

أكراد العراق يلوذون بواشنطن لإنصاف كيانهم الدستوري: هل يفقد الإقليم سلطته لصالح المركز؟
بغداد /مشرق ريسان
عبّر مسؤولون أكراد ينتمون للحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، عن رفضهم توجه الحكومة الاتحادية في السيطرة على ملف صرف مرتبات الموظفين الأكراد في إقليم كردستان العراق، بمعزل عن الحكومة الكردية، فضلاً عن القرار الاتحادي الأخير القاضي بإلغاء مقاعد «كوتا الأقليات» في برلمان الإقليم، مؤكدين في الوقت عينه لمسؤولين أمريكيين في واشنطن ضرورة المحافظة على الكيان الدستوري لإقليم كردستان.
وعاد مسرور بارزاني رئيس حكومة إقليم كردستان إلى مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، بعد زيارة رسمية استغرقت عدة أيام إلى الولايات المتحدة الأمريكية التقى خلالها عدداً من كبار المسؤولين الأمريكان وأعضاء الكونغرس.
وأجرى رئيس حكومة الإقليم خلال زيارته، حسب بيان صحافي، «مباحثات مكثفة مع المسؤولين الأمريكان حول الأوضاع السياسية الراهنة في العراق والمنطقة بشكل عام والمشاكل القائمة بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية العراقية بشأن مستحقات الإقليم ورواتب الموظفين ومشكلة النفط والغاز وغيرها، وكذلك الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في كردستان حزيران/يونيو المقبل».
وأكد بارزاني خلال لقاءاته مع المسؤولين الأمريكيين على ضرورة «المحافظة على الكيان الدستوري لإقليم كردستان وإنصافه بصرف مستحقاته المالية وتنفيذ البنود الدستورية التي تخص العلاقة بين الإقليم والمركز».
وترفض حكومة الإقليم والقوى السياسية الكردية- وخصوصاً الحزب الديمقراطي الكردستاني- قرار الحكومة الاتحادية توطين مرتبات الموظفين الأكراد وربطها «اتحادياً» بمعزل عن حكومة الإقليم، فضلاً عن إلغاء مقاعد «كوتا الأقليات» في قانون انتخابات برلمان الإقليم المقرر عقدها في العاشر من حزيران/يونيو المقبل، على أن تجري بإشراف المفوضية الاتحادية.
ويرى رئيس الفرع الرابع للحزب الديمقراطي الكردستاني في السليمانية، آري هارسين، أن حزبه والاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة بافل طالباني، ليسا السبب فيما يجري بإقليم كردستان، فيما وصف قرارات المحكمة الاتحادية العليا بأنها «مسيسة وغير دستورية».
وقال هارسين خلال مؤتمر صحافي إن «قرارات المحكمة الاتحادية الأخيرة غير دستورية وغير قانونية، والجميع يعرف بهذا وكل قراراتها مسيسة ضد الإقليم، وما جرى مؤخراً هو مؤامرة وبرنامج ضد الإقليم بتصميم أطراف خارجية، ويجب على الشعب الكردي أن يعي حجم المؤامرة». فيما يؤكد السياسي الكردي البارز ملا بختيار أنه كان على المحكمة الاتحادية إيجاد «حل أفضل» لمشكلة الكوتا في كردستان.
وفي مؤتمر صحافي أيضاً، ذكر السياسي الكردي أن «جميع الأحزاب ستتراجع أصواته في الانتخابات المقبلة وذلك لعدة أسباب أهمها الوضع الاقتصادي والديون المترتبة بذمة الحكومة من رواتب، وكذلك الضغط الممارس من بغداد والمخاوف الإقليمية والخارجية على الإقليم كل هذا جعل المواطن الكردي محبط نفسيا» متوقعا أن «الأحزاب ستحصل على مقاعدها في الانتخابات وذلك بسبب النظام الانتخابي».
وعن قضية الكوتا وقرار المحكمة الاتحادية العراقية الأخير بهذا الصدد بين ملا بختيار انه «بما ان في العراق وفي الانتخابات يتم التعامل مع نوعين من الكوتا الأول الخاص بالنساء ونوع آخر الكوتا، كان على المحكمة الاتحادية إيجاد حل أفضل لهم أسوة بما هو موجود في العراق».
ورجّح أن «تكون هناك قرارات أكثر صعوبة سيواجهها الإقليم إذا لم يتم معالجة المشاكل المالية والسياسية فيها».
ورغم استمرار موجة ردود الفعل الكردية الغاضبة من السيطرة «الاتحادية» على ما تراه صلاحيات دستورية للإقليم، غير أن الردّ الأعنف جاء من حزب بارزاني الذي اتهم المحكمة الاتحادية بـ«الظلم» وأن قراراتها تؤدي إلى تعقيد وتأزيم العلاقة بين بغداد وأربيل.
وفي بيان صحافي للمكتب السياسي للحزب، رأى أن «ما لا يمكن التغاضي عنه ان بنود الدستور وأحكامه تتعرض باستمرار للتجاهل لا بل للتجاوز والانتهاك من قبل بعض الأجهزة الاتحادية، والأخطر من ذلك كله ان تنتهك المحكمة الاتحادية العليا بنود الدستور وأحكامه خلافا لمهامها الرئيسة في ضمان تطبيق بنوده والدفاع عن النظام الاتحادي وترسيخه من خلال الحفاظ على سيادة الدستور والمحافظة على منظومة توزيع الصلاحيات والاختصاصات بموجب أحكامه، حيث توالت قراراتها التي تشكل انتهاكا لمبدأ الفصل بين السلطات فقد وضعت نفسها مقام السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأناطت بنفسها من السلطات والصلاحيات مالم ينطه بها الدستور».
ووفق البيان فإن «المحكمة الاتحادية العليا سعت في قراراتها الأخيرة إلى تقليص اختصاصات وصلاحيات سلطات الإقليم واتجهت بوضوح إلى اضعاف مؤسساته وافساح المجال للسلطات الاتحادية بالتجاوز على الاختصاصات الدستورية للإقليم، في الوقت الذي أقر الدستور بشرعية سلطات الاقليم التشريعية والتنفيذية والقضائية بموجب المواد (117 و121)».
وأشار إلى أن «تلك القرارات للمحكمة الاتحادية العليا أدت إلى تعقيد وتأزيم العلاقات بين السلطات الاتحادية وسلطات الإقليم، والاخلال بها بالشكل الذي يهدد المبادئ الدستورية في الديمقراطية والنظام الاتحادي، ويكشف بوضوح التوجه بالعراق إلى دولة ذات نظام مركزي والابتعاد عن النظام الديمقراطي الاتحادي، ما يفرض على عاتق كافة الشركاء في الحكم عامة وفي تحالف إدارة الدولة خاصة للعمل بجد من أجل ضمان الالتزام بأحكام الدستور وبنود اتفاق تحالف إدارة الدولة والاسراع بتشريع قانون المجلس الاتحادي وقانون النفط والغاز، وبالأخص تشريع قانون المحكمة الاتحادية العليا لمعالجة مشكلة الشرعية الدستورية لهذه المحكمة بموجب الآليات الدستورية المنصوص عليها في المادة (92) ضمانا لاستقلاليتها ولتنفيذه واحترام بنوده وأحكامه، كذلك يجب أن يكون الدستور هو الأساس لمعالجة المشاكل القائمة بين الإقليم وبغداد وان لا يتم استغلال المحكمة الاتحادية أكثر من هذا لتحقيق الأهداف والأغراض السياسية».
لكن هذه الاعتراضات لم تمنع السلطات الاتحادية من المضي في تنفيذ قرارات القضاء، إذ شكّلت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لجنة مركزية برئاسة القاضي عباس فرحان حسن رئيس الدائرة الانتخابية في المفوضية، لإدارة انتخابات برلمان كردستان.
ونقل الموقع الرسمي لحزب «الاتحاد» تصريحاً للمتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي، أكدت فيه أن «من مهام هذه اللجنة تنفيذ القرارات والأنظمة والإجراءات الصادرة عن مجلس المفوضين وإعداد الخطط الفنية والعملياتية لانتخابات برلمان كردستان، ومتابعة التشكيلات الإدارية التابعة للمفوضية في إقليم كردستان وإدارة الأعمال الإدارية والنشاطات الفنية والمالية الخاصة بالعملية الانتخابية».
وأفادت بأن «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مستمرة في استعداداتها لإجراء انتخابات برلمان كردستان في الموعد المحدد 10 حزيران/ يونيو 2024 وفقا للمعايير الدولية».