رمضان شهر خلده مجتمع العرب بالطرائف والنوادر والأقوال

رمضان شهر خلده مجتمع العرب بالطرائف والنوادر والأقوال
نواكشوط/ عبد الله مولود
رمضان ذلك الشهر الذي يطل على حياتنا كل سنة، فيقلب الموائد والعادات؛ وتدخل فيه أرواحنا الساعية بنا إلى السمو والاتصاف بالصفات الربانية، معركة العام ضد أجسادنا الموغلة في البشرية والحيوانية.
في بداية رمضان معركة أخرى فقهية تدور بداية هذا الشهر من كل عام؛ إنها معركة رؤية هلاله بين من يشترطون الرؤية البصرية فيها ومن يرون إمكانية إثبات استهلال الشهر بالحساب الفلكي. وبنوادر مستطرفة وفكاهات مستظرفة، خلدت كتب الأدب شهر رمضان وكيف تعامل الظرفاء والأكولون.
فقد رأى إعرابي جماعة تتحرى الهلال فسأل عنها فقيل له إنها رأت هلال شهر رمضان، فقال: «لأشتتن شمله بالأسفار».
ومن نوادر رمضان ما أورده بن عبد ربه في كتابه العقد الفريد: «أتت ليلة الشك من رمضان، فكثر الناس على الأعمش يسألونه عن الصوم، فضجر، ثم بعث إلى بيته فأتوه برمانة فشقها ووضعها بين يديه، فكان إذ نظر إلى رجل قد أقبل يريد أن يسأله تناول حبة فأكلها، فكفى الرجل السؤال، ونفسه الرد».
وشوهد أعرابي وهو يأكل فاكهة في نهار رمضان فقيل له: ما هذا؟ فقال الأعرابي على الفور: قرأت في كتاب الله «وكلوا من ثمره إذا أثمر»؛ والإنسان لا يضمن عمره وقد خفت أن أموت قبل وقت الإفطار فأكون قد مت عاصياً.
ولأشعب أشد الناس طمعاً، قصصه ذات العلاقة برمضان، فقد دخل على أحد الولاة في أول يوم من رمضان يطلب الإفطار وجاءت المائدة وعليها جدي، فأمعن فيه أشعب حتى ضاق الوالي وأراد الانتقام من ذلك الطامع الشره فقال له: اسمع يا أشعب إن أهل السجن سألوني أن أرسل إليهم من يصلي بهم في شهر رمضان، فامض إليهم وصل بهم، واغنم الثواب في هذا الشهر، فقال أشعب وقد فطن إلى غرض الوالي منه: أيها الوالي لو أعفيتني من هذا نظير أن أحلف لك بالطلاق والعتاق إني لا أكل لحم الجدي ما عشت أبداً، فضحك الوالي. ودخل أحد الحمقى على أحد الخلفاء في إحدى الليالي الرمضانية وهو يأكل فدعاه الخليفة ليأكل فقال، إني صائم يا أمير المؤمنين فسأله هل تصل النهار بالليل؟ فأجابه لا ولكني وجدت صيام الليل أسهل من صيام النهار وحلاوة الطعام في النهار أفضل من حلاوته في الليل. وقيل لبعض الحمقى كيف صمتم في رمضان؟ فأجابوا اجتمعنا ثلاثين رجلاً فصمناه يوماً واحد.
ضاع لأحدهم حمار فنذر أن يصوم ثلاثة أيام إن وجد الحمار وبعد فترة من الزمن وجد حماره فأوفى بنذره وصام الثلاثة أيام وما أن أكمل الصيام حتى مات الحمار فقال: لأخصمنها من شهر رمضان.
وجاء رجل إلى فقيه فقال: أفطرت يوماً في رمضان. فقال: أقض يوماً مكانه. قال: قضيت وأتيت أهلي وقد عملوا مأمونية (نوع من الحلوى) فسبقتني يدي إليها فأكلت منها، فقال اقض يوماً آخر مكانه، قال قضيت وأتيت أهلي وقد عملوا هريسة فسبقتني يدي إليها؛ فقال له الوالي: أرى ألا تصوم إلا ويدك مربوطة.
ـ «القدس العربي»: