سَجِّلْ يا تاريخُ.. أنا فلِسطينيّ.

سَجِّلْ يا تاريخُ.. أنا فلِسطينيّ.
الكاتب : علي او عمو.
المملكة المغربية.
أنا مغربيّ المَنشإ فلسطينيٌّ إلى النُخاع
عِشقي للأراضي المقدسة شيء لا يُتصوَّر
فلسطين لم تُفارِق مُخيِّلتي منذ صِغَري
منذ انْ كان العرب يتغنّون بقضيتهم الأولى
حسِبتُ ذلك كلاماً صادقاً لا مِراء و لا شكَّ فيه
قضية تلقّينا دروساً عنها في فصول الدراسة
نُردِّد أناشيد و نرفع شعارات التنديد بالمُحتلّ
تربّى في نفسي حبّ وطني الثاني الغالي
ألجأُ دوماً إلى سماع الأخبار عبر المذياع
صوت فلسطين صوت الثورة الفلسطينية
من تونس كانت تأتي الأخبار عن فلسطين
لا أهتمّ بأخبار العالم ما يهُمّني هي قضيتي
آمالي تحرير الأرض من براثن محتَلّ غاشم
كبُرتُ و وهْم مسؤولي العرب يراودني دوما
زَرعوا في فؤادي و في قلبي قُرب الفرَج
لم اَتخيّل يوما أنّ الحُلم سيتحوّل كابوسا
و اليومَ افتضَح الأمر و بدَا ما كان مستورا
تخلّى مَن كان يتبجّح كَذِباً عن القضية الأولى
راحوا ينشرون الأكاذيب و يستغبون الشعوب
تصريحات من هنا و هناك كلها هُراء و تضليل
مستحيل تصديق الباطل أمام الحقّ الواضح
أينَ قِمَمُ العرَب و المُسلمين و قرارتُها الفاشلة
لقد اجتمَع القادةُ قَصدَ ذرّ الرماد في العيون
أمريكا و إسرائيل و الغرب تُبيدُ شعباً أعزَل
جرائم في حق الإنسانية تُقترَف كلّ يوْم
ما يُسمّى المُجتمع الدولي في صمت رهيب
قد ألغى الأمريكان و بنو صهيون القانون
فأمريكا و إسرائيل و الغرب هي القانون
القانون الدولي يُدرَّس في مدارس العالم
و ما جدوى تدريسِه إنْ لم يسرِ على الجميع
أمريكا و إسرائيل فوق قانون الأرض و السماء
عالم يعيش في الغاب وُحوشه ضارية تفترس
لا رحمَة قلبها و لا تعرف للأخلاق مَفهوما
تكالَبَ الأعداء على طمْس حضارة الأجداد
حضارة بناها الأفداد العِظم الميامين الكرام
أرض الآباء و الأجداد ليست للبيْع و الشراء
جذورها راسخة لا تُزعزعها زوابع الطُّغيان
واثِقٌ أنّ النصر حليف المجاهدين الأبرار
نصرٌ و تمكين و عِزّة و فخر و بناء دولة
الشرّ شرٌّ و الباطل باطل و الحقّ هو شامخ
يا صاحب الحقّ لا تيْأس فنصيبك مَضمون
أقُصّ حِكايتي لِكُل حُرّ يهتمّ بالقضيةِ مثلي
اتردّدُ على مقهىً في الحيّ بِجوار منزلي
اتفرّج على التلفاز و أكتُبُ مقالاتي في هاتفي
أتألَّم من شدة بشاعة المَشاهد التي أشاهدها
قَصف الكيان المحتلّ للبيوت و قَتلِ الأبرياء
مَشاهدُ مُروِّعة تُبَثُّ كل حين يحترق لها قلبي
أطفال و نساء و شيوخ بين جريح و شهيد
عيوني تذرف دمعاً و قلبي ينزِف دماً تا الله
اعتداء على المدارس و المساجد و المَشافي
مَنْعٌ لدخول الغذاء و الماء و الوقود و الكهرباء
ملَلْت سماع حديث المُحلّلين في شأن الجرائم
كلامٌ إنشائيّ يطول و يطول بسبب الإطناب
و ما يجرحُني و يُدمي قلبي تصريح مُجرِم
تصريحات العسكريين الصهاينة كلّها أكاذيب
أَعيب على قناة تبُثّ حديث الصّهايِنة القذِرة
ما يُريح فؤادي تصريحات المُقاومين البواسِل
يعدّون و يُحصون خسائر العدو في الميدان
أُريد الخروج من المَقهى بعد أن صُدمْت صَدماً
مشهَدٌ من المَشاهد المألوفة المُهوِلة المروِّعة
تدميرُ العدوّ لمنزلٍ يأوي عائلةً جلهم شهداء
حُرقَةُ قلبٍ و عذابٌ تَغلْغلَ في أعماقي
احترقَ فؤادي و تَمزّقت أحشائي يا رحيمُ
حاولتُ الخروج من المقهى فاقد العقل تائِها
خاطَبني غريب، ماذا أصابَك؟ ما بك يا رجلُ؟
لم يعلمِ الغريبُ أنّ قلبي مُمزّق حزين كئيبُ
أجابتُه، ضَلَلتُ طريقَ الخروج يا صاحبي
أُناشدُك يا صديقي دُلّني باب الخروج
أنا مسكين مُحتاج إلى أُنْس و أنيس
وقتٌ اشتدّت فيه وطأة الأحزان و قوَت
خرجتُ و انصرفتُ كأنّ بي داءً و لا دواءُ
أَسير، أتخبّط في الطريق لكوْن العقلِ غائبُ
عقل مهووس لم تعُد له مقدرة على التفكير
راجعتُ نفسي لحظةً فكَبحتُ جِماح اليأس
قُلتُ، مُنذُ عقود عديدة و الشعب يُقاوِم العدو
شعبٌ لا كالشُّعوب شُجاعٌ على أرضه صامِدُ
لم يرضَخ و لم يخنًع للكيان المُحتلّ الجَبان
تاريخُه مَليء بالبُطولات و التضحيات الجِسام
منذ النّكبة إلى اليوم و الكيان لا يعرف أمْنا
شعبُ مُتشبّتٌ بالأرض وراءَ مُقاوَمةٍ مِقدامة
ملحمَة عظيمة عجيبَة صَنَعَها شعب عريقُ
يا أبطال غزةَ و الضّفةِ و القدسِ نَصرُكم قريبُ
تحريرُ الأرض و دَحر الكيان و إنشاء دولة
على الأراضي المُقدسة عاصمتها قدس شريف
قريباً عاجلا يعود اليهود إلى الشتات مُرغمين
لا مَوْطِنَ لهم و لا وَطَن مَآلُهُم لا محالة رحيلُ
قومٌ بربريٌ همجيٌّ مُجرِم قد حان له الزّوال
سيذهَبون إلى حيْثُ ينتمون إن وَجَدوا مكانا
سينتهي بهمُ الأمْر إلى مَزبلة تاريخ الإجرام
هنيئاً لشعب فلسطين الأبي العزيز المِقْدام
قد صنَع المَجد و العِزة و الفخر طِوال العقود
ها هو يجني ثمار تضحياتِه الكبار الجِسام
تحرُّرٌ و بناءُ دولةٍ و العاصمةُ القدسُ الشريفُ.