
#معاداة_الفلسطينيين Anti-Palestinianism
بيبي في ألمانيا، وهو من هناك لا يرى بلاد الدوتشلاند على أنها ديمقراطية محضة مثل “دولته اليهودية الوحيدة” في هذا العالم المتوحش. ولكن كيف يرى هؤلاء الجرمان والأنكلوساكسون والفرنجة والصقالبة واللاتين والسلاف والفيكنغ والإغريق والنورديين وأصحاب الشعر الأحمر والعيون الزرقاء.. وغيرهم من سكان الشمال “العالي، المتحضر”… كيف يرى كل هؤلاء، صلعنبي، أن هذه الإسرائيل “اليهودية الوحيدة” ديمقراطية؟
لقد سمح النظام السياسي الذي فرضه الغرب على العالم منذ نحو أربعة قرون، لمجتمع المستوطنين الأوربيين الاستعماري في فلسطين في إنشاء كيان سياسي بمزاعم سيادة قومية\ إقليمية على الأرض، وبأن يبقى دون تحديد، ودون حدود وأن يمضي في مشروعه الاستعماري ليس فقط من خلال نداءات صهيونية متمركزة إثنيا يختلط فيها الديني بالصوفي و العنصري الرجعي بالفلسفي للمهمة المسيانية “لاسترجاع ” يهودا والسامرة (قلب الكتاب المقدس العبري)، بل أيضاً -وبمؤازرة دولية- بخلق جبهة أخرى في تعميم “الحرب على الإرهاب”، من خلال إضفاء الصبغة الأداتية النفعية على الوجود الإنساني الفلسطيني، و التدمير الكلي لهيئاته المجتمعية، لأن هذا هو السبيل الوحيد -بزعمهم -الذي سيؤدي إلى ” اجتثاث البنية التحتية الإرهابية”. وهذا يقوم، بدوره أيضاً، على التلاعب الفظ لخداع الطبقة السياسية الحاكمة في إسرائيل التي ترى بأن العنف السياسي سينتهي ما إن يتم القضاء عليه بطريقة ما. (ولكن كيف؟ لا أحد يعرف، فسرّ هؤلاء باتع جداً) دون الإشارة إلى الأطر التي تشكل هذا العنف، بل وحتى تجاهل الظروف التاريخية والجغرافية التي أعادت إنتاجه، مما يعفيهم من المساءلة إزاء ما يقومون به على نهج “محاربة الإرهاب”. فضلاً عن حرف المسار الحقيقي لمقاومة للاحتلال من خلال نثر غبار “التطرف الإسلامي” في وجه من ينتقد السياسات الإسرائيلية، فتقوم إسرائيل وإعلامها وإعلام أصدقائها الأبعدون والأقربون بتحميل الفلسطينيين كمجموع مسؤولية التصعيد دون النظر للأسباب الحقيقية التي تعود بالأساس للاحتلال ذاته وممارساته. وهو ما أكده المراسل الحربي لصحيفة “يديعوت أحرونوت” يهوشواع يوسي بقوله أن “الإرهاب موجود في شبكة الانترنت. وصفحات الفيسبوك مليئة بالتحريض، ويمكن العثور في موقع يوتيوب على الخطوات اللازمة لإعداد سيارة مفخخة بكبسة زر”.
وفقاً لهذا المنطق الملتوي للسياسة الإسرائيلية يستطيع نتنياهو، أو أيا يكن في موقعه، الزعم أنه إسرائيل “تحتاج” إلى شريك حقيقي للسلام، مما يستوجب على الفلسطينيين أن يردّدوا على الدوام -مثل التلاميذ الصغار- نبذهم للإرهاب، علما أن هذا الإرهاب تم تحديده كـ”هوية” لهم. ويمكن استكمال الرواية بأن يقوم الجيش الإسرائيلي “بمساعدة الفلسطينيين للتغلب على أنفسهم” من خلال اغتيال قيادات “جهادية إسلامية” متطرفة، وهو إذ يقوم بذلك سيتقبل بكل طيب خاطر “الأضرار الجانبية” التي قد تنجم من جراء انخراطه، ومن خلفه الإسرائيليين في هذه “المهمة الحضارية”. ولذلك هم “ملتزمون” باستخدام القوة فقط من أجل تحقيق “غايات نبيلة”. ونظراً إلى “افتقار” العقل العربي “للتجريد” ولبعض “التصورات” مثل “مفهوم التسوية” فسوف يحكم عليهم بالهمجية وعلى عقلهم بالفشل، بينما تمثل إسرائيل -من خلال تقييمها الذاتي الباذخ- “طليعة الثقافة ضد الهمجية.. إنها فيلا وسط غابة” على حد زعم إيهود باراك ..” إنها “جدار حماية” للغرب. وهكذا سيقوم “الجيش الأكثر أخلاقية في العالم” بارتكاب جرائم حرب بمنطق يسوغ قتل المدنيين الأبرياء وهو على وجه التحديد ذات المنطق الذي يحدد هوية الإرهابيين وفقاً لحقل أوهام عقيدة هذا الجيش، ويضع عبء على الضحايا لإثبات براءتهم من “دنس ” انتماءاتهم الإثنية و الدينية الضيقة.
وإذن.. من الضروري للغاية، بل ومن الواجب أن نستمر في الإصرار على البعد الاستعماري للصهيونية، وأقصد الاستعمار بمعناه الكولونيالي التاريخي التجريبي و النظري ، وـي مرادف ممكن يخطر على البال في هذه اللحظة أو أي لحظة, إن ركاكة المزاعم بعدم وجود أساس استعماري في قيام إسرائيل هو، بلا ريب، أمر مثير للشفقة فضلاً عن هزالته و إمكانية الدحض الجدلي لمثل هذه المنظومة الأخلاقية المعطوبة ولهذا الخلل القيمي الفاضح .إن إصرارنا على تسمية إسرائيل كاستعمار “وليس فقط احتلال” هو ما سيحدد أصلاً إن كنا نستحق الحياة ذاتها، وهو إصرار لم ينتجه موقف عصابي رغبوي ارتجالي آني، بل هو موقف عن سابق إصرار و ترصد من باب العناد