الرئيس بايدن ينقذ اسرائيل من نفسها
بقلم مروان سلطان. _. فلسطين
26.3.2024
——————
من الواضح ان قرار مجلس الامن رقم 2728 الذي اقر ليلة امس جاء بعد ان امتنعت الولايات المتحدة الامريكية عن التصويت بحق النقض الفيتو واكتفت بالامتناع عن التصويت. اي كان شكل الذي اتخذ فيه القرار ، فمن الواضح ان الولايات المتحدة وتحديد البيت الابيض وجه رسالة الى رئيس الوزراء الاسرائيلي بعدم التطرف والولوج الى تصرفات قد تربك حسابات الولايات المتحدة الامريكية والتي تواجه انتقادات لاذعة من الشارع الامريكي المحلي ، والمنظومة الدولية التي يشتد اوارها يوما بعد يوم. نتنياهو الذي اخذ على عاتقه خوض الحرب حتى النصر ، فان كل الذي ظفر به هو القليل القليل مما يتطلع اليه وبعد ستة اشهر من الحرب. توجهات نتنياهو في تحرير الرهائن الاسرائلين لم تتم في اغلبيتها الا من خلال التفاوض ومشاريع الهدن التي اطلق فيها بعض سراح الرهائن. لا اعتقد ان نتنياهو وحكومته اليمينية هي مهتمه في شان الرهائن الاسرائلين ، نتنياهو لديه اهتمامات بعيدة المدى في قطاع غزة يحتاج الى وقت طويل لتنفيذها بعد احتلالها ، اضف الى ان نتنياهو يتطلع الى دخول رفح وطبعا لن يكون على صعبا جيشه احتلال رفح، بل هو تحصيل حاصل تعتبر رفح ساقطة عسكريا بعد احتلاله لكافة مناطق القطاع الاخرى، لكن نتنياهو يريد ان يحقق هدفا مهما وهو ان يكون بطل دولة اسرائيل في تحقيق نصر على اعداء اسرائيل كما يرى الفلسطينين من خلال كتاب التوراة الذي يتلو منه اجزاء امام جيشه ومؤيديه يدعو فيه للفتك بالعماليق. صورة النصر هذه يراها نتنياهو تتويجا لجهوده والتي هي ستخرجه من ازمته امام المحاكم الاسرائيلية ويفك الحبل من حول رقبته الذي بدون ذلك يواجه مسؤولية الفشل الامني في السابع من اكتوبر والقضايا التي تلاحقه في المحاكم الاسرائيلية.
وبالتالي فانه مخطئ من يظن ان الولايات المتحدة او الحزب الديمقراطي الامريكي تتخلى عن اسرائيل ولو لحظة ما. ومخطئ من يظن ان السبب في اتخاذ القرار جاء لضغوط الجبهة العسكرية، ولكن اسرائيل تواجه اليوم ضغوطا محلية ودولية كبيرة بسبب ما سببته الحرب للمدنين الفلسطينين في غزة، لدرجة ان مسؤولين دولين قالوا من المحتمل ان اسرائيل ستواجه عقوبات ستفرضها دول العالم على اسرائيل بسبب جرائم الحرب التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني في غزة.
ما يحدث ان نتنياهو وحكومته اليمينية ماضية في سياستها وتغولها في قطاع غزة وهو ما يراه المجتمع الدولي بما فيها الولايات المتحدة انها ترتكب جرائم حرب دون حساب لرادع او عقاب.
لقد حذر المسؤولون الامريكيون نتنياهو من الاستمرار في عناده وتصرفاته غير المحسوبة وفق معايير المجتمع الدولي، وصعد من لهجته بخصوص العمليات العسكرية في رفح، ومع اصراره هذا وتميع مفاوضات الجارية في قطر تحت الاشراف الامريكي ، من اجل ان ينفذ نتنياهو اهدافه والقيام بالعملية العسكرية في رفح. لذا لقد اثرت الولايات المتحدة ان يصدر قرارا عن مجلس الامن لوقف العمليات العسكرية حتى وان كان القرار على غير ما ترغب اميركا، ولكنه استباقا لما يمكن ان يحدث لو بدئت العمليات العسكرية في رفح.
الحقيقة ان رفح تكتظ بالنازحين الفلسطينين الذين اجبروا على ترك اماكن سكناهم في مختلف المناطق في غزة وتكدسوا في تلك البقعة الصغيرة ليصل عددهم اكثر من مليون وربع شخص. الهجوم على رفح له حسابات عميقة تتعدى الشان الفلسطيني والمحتجزين الاسرائيلين، لتمتد الى الاقليم ايضا مع مصر التي من الممكن ان تشكل احتكاكا وتحديا لاتفاقيات كامب ديفيد.
اللاجئون في رفح ، في اي حراك يدفع باتجاه نقلهم سيسبب مجازر تتعدى ما حدث في المناطق الاخرى في قطاع غزة، لا يوجد ممرات امنة والضحايا سيكونوا بالاف، وهذا سيكون له تبعياته على دولة اسرائيل، مسؤول العلاقات الخارجية في الاتحاد الاوروبي قال في هذا الشأن موجها كلامة الى رئيس وزراء اسرائيل “اين تريد نقلهم ، هل يوجد مكان ، هل تريد نقلهم الى القمر “. معبرا تن امتعاضه على العملية العسكرية في رفح . دول العالم رغم تقاعسها بشان الوضع الانساني الذي يعيشه الغزيون الا انهم يقفون سدا منيعا باتجاه الهجوم على رفح.
لهذا السبب ارادة الولايات المتحدة ان يصدر قرارا عن مجلس الامن بخصوص وقف اطلاق النار، ارادة الولايات المتحدة ان تقد اسرائيل من تعنتها ، واستكبارها واستعلائها والذي سيسبب لها مشاكل في العمق الدول ومنصات المنظمات الدولية. لذا ذهبت الادارة الامريكية خطوة الى الامام لاستباق ما يمكن تجنبه من عقوبات على دولة اسرائيل تفقد فيها اسرائيل قبل كل شئ المنظومة الدولية التي وقفت الى جانبها في شن العدوان على غزة.
