مقالات

كيف تفكّر وتفيد المجموع؟

كيف تفكّر وتفيد المجموع؟

بكر أبوبكر

 

من الأشكال في ذلك: قلها ولاتتردد، انشرها ولا تكلّ، لوّنها، كتّل حولها، اعقد الحوارات والاجتماعات والندوات بشكل دوري لتكرس أو تناقش وتعدل الفكرة خاصة في حشد من المفكرين أو الايجابيين أو المتفاعلين. وفي دراسة أخيرة وجد أن مجالسة الايجابيين تزيد وعي الأخر 20 الى 30% وكما يرمي إليه المثل العربي (جاور السعيد تسعد).

 

الخطة فكرة لمشكلة وبرغبة الحل، والمشكلة احساس واعتراف بها يؤدي لمحاولة حلها، فان لم يوجد الاحساس إذن لامشكلة. ودعنا نسأل هنا هل إن حالة الإقرار بالمشكلة  تفيد الخطة؟ لأجيب: نعم حين تحمل المؤسسة والقائد الخطة، وتتابع التنفيذ.

 

ولا تفيد الخطة النتيجة المتوقعة منها في حالة الاستبداد أو الإهمال فهما يلغيانها، ولكن يمكننا القول أيضًا أن الإدارة (أو القيادة) الناجحة ترحّب وتحمل الفكرة-حتى المختلفة معها- والإدارة السيئة او الاستبدادية أو العقيمة والإقصائية تهملها كما تهمل قائلها ولربما تلطّخه بشتى الاتهامات.

 

حين نسأل عن العلاقة بين الكُتّاب أو المواطنين أو المفكرين والفكرة والنقد والخطة يمكننا القول أن قيمة ما نقول من فكرة أو نقد أو رأي أو تحليل يشكّل بالحد الأدنى استفادة عقلية ذاتية للقائل أو الكاتب، ومجال تأثير محدود أو يتسع وفق الدوائر حولك فيمن يرغب أو يهتم (من دائرة الأصدقاء فدائرة المتابعين، فدائرة الجماهير)، لأنه ليس لدينا خاصة الكُتّاب والباحثين والمفكرين أداة تنفيذية بمعنى أن منطق التأثير بالجمهور هو هدف بحد ذاته قد يجلب التغيير الا إن وقعت الفكرة أو النقد موقعًا مقبولًا لدى القائد أو المنقود فقد ينتقل للتنفيذ.

 

دعني ألخص في هذه المقدمة أننا كمناضلين أو كُتّاب أو كوادر يجب أن  نعمل لله سبحانه وتعالى ومرضاته، ولفلسطين عبر القناة التي نراها مناسبة سياسية أو اجتماعية او ثقافية وفي سياق شعارنا الثلاثي، سياق الأداء بالرسالية والنضالية والمثابرة/الديمومة.

 

وحين يصدمك البعض بالاستسخاف أو الاستخفاف أو الطعن أو إدارة الظهر لما تقوله وأنت مؤمن به أنظر لنفسك وما تقوله وأخضعه للنقد دومًا أو أطلبه وراجع، فلعلك مخطيء في مساحة أو نقطة أو أكثر أو أنك تحتاج لتعميق الفكرة أو تعديلها أو حتى الغائها.

 

والسؤال لمجموعنا هل نتوقف حين الطعن ومشتقاته؟

نقول لا.

 

لننظر ونتمعن ونتفهم مما قاله عالم النفس الشهير سيجموند فرويد أن “الجماهير لم تكن مطلقًا متعطشة الى الحقيقة. هم يطالبون بالأوهام، ولا يستطيعون الاستغناء عنها. هم دائما يعطون الأولوية لما هو غير حقيقي على ما هو حقيقي؛ إن تأثرهم بما هو غير صحيح يكاد يعادل تأثرهم بما هو صحيح.لديهم ميلٌ واضح الى ألا يميزوا بين الاثنين”[1]

ولنفهم فكرة أبن المقفع أيضًا حين  أشار الى (صعوبة هضم الآخرين لما لم يعرفوه أو يألفوه). ونفهم أيضًا الجو العام والفكرة المستقرة (نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا- من الآية170  البقرة، ألفينا بمعنى ما وجدنا) والجو الانفعالي العاطفي التهييجي حولنا، ولكن لا نتوقف لأن الكلمة أمانة وأنت على نشرها أوإيصالها مؤتمن.

 

أو كما قال سيد الخلق “أفضلُ الجهادِ كلمةُ عدلٍ عند سلطان جائرٍ”، والسلطان هو القائد، أوسلطان الكذب والتضليل والتهييج الإعلامي، وسياسات الدول والمؤسسات والمنصّات الكاذبة والمخادعة أوالزعماء الذي يؤثرون صورتهم القشيبة على الحق.

 

الفكرة والنقد عند الإسرائيليين

في نموذجنا هنا حيث التعلم من عدوك، يتقدم الإسرائيليون علينا مسافة كبيرة في عقلية النقد والنقد الذاتي عامة، ولمسار العدوان الصهيوني، وكما هم بما يتعلق بقضاياهم الأخرى الكثيرة ومنها العنصرية، فإن الاستفادة من تقنيات التفكير والنقد لعدوك أو محتلك تعدّ تجربة مثيرة فإنها بالحقيقة تعدّ استفادة يجب الأخذ بها أي بالآلية والتعلم والاستفادة بتطبيقها عندك؟

من المعلوم أن النقد الإسرائيلي وممارسة الديمقراطية –عندهم-بمعناها الغربي كامل المواصفات محصور في الإطار اليهودي، المجتمع اليهودي في فلسطين، فتحولت الى ديمقراطية “عنصرية”، أو مثل ديمقراطية روما القديمة التي ميّزت مولودي روما “الرجال الأحرار-الأشراف” دون غيرهم من الأقوام الأخرى.

نأخذ في سياق المقارنة بمنطق الفكر والنقد داخل ذات الفئة (كما داخل الحزب او الجماعة)، ونحاول أن نستفيد منه بيننا داخليًا فلا يظن أحدكم أننا نعني أن الكيان الإسرائيلي ديمقراطي!

وهو منطق ساقط في ظل فهمنا أن “الدولة” الإسرائيلية بعنصريتها الممنهجة لا تعترف بحق تقرير المصير للفلسطينيين، ولا تعترف ب”المواطنة” لكل ساكنيها أي الفلسطينيين العرب واليهود.

إن العرب الفلسطينيين السكان الأصلانيين داخل الكيان يتعرضون للتمييز وللفصل العنصري، إضافة الى أن الكيان “الديمقراطي” يحتل ويقتل ويحاصر ويعتدي على جزء آخر، وهو الشعب الفلسطيني في الشق الآخر من البرتقالة الفلسطينية.

الاحتلال قطعًا نقيض الديمقراطية، كما العنصرية والتمييز الذي يتم بلا أدنى إحساس بالانسانية التي هي جزء من الممارسة الديمقراطية، حيث لا ديمقراطية مكتملة دون حرية، أو مواطنة متساوية أو دون عدالة.

في ضوء فهم كل ما سبق يبقى أن الاستفادة من ملامح شكل أو آليات أو ضرورات وتوقيتات النقد والمراجعة والتفكير واردة بسياق الأخذ من تجربة الإسرائيلي، والتفكّر. (سلسلة نجمعها تحت عنوان: النقد المحرم وجريمة التفكير)

https://bakerabubaker.net/

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب