مقالات

الذكاء الاصطناعي يضع البشر على أعتاب الله،- بقلم د. رياض العيسمي

بقلم د. رياض العيسمي

الذكاء الاصطناعي يضع البشر على أعتاب الله،
والسلاح النووي يفتح أبواب الجحيم للبشرية، والتغير المناخي والمخاطر البيئية قنابل موقوتة تنذر بفناء كوكب الأرض، فهل يرعوي ذوي الألباب؟
د. رياض العيسمي
الذكاء الاصطناعي والسلاح النووي والتغير المناخي مصطلحات لم تعد حكرا على العلماء وذوي الاختصاص، بل أصبحت مصطلحات عامة يتداولها الناس في مختلف المجتمعات في العالم. وأصبحت حديث الساعة يتم تداولها بكثرة على وسائل التواصل الاجتماعي.
ففي الوقت الذي ينهمك فيه قادة العالم الكبار للاستئثار بمسؤلية وضع اسس النظام العالمي الجديد، يتجاهلون بأن العالم نفسه قد أصبح في خطر. والنظام الذي يحاولون فرضه عليه لن يكون ذا قيمة في حال عدم وجوده. فالخوف من سطوة الذكاء الاصطناعي وخطره على مصير الكون قد وصل إلى أعلى المستويات طالت حتى الآباء المؤسسين له والقائمين عليه. واندرج على جدول أعمال الكونغرس الأمريكي. وخصصت له العديد من جلسات النقاش والمرافعات. كما وجاء من أجله رئيس وزراء بريطانيا السيد ريشي سوناك إلى الولايات المتحدة خصيصا ليناقش مع إدارة الرئيس بايدن إمكانية تأسيس منظمة عالمية للذكاء الاصطناعي على غرار منظمة الطاقة النووية تقودها بريطانيا. لا شك بأن الذكاء الاصطناعي بات يشكل خطرا اكثر فتكا في البشرية من السلاح النووي. فهو بامكانه أن يخلق جيشا جبارا من الروبوتات التي يمكنها أن تقاتل على كل الجبهات وتحارب بأعلى المستويات. وهو يمكن أن يخلق ويطور ويجدد كل أنواع الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية الفتاكة التي ليس مقدورها أن تحصد أرواح ملايين البشر وحسب، وإنما أيضا تستطيع أن تخلق خللا بيئيا يقصر من عمر كوكب الأرض. وعلى سبيل المثال، لا الحصر ، لقد أصبح بمقدور أي مبرمج رقمي متخصص ويستطيع اختراق الكود الأمني من أي مكان في العالم من رفع نسبة مادة الكلورين المستخدمة في تنقية مياه الشرب في أي مكان وبما يحول ماء الشرب إلى مادة سامة قاتلة. وكذلك يستطيع مبرمج آخر تعطيل الكهرباء في المستشفيات التي يحتاج فيها المرضى إلى كهرباء لتشغيل أجهزة معينة للبقاء على قيد الحياة كأجهزة غسيل الكلى وأجهزة علاج السرطان بالكيمو. هذا عدا القدرة على انتاج فيروسات مخبرية قاتلة تتفشى بسرعة خارقة وبلا حدود كفيروس كورونا. وهذا ينسحب على الاسلحة الكيمياوية والنووية. لكنه وبالمقابل للذكاء الاصطناعي، كما للطاقة النووية السلمية، الكثير الكثير من الفوائد العلمية المكتشفة منها والتي في طريق الاكتشاف. واهمها دراسة المستقبل للتعرف على المشاكل التي يمكن أن تحدث فيه ووضع الخطط اللازمة لمنع حدوثها. ومن أهمها في مجالي الصحة والبيئة. وكما تستخدم الطاقة الاشعاعية في تطويق المناطق المسرطنة في جسم الانسان، يستطيع الذكاء الاصطناعي ان يكتشف امكانية اصابة الانسان بمرض السرطان أو أمراض اخرى مشابهة أوغير مكتشفة منذ المرحلة الجنينية. ويساعد على ابتكار الحلول التي تمنع حدوثها.
إن من شاهد منظر مدينة نيويورك قبل يومين وكمية الدخان البرتقالي الملوث الذي كان يلف ناطحات السحاب وعلى مد النظر فيها ويقلل من كمية الأكسجين التي يحتاجها البشر للتنفس، والذي كان قد جاء من شرق كندا مخترقا الحدود والبحار والسماء، لا يسعه إلا أن يفكر بأهمية وضرورة استخدامات الذكاء الاصطناعي في تقدير التغيرات المناخية التي تتسبب بارتفاع دراجات الحرارة التي تؤدي إلى الجفاف الذي يتسبب بالحرائق في الغابات والمحاصيل الزراعية. وكذلك إن زيادة منسوب الاحتباس الحراري في الجو يقود لاحقا إلى ذوبان الجليد والفيضانات التي يمكن أن تغرق الأرض برمتها. ولو كان هناك من استخدم امكانيات الذكاء الاصطناعي للاغراض الانسانية، لكان عرف بالحرائق قبل وقوعها. واكتشف امكانية الفيضانات قبل وقوعها. ولكان ابتكر الحلول لها ومنع الكوارث قبل حصولها.
كل العلماء المتخصصين باتوا يجمعون اليوم على الخطر الداهم الذي يهدد كوكب الأرض والبشرية. ويحذرون من الاستمرار في نفس المسار القديم. هذا في الوقت الذي بدأ الذكاء الاصطناعي يضع البشر على اعتاب الله، والاسلحة النووية تفتح أبواب الجحيم للبشرية، والتغيرات المناخية والمخاطر البيئية أصبحت قنابل موقوتة تحت عرش الكوكب، فهل يرعوي ذوي الألباب؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب