
الدكتور حقي اسماعيل حقي
بقلم الدكتور ضرغام الدباغ -العراق-
الرفيق حقي اسماعيل حقي، الدكتور الاخصائي في الأمراض العصبية حقي اسماعيل حقي، العميد في الجيش العراقي، هو أحد الشخصيات النادرة في العراق.
عام 1956 ، كان حقي يدرس في الكلية الطبية، على نفقة وزارة الدفاع، وعندما اندلعت المظاهرات في بغداد والعراق بأسره أحتجاجاً على الحرب العدوانية على مصر، وتضامناً معها، تزعم الرفيق حقي أسماعيل حقي التظاهرات التي كانت الكلية الطبية معقلاً من معاقلها. وفي ذروة التظاهرات، تسلق حقي أسماعيل حقي أعلى بناية الكلية الطبية، إلى السارية، ويرفع العلم العربي (علم حزب البعث العربي الاشتراكي) ويهتف بصوته الجهوري : يا نوري إن كنت ريح فالبعث أعصار، وإن كنت مارداً فالبعث عملاق.
أعتقل حقي وقابله نوري السعيد بوصفه طالباً عسكرياً، وأطلق سراحه، بعد جلسة حديث تستحق روايتها في وقت آخر، أكمل حقي الكلية الطبية، وأختار التخصص في الأمراض العصبية، وحصل على أختصاصه من أرقى كلية في العالم في هذا التخصص : معهد زيغموند فرويد في فيينا / النمسا. وهو معهد يصعب استحصال القبول فيه، والأصعب التخرج منه بلقب الاختصاص، وبدرجة رفيعة كالتي حصل عليها الدكتور حقي، وعاد للخدمة في الجيش، وكانت له أبحاث ودراسات منها : علم نفس القيادة، وعمل في مكتب وزير الدفاع الفريق الأول الركن عدنان خير الله رحمه الله.. حقي وإن أبتعد بهذا القدر أو ذاك عن عين الزوبعة، لكنه ظل في ضميره ذلك الإنسان الذي تراكمت عليه همومه، ومتاعبه الصحية والشخصية والسياسية، ولكنه واصل السير وواصل التمسك بالمبادئ رغم الصعاب.
حدث أن تعايشت مع د. حقي لمدة سنتين، في صداقة وأخوة حقيقية، كانت ظروفه الصحية والعائلية غير حسنة، وكانت الحياة وتقلباتها قد حفرت في جسده دون روحه، وكان يروي لي قصصاً وأعاجيب لا تصدق، ومن تلك أحداث تعامل معها بصفته طبيب أمراض نفسية وعصبية، وكانت لديه ملفات 10 ألاف مريض في عيادته، حرص أشد الحرص أن لا تقع بأيدي غير أمينة، فأتلفها. وبرغم محبته الشخصية لي وثقه لا حدود لها، ‘ذ كان يروي لي قضايا وأحداث مهمة شخصية وعامة، إلا أنه كان يتجنب أن يذكر أسم واحد من أسماء القضايا التي عمل عليها، وكان يقول لي، وأنا شخصياً بوصفي ضابط شرطة قديم، صحيح أني تركت الشرطة مبكراً، إلا أن أصدقائي وطلابي من الضباط يرون لي ما يدور من خفايا في بغداد لا تصدق يشيب لها رأس الولدان، الدكتور حقي كان يروي لي بعض من هذه الأحداث، ويعطيني نسب واحصائيات، أقل ما استطيع أقول فيها : أنها تدوخ أكبر رأس …! ولكن دون ذكر أسم لشخصية منها.
الرفيق / الدكتور / العميد حقي أسماعيل حقي خزانه علم وتجارب، وأنا أعتقد أنه ثروة عراقية
حفظ الله الدكتور حقي أبو أحمد ورعاه وهذه الخاطرة لذكرى الصداقة وسنوات وتجربة كبيرة عشناها معاً