من تحت الحصار بغزة… – عن الطبقة العاملة ومخاطر التوطين في مشهد الانحطاط العربي الرسمي الراهن
بقلم غازي الصوراني
بلغ إجمالي تعداد الشعب الفلسطيني نهاية عام 2023 حوالي 14.5مليون نسمة، منهم كمعدل متوسط 25% يندرجون في إطار الطبقة العاملة يتوزعون في الوطن والشتات (ترتفع هذه النسبة في مخيمات اللجوء إلى أكثر من 40%)،يعيشون في ظل أوضاع طبقية محكومة بكل مظاهر الاستبداد والاستغلال والبؤس، خاصة أولئك العمال والفقراء من اللاجئين الفلسطينيين الذي تعرضوا -ومازالوا- لأبشع أنواع المعاناة والتشرد وأبشع ممارسات الإرهاب والتجويع تراكمت في عقولهم ووجدانهم عوامل القلق على مصيرهم الوجودي الذي بات مهدداً في هذه المرحلة بتنفيذ مخططات التهجير والتوطين في بلدان أوروبا وأمريكا الجنوبية وكندا والولايات المتحدة الأمريكية وفي البلدان العربية كما هو الحال في الأردن، في ظل تواطؤ عربي رسمي يسعى إلى الخلاص منهم وفق المخططات الأمريكية الصهيوينية.
ففي المشهد العربي الرسمي المنحط الراهن، نلاحظ طغيان حاله من الانكفاء تحت مظلة الشعارات، المحلية/ القطرية، ذات الطابع المطلبي المعيشي، والديمقراطي، كشعارات رئيسية، في مقابل خفوت أو غياب الشعارات السياسية الوطنية والقومية المناهضة للإمبريالية والصهيونية، إلى جانب تراجع الشعارات المؤيدة للقضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني بصورة غير مسبوقة، الأمر الذي يدفعني إلى القول بأن حالة الاستسلام والخضوع العربي الرسمي، أسهمت في تراجع القضية الفلسطينية في الذهنية الشعبية العربية، والسبب في ذلك لا يعود أبداً إلى رغبة الجماهير الشعبية العفوية الثائرة، بقدر ما يعود إلى طبيعة سياسات الأنظمة الحاكمة، وطبيعتها الطبقية الكومبرادورية البيروقراطية الطفيلية، واستبدادها وقهرها لجماهير العمال والفلاحين الفقراء، إلى جانب خضوعها وتكيفها مع السياسات الإمبريالية والصهيونية، وتكيفها مع شروط الصندوق والبنك الدوليين التي أدت إلى المزيد من إفقار وإملاق ومعاناة الجماهير الشعبية الفقيرة بصورة غير مسبوقة.
لقد توضح خلال العقود الماضية، بأن الدولة الصهيونية معنية بالسيطرة على كل فلسطين، وأنها جزء من المشروع الإمبريالي للسيطرة على الوطن العربي.. لذلك يجب أن تتأسس الرؤية لدى كافة قوى اليسار الثوري في فلسطين والبلدان العربية، انطلاقاً من ذلك وليس من خارجه، فالدولة الصهيونية هي مركز ثقل الوجود الإمبريالي في الوطن العربي، وضمان استمرار التجزئة والتخلف العربيين.. لهذا بات ضرورياً أن يعاد طرح الرؤية الوطنية التحررية من قلب الرؤية التقدمية القومية الديمقراطية الأشمل، التي تنطلق من فهم عميق للمشروع الإمبريالي الصهيوني وأدواته البيروقراطية والكومبرادورية والرجعية، من أجل أن يعاد تأسيس نضالنا الوطني والديمقراطي على ضوء هذه الرؤية، ولا شك في أن هذه المهمة هي مهمة القوى والفصائل اليسارية الثورية في فلسطين والوطن العربي، فهل تبدأ هذه القوى بالعمل على استنهاض ذاتها لكي تستعيد دورها الطليعي أم أنها ستظل على حالتها الراهنة من الرخاوة والنكوص والتراجع ؟؟؟
المصدر: https://www.riadinoureddine.com
Post Views: 29